IMLebanon

من سوريا الى اليمن  

 

كان لافتاً جداً قرار موسكو سحب جميع ديبلوماسييها من العاصمة اليمنية صنعاء التي تقع، حالياً، تحت هيمنة الحوثيين بعدما كانت، قبل أسابيع قليلة تحت الهيمنة المشتركة للرئيس السابق (الراحل) علي عبد اللّه صالح والحوثي معاً… وكما بات معروفاً ومعلناً فإنّ الحوثي لم يتقبّل أن يذهب صالح الى فك التحالف في ما بينهما فاتخذ القرار بتصفية صالح، فكانت عملية تنفيذ الإعدام قبل أيام معدودة.

 

عكف المحلّلون، أمس، على تفسير قرار الرئيس الروسي بوتين الذي إذ ينسحب ديبلوماسياً من اليمن يكون قد تخلّى عن أي وجود في هذا البلد الذي تضربه الحروب الشرسة والأمراض المستعصية وأخطرها قاطبة الكوليرا التي طاولت نحو مليون يمني على الأقل، ناهيك بالأزمة الإنسانية الكبيرة التي أكثر من يتأثر بها الأطفال فمن لم يمت منهم بالوباء قتله الجوع وسوء التغذية عموماً.

وتوافق القرار الروسي مع اشتداد أوار المعارك خصوصاً عمليات القصف المركّز التي ينفذها الإئتلاف بقيادة المملكة العربية السعودية في إطار «عاصفة الحزم». وقد تواترت الأنباء ومعلومات المحللين ودراسات الخبراء الإستراتيجيين لتتوقع (إستناداً الى الوضع على الأرض) أن تكون صنعاء مهددة جدّياً بالسقوط في مستقبل غير بعيد، حتى إذا ما حدث ذلك إنكفأ الحوثيون الى مناطقهم وأقيم في العاصمة نظام موال للمملكة من شأنه أن يعيد حداً من الإستقرار الى هذا البلد المنكوب… من دون إغفال حدوث عمليات محدودة في الزمان والمكان بين وقت وآخر. مع التذكير بأنّ «اليمن السعيد» لم يكن سعيداً، خصوصاً في تاريخه الحديث، إلاّ بالإسم… وتكفي الإشارة الى مسلسل الحروب العديدة التي نشبت بين علي عبداللّه صالح (أيام حكمه) والحوثيين… لدرجة أن الحلف الذي كان قائماً بينهما وانتهى بمقتل صالح بعد معارك ضارية في صنعاء وضواحيها، اعتبر حلفاً «غير طبيعي» أو على طريقة «زواج بالإكراه»، وأيضاً على طريقة «المصيبة تجمع»!

ويذهب محللون وخبراء الى ربط الموقف الروسي بما آلت إليه الأوضاع الميدانية في سوريا. وفي تقدير هؤلاء أنّ إقتراب الحل في سوريا، بعد التطورات الميدانية التي إنتهت بهزيمة داعش واخواتها يكفي القيصر بوتين لتحقيق الحلم المزمن، منذ بطرس الأكبر حتى اليوم، بالوصول الى المياه الدافئة والإستقرار فيها وعلى شواطئها… وهذا تحقق للدب الروسي من خلال قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية… وهو أساساً لا يطمح الى دور أو حضور في اليمن، بدليل أنه لم يتورط في حربه إطلاقاً، وليس له فيه أي مطمع إستراتيجي، إذ يكفيه أنه «الرابح الأول» في سوريا كما أجمع الإعلام الغربي الذي ذهب بعضه الى إعتباره «الرابح الوحيد» خصوصاً وانه ينسق بشكل دوري «ممتاز» مع طهران والقاهرة واسطنبول ولا يزعج تل أبيب. واستطراداً فإن المملكة العربية السعودية سيكون لها النفوذ الأكبر في اليمن الذي تعتبره خاصرة لها و«امتداداً طبيعياً» لمنطقة الخليج.