IMLebanon

من شبعا إلى بعبدا

أسبوع يفصلنا عن ذكرى يوم مجيد حقيقي، هو يوم اندحر الإحتلال الإسرائيلي عن جنوب لبنان، في 25 أيار قبل 15 سنة. الأسبوع نفسه يفصلنا عن سنة جديدة للجمهورية بلا رئيس. وبمقدار ما تراكم على الذكرى الأولى غبار وقائع سوء، خطها سلاح التحرير بعدما تحول سلاح ميليشيا في الداخل، ونصرة الظالمين في الإقليم، يتراكم، على الثانية، داء اعتياد فراغها، تعززه اقتراحات تقرب من الهرطقة الدستورية، توحي بسعي لحل، وتبطن التصميم على المراوحة. تشي بحرص على وجه من الديموقراطية، ولا تخفي قفزها عن الإجراءات الدستورية، كما أشار رئيس مجلس النواب.

في الذكرى المزدوجة، يحضر “حزب الله” كمستثمر لا يكل، ولو اقترب مخزونه من التأييد، المحلي والعربي والعالمثالثي، من النضوب، وانجلى انتقاله من دور المقاوم إلى وظيفة الشرطي القمعي في سوريا والعراق واليمن، وغيرها.

بدأ استثماره وئيدا تحت ظلال الوصاية، وحوّل دور سلاحه إلى وظيفة، بعدما “اكتشف” النظام الأمني اللبناني_ السوري “ثغرة” مزارع شبعا، التي تمسك دمشق بمفتاح هويتها التائهة بين القرارين الدوليين 338 و425. ولم ينته الأمر بحرب تموز2006، ولا بحلول قوة “اليونيفيل” المعززة، على الرغم من واقع تحييد الجنوب، بوجودها، وهدوء الجبهة منذ 9 سنوات. وبرغم كل ما يقدمه من خدمات دموية لما بقي من نظام الأسد، لا يريد، ولا يفكر، أن يطلب إقرارا سوريا، على الورق، وليس لفظيا، بلبنانية هذه المزارع وأخواتها. فلا هو يريد، ولا بشار يرغب، كي تظل المقاومة عنوان السلاح، ولو خاضت حروب الآخرين على أرض الآخرين، أو تم تسليح الجيش بمليارات الدولارات.

المراوغة تتكرر في شأن رئاسة الجمهورية. يحل “حق” ميشال عون بها محل مزارع شبعا وأخواتها. ويحل هذا المفهوم الملتبس للأحقية محل الهوية الملتبسة للأرض. لكن يبقى تسويق البراءة من افتعال الأزمات هو نفسه، بانتحال دور المتبصر الحريص على المصلحة الوطنية، قولا، والمهيئ للسوء فعلا.

الشواهد لا تنقص: تحذير من حرب مذهبية إستبقه برفع الإصبع باسم شيعة علي، كأنه يحض الآخرين على الهويات الأدنى من القومية والوطنية وحتى الإسلامية. تحذير من “التكفيريين” قبل تمدد الثورة السورية إلى مشارف السلسلة الشرقية، لتسويغ القتال في دمشق، لاحقا، سبقه التباكي على ضريح السيدة زينب والمقامات الدينية لشد عصب البيئة الحاضنة، من دون أن يقدم أحد على الإقتراب منها، بعدما حضنها 1400 سنة.

أما في رئاسة الجمهورية، فلا ينفك الأمين العام عن الأسلوب نفسه: يحذر في مناسبة، وبلا مناسبة، من “نية أحد تقطيع الوقت وانتظار متغيرات إقليمية، او دولية. ثم يروج، ولو بلا حماسة لتسويق مقترحات الجنرال، التي تحتاج إلى أجواء سياسية “سويسرية”، مستحيلة.

برغم ذلك، يقول إنه لا ينتظر المتغيرات.