IMLebanon

هل تطول الهدنة في غزّة وجنوب لبنان أم نشهد “جولة ثانية” من الحرب؟!

 

ما إن بدأ نفاذ اتفاق الهدنة في غزّة صباح الجمعة بعد مرور 48 يوماً من اندلاع الحرب بين حركة حماس والعدو الاسرائيلي في 7 تشرين الأول المنصرم، بهدف إدخال المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى والرهائن، حتى ساد الهدوء الحذر في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان. فهل ستنسحب الهدنة على الوضع الأمني في غزّة وفي جنوب لبنان بعد انتهائها مساء الاثنين المقبل، وتؤدّي لاحقاً الى هدن متواصلة؟ أم سيتجدّد القصف وإطلاق النار بين المقاومة الإسلامية و “إسرائيل”، في ظلّ الحديث عن جولة ثانية من الحرب بعد هدنة الأربعة الأيام؟! وهل يتوقّف العدو الإسرائيلي عن حربه الوحشية، وهو لم يحقق حتى الآن أي إنجاز في غزّة، رغم كلّ ما ارتكبه من قتل وتهجير وإبادة جماعية وتدمير، ويطالب في جنوب لبنان بتطبيق القرار 1701، في الوقت الذي لم يُطبّق هو جميع مندرجاته لا سيما في ما يتعلّق بانسحاب قوّاته من الأراضي اللبنانية المحتلّة وهي مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر (أو خراج بلدة الماري)؟ وما هو المقابل لوقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان؟

 

تقول أوساط ديبلوماسية عليمة انّه بمجرّد موافقة “إسرائيل” على صفقة تبادل الأسرى والرهائن، فهذا يعني أنّها لم تتمكّن بقوتها العسكرية وبحربها على غزّة من تحقيق أهدافها المتمثّلة أولاً بتحرير الرهائن، وثانياً بالقضاء على قادة حركة حماس أو تفريغ شمال غزّة من المقاومين. ولأنّها لم تتمكن من تحقيق بنك الأهداف، قامت بقتل الأطفال والنساء وارتكبت المجازر من خلال ضربها المستشفيات المليئة بالجرحى والنازحين، والتي تُعتبر وصمة عار في ما يتعلّق بعدم احترامها حقوق الإنسان خلال الحروب التي تنصّ عليها الإتفاقيات الدولية. علماً بأنّ أيا من المنظمات والجمعيات الدولية لم تُحرّك ساكناً ضدّ جرائم الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها ضد المدنيين الأبرياء، ومحاولة التهجير القسري للفلسطينيين من شمال قطاع غزّة، وللبنانيين من قرى الجنوب الحدودية.

 

أمّا الهدنة التي تأتي بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة فمرشّحة أن تستمر، على ما أكّدت المصادر نفسها، بعد هدنة غزّة وبعد تبادل الرهائن والأسرى على دفعات. فمصر وقطر تصرّان على استكمال الوساطة حتى بعد انتهاء عملية تبادل الأسرى، بهدف وضع الطرفين مجدّداً الى طاولة المفاوضات للتوصّل الى حلّ سياسي يوقف إطلاق النار والأعمال الحربية بينهما. غير أنّ حركة حماس تجد بأنّ “الإسرائيلي” لا يؤمَّن له كونه لا يلتزم لا باتفاقيات ولا بالتفاوض، لهذا فإنّ المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين لن تحصل في المستقبل القريب. والتمادي المستمر بحقّ الشعب الفلسطيني في غزّة وحتى في الضفّة الغربية، حيث بلغ عدد الأسرى الجدد أكثر من 3100، فضلاً عن استباحة العدو الإسرائيلي لمخيم ومدينة طولكرم واستشهاد 220 فلسطيني هناك نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية عليهم، لا بدّ وأن يُواجه بالقوة والعنف، وليس بالمفاوضات.

