IMLebanon

المستقبل» و«الوطني الحر» يتحملان مسؤولية مشتركة في افراغ المؤسسات

بات من المؤكد ان مسار ونتائج جلسة مجلس الوزراء اليوم لن تكون افضل من سابقاتها من حيث الانتاجية والعودة الى درس جدول الاعمال بما يفتح الطريق امام اعادة اطلاق عمل الحكومة المهددة بأن ينسحب الفراغ الذي تعيشه رئاسة الجمهورية ومجلس النواب عليها، اذا ما استمر العجز لدى الطبقة السياسية من اجترار الحلول والمعالجات المطلوبة لازمة الحكومة اولا ولباقي الملفات الساخنة ثانياً.

فكل المتابعين لخفايا المواقف السياسية لمكونات الحكومة – بمن في ذلك مصادر وزارية في حكومة تمام سلام – تؤكد ان هناك مكونين اساسيين في الحكومة ومجلس النواب يتحملان مسؤولية هذا العجز والفراغ الذي بلغ الخطوط الحمراء وبات يهدد بتفكك ما تبقى من مؤسسات الدولة من اعلى القمة الى ادنى المستويات. وتلاحظ المصادر ان هذين المكونين هما تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وكل منهما من منطلق حساباته السياسية والحزبية والطائفية.

فتيار المستقبل – كما تقول المصادر – الذي تنخر الخلافات بين قياداته السياسية ما انعكس تراجعا في شعبيته، بل وفتوراً لدى منظمات التيار في غير منطقة، لا يعمل شيئا لتعويم حكومة له فيها الحصة الكبرى من رئاستها الى اكثرية الوزارات الاساسية، حتى انه تمكن في فترة سابقة عندما كانت الحكومة لا تزال تعمل ولو بالحد الادنى من تمرير عدد لا بأس به من التعيينات المهمة في الفئة الاولى، نتيجة حرص حزب الله على عدم هز الحكومة وسعي التيار الوطني الحر لابقاء جسور التواصل مع «المستقبل» على أمل ان ينفذ الاخير ما كان تعهد به رئيسه سعد الحريري في قضايا وملفات كبرى ليس اقلها ملف التعيينات الامنية، اضافة الى ان المستقبل يضع يده عبر عدد كبير من موظفي الفئة الاولى على اكثرية المواقع الاساسية في الدولة باستثناء حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش.

وذهب المستقبل في تأزيم الوضع الداخلي الى الحدود القصوى، تضيف المصادر، فعدا عدم قيامه بأي مسعى جدي للتوافق مع العماد ميشال عون على ملف رئاسة الجمهورية واصراره في الوقت ذاته على استمرار دعم ترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع، لم يبادر الى فتح حوار جدي مع العماد عون لحل أزمة آلية عمل الحكومة والتعيينات الامنية رغم استفادته في المرحلة السابقة من اجواء الحوار الذي كان حصل بين الحريري وعون على صعيد تحرير التعيينات في اكثر من موقع كبير في مؤسسات الدولة، كما ان «المستقبل» يتحمل مسؤولية اساسية في وصول ازمة النفايات الى ما وصلت اليه، ان من خلال اصرار الرئيس فؤاد السنيورة للتجديد لشركة «سوكلين» وممارسة الضغوط لكي لا تتقدم اي شركة الى مناقصة النفايات لمدينة بيروت كما انه لم يعمل لدى انصاره لاقناعهم باقامة مطمر او اكثر في مناطق له «مونة شعبية» فيها مثل اقليم الخروب او عكار.

اضافة الى ذلك، تقول مصادر سياسية، ان البعض في تيار المستقبل، وبخاصة الرئيس السنيورة لا يقدم اي دعم او مساعدة لرئيس حكومة محسوب على «المستقبل» فالسنيورة حسب ما تشير المعطيات السياسية لا يجد مشكلة في استقالة الرئيس سلام، بل انه يمارس الضغوط غير المباشرة «لحشر» سلام للوصول الى الاستقالة، ولذلك لو لم تحصل مداخلات داخلية وخارجية لكان سلام قدم استقالته منذ اسبوعين، فالسنيورة يرى في استقالة سلام – حسب المصادر السياسية – رزمة كبيرة في يده يمكن ان يستخدمها عندما يحين اوان تشكيل حكومة جديدة بهدف تسويق نفسه بانه هو القادر على مواجهة الخصوم، وبالتالي فالحكمة والتروي لا يفيدان بالنسبة له في اوضاع كالتي تعيشها الساحة الداخلية.

اما التيار الوطني الحرّ، فتقول المصادر انه ارتكب اكثر من «فاول» في الفترة الاخيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر وقوعه في الاستدراج الذي اعده رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للعماد عون بما خص مقاطعة جلسات مجلس النواب ما ادى ليس فقط الى تعطيل عمل المجلس ومعه البت بمسائل واستحقاقات كبيرة تهم اللبنانيين والدولة، وبذلك دفع الرئيس نبيه بري الى التعاطي بكثير من الحذر والاستغراب مع هذا التعاطي. وتالياً ادى «فاول» العماد عون الى برودة زائدة في العلاقة مع الرئيس بري، وجاء «الفاول» الثاني من خلال الضغوط التي مورست على الرئيس سلام لدفعه نحو الاستقالة في وقت تعاني البلاد من فراغ قاتل في مؤسستي رئاسة الجمهورية ومجلس النواب على خلفية آلية عمل الحكومة، بالاضافة الى ممارسات اخرى منها تشكيل هيئة تعني بشؤون المغتربين سعياً لتقليص المديرية العامة للمغتربين التي يرأسها المحامي هيثم جمعة. اما «الفاول» الثالث الذي ارتكبه العماد عون فهو الانسحاب مما كان يمثله على الصعيد الوطني الى حدود ضيقة تمثلت بما يسمى الحقوق المسيحية. وتقول المصادر انه رغم اهمية بعض هذه الحقوق، لكن الدفاع عنها من منظار وطني كان سيكون له مردود اكبر واشمل على الصعيدين العملي والشعبي.

في كل الاحوال، من المؤكد – بحسب المصادر الوزارية – ان جلسة اليوم المنعقدة دون جدول اعمال لن يكون بمقدورها اتخاذ اي قرار على مستوى الملفات الساخنة، وحتى اذا اخذت قراراً معيناً في شأن قضية مطروحة فهي لا تستطيع تنفيذه، طالما اكثرية مكونات الحكومة تتعاطى مع الشأن الوطني، والشأن العام من منظار حزبي بما يتلاءم مع مصالحها السياسية، ولذلك فاننا امام مشهد سوريالي مع حكومة لا تستطيع العمل ولا يستطيع رئيسها الاستقالة او الاعتكاف، بل ان البلاد ستبقى امام مشهد تعطيلي لكل المؤسسات بانتظار «الترياق» الاقليمي.