IMLebanon

أين الـ 225 مليون دولار للبنزين والمازوت؟  

 

 

أقرّ ما يُسمّى بمجلس الوزراء المصغّر الذي انعقد في بعبدا بتاريخ 2021/8/22 سلفة مالية وقدرها 225 مليون دولار لتغطية فروقات الأسعار للمحروقات ما بين السعر المعلن 8000 ل.ل. للدولار وسعر المنصة المعتمد 16000 ل.ل. للدولار، وذلك تجاوزاً لقرار حاكم مصرف لبنان بالتوقف عن دعم المحروقات وعدم مسّه بالاحتياط الاستراتيجي وتحميل هذه الأعباء على الميزانية العامة لوزارة المالية.

 

إنّ هذه البدعة، وغير المبرّرة لا بالقانون ولا بالواقع، أعطت جرعة قليلة لمشكلة انقطاع مادتي البنزين والمازوت، ولكن لم تعالج طوابير الذل على المحطات وبقيت أسعار السوق السوداء أضعاف السعر الرسمي المدعوم.

 

ومع نهاية الاسبوع الماضي ومطلع الاسبوع الحالي أطلت مشكلة المحروقات بوجهها الجديد مع إغلاق المحطات أبوابها وانقطاع مادتي المازوت والبنزين، وتفاقم المشكلة المستعصية على الجميع من مصرف لبنان ووزارة الطاقة ووزارة المالية، حيث كانت البدعة باعتماد سعر جديد للمازوت غير المدعوم بالدولار الاميركي بسعر 560 دولاراً للطن مع الإبقاء على السعر المدعوم، ما خلق بلبلة إضافية واختلط حابل السعر غير المدعوم بنابل السعر المدعوم، و»خلقت» فوضى جديدة في السوق المحلي، حيث استغلّ بعض التجار الأمر للحصول على المازوت المدعوم وبيعه في السوق بأسعار المازوت غير المدعوم وبالدولار الاميركي. وهذا تجاوز لقانون التجارة في لبنان حيث أوجب بيع المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية، ما أعطى شرعية لهؤلاء التجار الذين لا همّ لهم إلاّ البحث عن غطاء قانوني يتخفون وراءه.

 

وعودة لقرار مجلس الوزراء المصغّر بإعطاء سلفة خزينة 225 مليون دولار لتغطي فارق الأسعار بين السعر المعتمد وسعر المنصة للدولار. إن مبلغ الـ225 مليون دولار وكما يؤمن مبلغ 450 مليون دولار توضع لتغطية الكميات المستوردة من بنزين ومازوت، فإذا اعتمدنا سعراً وسطياً للمادتين حوالى 600 دولار للطن الواحد فإنّ هذا المبلغ يغطي استيراد كمية 750 ألف طن من المشتقات، وهذا ما يكفي السوق اللبناني حوالى ثلاثة أشهر. فالسؤال هل تم استيراد هذه الكمية؟ وهل صرف هذا المبلغ خلال الفترة السابقة الممتدة من تاريخ 2021/8/22 لغاية تاريخه؟

 

ولماذا لا يصدر مصرف لبنان بياناً بالمبالغ التي حوّلت لتاريخه الى وزارة المالية من أصل المبلغ المقرر لتغطية فروقات الدعم؟ ولماذا لا تصدر وزارة الطاقة بياناً بالكميات المستوردة خلال هذه الفترة؟ فلتعلن وزارة المالية عن المبالغ المتبقية لديها لتغطية الكميات المتبقية للاستيراد، وإذا كانت لا يكفي توزيعها لجميع الشركات كل بنسبة حصته بالاستيراد، فلتخصص فقط لمنشآت النفط وتعلن عن رفع الدعم نهائياً.

 

إنّ التلاعب بأعصاب المواطنين وإبقاءهم رهينة لمزاج المستوردين أو أصحاب المحطات أو التجار والغياب الكامل لأجهزة الرقابة ستزيد من طوابير الإذلال كما ستزيد من السوق السوداء لأسعار البنزين والمازوت.

 

وأخيراً، وكما سبق وناشدنا مصرف لبنان ووزارة الطاقة ووزارة المالية عبر الجمارك بإصدار بيان يومي عن الكميات والمبالغ المستوردة والكميات المباعة، وذلك لمزيداً من الشفافية وتوضيح الصورة للمواطن اللبناني، منعاً لهذا الالتباس الحاصل حالياً، يوماً بتحميل مصرف لبنان مسؤولية الازمة ويوماً آخر وزارة المالية والطاقة وكذلك شركات النفط.

 

الأزمة الآن في شهرها الثامن، ألم تجدوا حتى الآن علاجاً لها؟ ألا يكفي عشرات الشهداء ومئات الجرحى على محطات الوقود؟ أين ضميركم يا من تولّيْتم المسؤولية؟