IMLebanon

حزب الله دخل المواجهة “بعقل بارد”… ولا استعجال في حرق المراحل

 

“هلع اسرائيلي” من خروج المطارات عن الخدمة… الإستنجاد بالبوارج!

هل تنجح ادارة بايدن بمنع “اسرائيل” من ارتكاب أخطاء استراتيجيّة؟

-مناخ في “اسرائيل” يُشجّع على توجيه ضربة مُباغتة لحزب الله في لبنان!

-قدرات قائقة الجودة موجودة عند حماس ولم تمسّ بالغارات الجوية “الإسرائيليّة”

 

دخل حزب الله فعليا الحرب انطلاقا من جنوب لبنان. الجبهة الشمالية لم تعد كما كانت قبل السابع من تشرين الاول. والسؤال المطروح ليس متى يدخل حزب الله الحرب، وانما متى تتوسع تلك الحرب وما هو مداها؟ طبعا لن يجد احد الاجابة على هذا السؤال، لانه معقد كثيرا وتختلط فيه الكثير من المعطيات الميدانية المرتبطة بطبيعة جبهتي غزة والجنوب ومعها جبهات اخرى في المنطقة، وكذلك حرب ديبلوماسية تدور ايضا في السر والعلن “وتبادل رسائل” غير مباشرة، لكن كلا المعطيين لهما “خطوط حمراء” واضحة المعالم، منها اثنان لا يقبلان الجدال: الاول من غير المسموح هزيمة حماس عسكريا او سياسيا في غزة، والثاني منع اي تهجير قسري لفلسطينيين من القطاع، ودونهما خطوط بالوان مختلفة باتت موجودة على الطاولة، ويعرفها جيدا اللاعبون الرئيسيون.

 

ووفقا لمصادر مطلعة، فان المقاومة تتعامل بعقل “بارد” مع الاحداث في غزة، ولا تستعجل في حرق المراحل، فهي تدرك جيدا ان الانتصار المحقق حتى اليوم كبير جدا، ولا يجب ان يضيع باي خطوات متسرعة او عاطفية. المقاومة في غزة لا تزال قوية جدا على الرغم من المجازر، “اسرائيل” تتخبط باتخاذ قرار من اثنين: إما الاستمرار بالمجازر لتنفيذ “نكبة” فلسطينية جديدة، او اخراج حماس من غزة تحت ضغط استمرار القصف، على شاكلة ما حصل مع منظمة التحرير الفلسطينية، عندما انتهى الاجتياح “الاسرائيلي” عام 1982 باخراج ياسرعرفات ومعه المقاتلون من بيروت.

 

هذان الامران حتى الآن غير قابلين للتنفيذ، بسبب موقف مصر والاردن ومصر والسعودية من مسألة التهجير، وكذلك فان خروج “حماس” من القطاع غير قابل للتفاوض، كما ابلغت الحركة من راجعها من “وسطاء”، فهم ابناء الارض وليسوا طارئين. وامام حالة الاستعصاء، ستجد “اسرائيل” نفسها امام خيار الاجتياح البرّي الذي سيكون فرصة جديدة لتوجيه ضربة قاسية لجيش الاحتلال الذي سيغرق في “وحول” غزة، وذلك وفقا لمعلومات موثوقة عن قدرات فائقة الجودة موجودة عند كتائب القسام ولم تمس بالغارات الجوية. ولهذا لا يجد حزب الله نفسه محشورا في الدخول في مواجهة مفتوحة الآن، لان المقاومة الفلسطينية صامدة، وتقاتل، وحققت انتصارا منذ اليوم الاول، ولا يمكن لاحد محوه، او التقليل من تأثيراته الاستراتيجية، طبعا بعيدا عن اكلاف بشرية كان يدفعها اهل غزة عند كل استحقاق انتخابي “اسرائيلي”، او عندما يقرر الاحتلال تأديب سكان القطاع وتطويعهم!

 

لكن هل هذا كل ما تملكه “اسرائيل” من خيارات؟ طبع لا، تقول تلك الاوساط، لان قرار توسيع ساحة الاشتباك ليست بيد حزب الله فقط، والتحذير الصادر بالامس عن رئيس الهيئة التنفيذية في حزب الله السيد هاشم صفي الدين للاميركيين و”الاسرائيليين” بان لا يخطئوا في حساباتهم، له دلالة واضحة ومبني على تقديرات لا تحليلات، بوجود مناخ غير بسيط في كيان الاحتلال بالاقدام على ضربة مباغتة لحزب الله في لبنان، تكون ردا متناسبا على مفاجأة حماس والهزيمة الاستراتيجية التي تلقتها “اسرائيل” في علمية “طوفان الاقصى”، وهذا احتمال وارد ولا يغيب عن بال المقاومة، التي باتت على جهوزية تامة لمواجهة احتمال مماثل، وقد تعززت تلك التقديرات بعد تسريبات “اسرائيلية” تزعم ان الاميركيين يحاولون الحصول على تعهد من “اسرائيل”، طلبه وزير الدفاع لويد اوستن، بان لا تبادر القوات “الاسرائيلية” بشن عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله في لبنان.

