IMLebanon

مبادرة فرنسية أم أفكار؟

الأفكار الفرنسية تبدو وكأنها أقل من مبادرة، وأكثر من رغبة، في المساعدة على انقاذ لبنان.

طبعاً، هي ليست مجرّد أفكار للوزير جان مارك ايرولت، وليست طبعاً مجرّد طروحات للرئيس الفرنسي هولاند.

لكنها، في الواقع تعبير عن مكنونات الاثنين.

وما يؤكد ذلك، حجم اللقاءات التي أرادها الوزير الفرنسي، سواء في قصر الصنوبر، أو في السراي الحكومي الكبير، أو في عين التينة.

وعندما يكون الوطن، من دون رئيس جمهورية، لا بد من التشاور مع رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.

وقبل اللقاء مع الرجلين، عقد الوزير ايرولت، اجتماعات مع قادة كبار لبنانيين في مقر السفارة الفرنسية، في قصر الصنوبر.

كما أكملها في اليوم الثاني من وجوده في لبنان بلقاءات لا بد منها في بكركي، مع غبطة البطريرك الراعي العائد من الخارج بمهمة جديدة، تعزز مكانته اللبنانية.

ولعل اجتماع ايرولت بالسادة المطارنة، فرصة لتكوين إجماع لبناني، على تصور حلّ سياسي لمسألة رئاسة الجمهورية المجمّدة والمعطّلة منذ أكثر سنتين وثلاثة أشهر.

ولو حمل الوزير الفرنسي أفكاراً محدّدة، لكان كثيرون، قد وصفوا مهمته في بيروت، ب مبالغة في عواطف الأم الحنون تجاه وطن تشعر فرنسا بأنه جزء منها، وإلاّ لما كان ثمة نكهة ليوم فرنسا في لبنان، مطلع كل عام جديد.

***

طبعاً، أحب الوزير ايرولت، ان يؤكد ولاءه للرئيس هولند، لا منافسه المقبل على الرئاسة التي طمع بها من سبقه في منصبه، إلاّ أن الوزير الجديد، أحبّ ألاّ يجعل هولاند، مثل من سبقوه الى الرئاسة الأولى من أمثال الرئيس ساركوزي، وربما أراد أن يجعل من الرئيس هولاند، على صورة الرئيس الأشتراكي فرنسوا ميتران، أو على نهج الرئيس الديغولي جاك شيراك.

وربما أحبت فرنسا أن تطلّ على لبنان، في هذه الأيام بالذات، لتؤكد صرامتها في ارادة انقاذ لبنان من الفراغ الرئاسي، وبين الارادة والصرامة نهج فرنسي معتمد من أيام البطريرك الحويك، وبين قصري فرساي والاليزيه.

وهذا، إن دلّ على شيء، فيدلّ على ان الأم الحنون لا تزال حنونة الى الوطن الذي رعته وأحبته، على مدى ما عرفته باريس، عندما كان يزورها الرؤساء والقادة اللبنانيون في السنوات الغابرة.

وفي لبنان لا تزال معظم القوانين والدساتير مستوحاة من مجالس فرنسية سواء في مجالس الشيوخ أو في الجمعيات الوطنية الفرنسية، وهذه اشارة على أن لبنان لا يزال يستمد دساتيره والقوانين مما اعتمد في فرنسا.

ولعل اشارات الوزير ايرولت، الى رغبات فرنسية في عقد اجتماعات خلال الخريف المقبل، تعزيزاً ل اتفاق الطائف أو ترويجاً لما جرى اعتماده في الدوحة، تشبه الى حدّ بعيد الاصرار الفرنسي، على اعتماد ما هو أكبر من مؤتمرات، سبق واستضافتها فرنسا، لكفء الخلافات بين اللبنانيين، ايماناً، بأن الحوار وحده هو الطريق الى حياة حرّة، مليئة بالتفاهمات لا بالتشنجات.

ولعل الوزير الفرنسي حرص ويحرص على أن تمرّ مهمته في بيروت في هذه العناصر مجتمعة.