 

غير أنّ حماس تريد التوصّل الى تصفير السجون “الإسرائيلية”، على ما أوضحت المصادر، التي تضمّ حالياً أكثر من 7000 أسير، من بينهم نحو 5000 قامت بمحاكمتهم، فضلاً عن الأسرى الجدد الذين اعتقلتهم في الضفة الغربية، ويصل عددهم الى أكثر من 3100 اسير.

 

وتكمن الأولوية بالنسبة لها في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، ومعالجة مخلّفاته، وفتح معبر رفح بشكل مستمر لدخول المساعدات الإنسانية والاستشفائية للفلسطينيين. كما أنّ موقفها واضح، إذ لا مانع لديها من إبرام صفقة شاملة من أجل إطلاق جميع الأسرى الفلسطينيين.

 

وتؤكّد المقاومة أنّ كل محاولات العدو الإسرائيلي بتقسيم قطاع غزّة قد باءت بالفشل حتى الآن، الأمر الذي سيرغم “الإسرائيليين” على التراجع، لا سيما مع الخلاف الداخلي ومطالبة رئيس الوزراء “الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بالاستقالة، كونه لم يتمكّن من تحقيق اي إنجاز. كما أنّه لم يستطع تحرير الرهائن، على ما وعد، لولا الوساطة الغربية والعربية. علماً بأنّ أمر الرهائن العسكريين لدى الطرفين متروك الى مراحل لاحقة.

 

وأبدت المصادر تشاؤمها رغم الهدوء المبدئي الذي ساد منذ يوم الجمعة الفائت في غزّة كما في جنوب لبنان، إذ من المرجّح استمرار المجازر بعد انتهاء الهدنة اليوم الاثنين. فحزب الله يتحدّث عن “جولة ثانية”… ويقول “الإسرائيليون” دائماً انّهم لا يستطيعون خسارة أي حرب (علماً بأنّهم اعترفوا بخسارتهم في حرب تمّوز- آب 2006). وإذا فعلوا ذلك، فهذه نهاية “إسرائيل”. وهم يلمحون بالطبع إلى أن الخسارة تعني الدخول إلى المدن “الإسرائيلية” بسبب قربها. هذا ليس صحيحا، لكنهم يقولون ذلك لتحفيز سكانهم وحشد الدعم الدولي للحفاظ على تفوقهم المسلح. وهم يعتبرون حتى الآن أنهم لم ينتصروا في هذه الحرب (أي أنهم خسروها في تصورهم). لذا فإن “شهوة” الدماء لديهم لم تشبع، و”جنونهم” في مواصلة المجازر لا يتوقف.

 

وأشارت المصادر عينها الى أنّ عملية الترانسفير التي تنوي “إسرائيل” واميركا تنفيذها في غزة لن تحصل، ولا مسألة فرض مسار سياسي جديد في القطاع. فالوضع الفلسطيني شأن داخلي وإن كان هناك تباينات، فالأطراف الداخلية رغم كلّ شيء تؤمن بالشركة السياسية، ولا تزال مقتنعة بإمكانية ترتيب البيت الفلسطيني على أسس وطنية. أمّا أن يأتي الحلّ من قبل أميركا و “إسرائيل”، فلن تقبل به حركة حماس. فقطاع غزة هو عمق المقاومة الفلسطينية ولن يستطيع العدو تمرير املاءاته عليها، أو إخراج قادة حماس منها، وهم لن يغادروها سوى شهداء أو مع تحقيق النصر.

 

وفي ما يتعلّق بالجبهة الجنوبية فهي مرتبطة بحرب غزّة، على ما أضافت المصادر، ومتى توقّفت الحرب هناك، تتوقّف حكماً على الحدود اللبنانية. أمّا تطبيق القرار 1701، فإنّ لبنان يطالب مجلس الأمن الدولي أن تقوم “إسرائيل” بتطبيقه لجهة الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتل، بدلاً من أن تفرض شروطها على لبنان.