 

لكن صحيفة “يديعوت احرنوت” ترى ان الجانب العملي للقصة أكثر تعقيداً. أوستن أراد أن يضمن ألا تبادر “إسرائيل” بالهجوم ضد حزب الله، واقترح في المقابل حماية بشكل تعهد أميركي بإدخال طيارين وطائرات أميركية إلى الحرب إذا هاجم حزب الله أولاً. هذا إضافة إلى القوة الرادعة بتواجد حاملتي طائرات أمام شواطيء لبنان. فهل استجابت “إسرائيل للطلب”؟ لا شك. هل ردعت إيران؟ يوجد شك، لان حزب الله اختار الحرب على الحافة.

 

اما صحيفة “معاريف” فتختصر المشهد بالقول حزب الله كان ولا يزال التهديد الأكبر على “إسرائيل”. شدة المواجهة العسكرية في الحدود اللبنانية سترتفع في الأيام القريبة القادمة، وفي كل حال، هذه لم تعد مسألة غزة فقط. فحتى لو لم يدخل حزب الله إلى الحرب بكل القوة، فقد بات منذ الآن جزءاً منها. وهذا يعني أن “إسرائيل” تخوض في هذه اللحظة على الأقل معركة في بضع ساحات بقوة. إن معضلة الضربة المسبقة تجاه حزب الله، نعم أم لا، ليس من الصواب الحديث فيها إعلامياً، قبل أن تكون كامل صورة الوضع واضحة أمامنا.

 

ولهذا تعتقد مصادر ديبلوماسية ان واشنطن ومن معها من حلفاء غربيين جاؤوا بقدراتهم العسكرية الى المنطقة، ليس من باب التهويل فقط، وانما لانهم يدركون حقيقة الضعف المقلق في جهوزية “الجيش الاسرائيلي”، الذي اظهر ضعفا في الامكانيات الاستخباراتية واللوجستية وكذلك التكتية، حيث كشفت المواجهات مع مسلحي حماس عن فقدان للقيادة والسيطرة، وهشاشة في ادارة المواجهة على الارض، يضاف الى ذلك ضعف الارادة في القتال. ولهذا جاءت النصائح الاميركية لتقول “للاسرائيليين” بانه يجب ان تظهروا قدراً أكبر من الهدوء والحكمة في مواجهة ما بعد السابع من تشرين الاول، لان ما حصل بعد أحداث 11 ايلول ورّط الجيش الاميركي بحروب انتهت بالفشل في العراق وافغانستان، بعد تكبد خسائر هائلة لا يمكن “لاسرائيل” ان تتحملها، ولهذا يجب عدم المبالغة في رد الفعل، والانجرار إلى دوامة لا نهاية لها في منطقة قد تشتعل نتيجة اي حسابات خاطئة.

 

ولهذا، فان الاميركيين يحاولون حماية “اسرائيل” من المفاجآت الاستراتيجية في الجبهة الشمالية على نحو خاص، لان فشل “إسرائيل” في الجنوب بدأ في الأساس من خدعة ذاتية عبر التفكير بأن حماس خائفة، كما اعترف مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، وهذه ليست المرة الأولى التي أوهمت “إسرائيل” فيها نفسها بخصوص اعادئها في المنطقة، وتجربة حرب لبنان الثانية في العام 2006 لا تزال ماثلة امام الجميع، ومشكلة “إسرائيل” الأساسية هي الصعوبة في فحص الامور بمنظار مصالح “العدو” الاستراتيجية، وهم لا يعرفون حتى الان اذا كان حزب الله سيكتفي بالضغط على الجبهة الشمالية، لمشاغلة “القوات الاسرائيلية” وتخفيف الضغط عن غزة، او يرغب بتغيير قواعد اللعبة من خلال الدخول في حرب اقليمية شاملة؟!

 

ولهذا عزز البنتاغون من الوجود الأميركي في المنطقة، حيث أرسلت بارجتين حربيتين وآلافا من الجنود، وأسرابا من المقاتلات الحربية والأسلحة المختلفة للقبة الحديدية، وكل الجنود والعتاد ليس اساسيا، ووفقا للمعلومات، فالهاجس الاكبر عند الاميركيين و”الاسرائيليين” يبقى خروج المطارات العسكرية “الاسرائيلية” عن الخدمة، اذا نجح حزب الله باستهدافها بالصواريخ الذكية، ولهذا كان الالحاح على اقتراب سريع للبوارج الاميركية من الساحل، كي تتحول الى مطارات عائمة عندما يتعذر انطلاق الطيران “الاسرائيلي” من قواعده، وهو ما تعتقد “اسرائيل” انه يؤمن لها التفوق النوعي، وبدونه ستكون مقبلة على خسارة دراماتيكية.

 

ويبقى السؤال؟ هل ستبقى المدارج العامة بعيدا عن الاستهداف؟