IMLebanon

مشهد لجنتيِ الخارجيّة والصحّة النموذج المطلوب للتعامل مع العدوان الإسرائيلي وتداعياته

 

مشهد لجنتيِ الخارجيّة والصحّة النموذج المطلوب للتعامل مع العدوان الإسرائيلي وتداعياته دعوة بري لانتخاب الرئيس تتجاوز الاستحقاق الدستوري الى تحصين الساحة الداخليّة

 

وقف نواب من “القوات اللبنانية” و”الكتائب” الى جانب نواب من حزب الله و”حركة امل” وسائر الكتل الاخرى يوم الثلثاء الماضي، في بهو المجلس النيابي وفي قاعة الصحافة، يضعون الكوفية الفالسطينية لادانة المجزرة التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في مستشفى المعمداني في غزة. وتوحد الموقف النيابي في لجنتي الشؤون الخارجية والصحة، ضد ما اقترفته وتقترفه “اسرائيل” من جرائم ومجازر بحق الشعب الفلسطيني.

 

وقبل يوم واحد، كان المشهد في المجلس مختلفا خلال جلسة انتخاب اللجان النيابية، حيث حاولت المعارضة النيابية التي تقودها “القوات” اثارة نقاش لا طائل منه، حول ما تطالب به بتحييد لبنان عن العدوان الاسرائيلي، وتجنب الدخول في حرب معه، متجاهلة الواقع والتاريخ الذي يؤكد ان الكيان الصهيوني شن حروبا ضد لبنان منذ عشرات السنين من دون حجج او متذرعا احيانا بحجج واهية انسجاما مع طبيعته العدوانية.

 

وفي كل الاحوال، ما جرى في لجنتي الخارجية والصحة على اثر المجزرة الاسرائيلية في غزة، يمكن ان يكون نموذجا جيدا للبناء عليه، واعتماده لترجيح لغة التلاقي بين اللبنانيين بدلا من التناحر، وبالتالي السعي الى توحيد الساحة اللبنانية الوطنية، في ظل هذه الطروف الصعبة والدقيقة، لا سيما ان التطورات المتدحرجة في المنطقة باسرها تفترض اكثر من اي وقت مضى تحصين الساحة الداخلية تجاه ما يمكن ان يحصل، نتيجة تداعيات العدوان الهمجي المستمر على الشعب الفلسطين، والذي تتجاوز اهدافه غزة او فريقا من المقاومة، ويجعل المنطقة باسرها على مفترق طرق.

 

ويقول مصدر نيابي ان الحوار الذي حصل داخل اللجنتين النيابييتين، قبل اصدار موقفهما حيال مجزرة المستشفى المعمداني والعدوان الاسرائيلي على غزة، كان حوارا ايجابيا وموضوعيا وساد في اجواء طيبة، لافتا ان نواب “القوات” و”الكتائب” وحزب الله شاركوا في الحوار من دون حواحز او تعقيدات.

 

ويضيف المصدر، صحيح ان النواب تجنبوا الخوض والنقاش في الخلاف القائم حول طريقة التعامل مع التطورات المتدحرجة، الا ان الطريقة التي اعتمدت في اللجنتين انتجت موقفا نيابيا موحدا بوجه العدوان الاسرائيلي، وبرهنت ان تغليب مثل هذا الاسلوب هو المطلوب لحماية الجبهة الداخلية اللبنانية في وجه الاعتداءات الاسرائيلية، خصوصا ان العدو الاسرائيلي في حروبه ضد لبنان لم يميز مرة واحدة بين مقاتل ومدني، ولم يوفر احدا او مؤسسة او مرفق. كما انه كان في كل الاوقات والمراحل، هو المسبب وهو البادىء في اعتداءاته التي لم تتوقف منذ ما قبل نشوء المقاومة.

 

وبرأي المصدر النيابي انه بدلا من نفخ النار في الخلافات بين اللبنانيين، ورفع وتيرة التوتر السياسي في البلاد، يمكن ان يكون ما جرى ويجري من تطورات بعد عملية طوفان الاقصى عاملا وحافزا لاعادة لملمة الوضع السياسي قدر الامكان.

 

ويعتقد المصدر ان ما قاله رئيس المجلس نبيه بري خلال انتخاب رؤساء، كان لفتة واشارة قوية الى اهمية ووجوب التحلي باعلى درجات المسؤولية، في ظل ما يجري من تطورات، والافادة من الظروف بشكل ايجابي لانتخاب رئيس للجمهورية، واستكمال تكوين المؤسسات الدستورية القادرة والفاعلة، التي يمكن ان تنهض بالبلاد وان تواجه كل التحديات.

 

ويقول المصدر ان انتظار الخارج بعد الذي جرى ويجري في المنطقة لانتخاب الرئيس يعني اطالة الازمة، خصوصا بعد ما شهدناه مؤخرا من خلافات واضحة داخل مجموعة الدول الخمس، وان الطريق السليم هو الاعتماد على انفسنا، وفتح حوار جدي يبدأ حول انتخاب الرئيس، ويستكمل حول سبل بناء وتعزيز الدولة وسائر القضايا المتعلقة بهذه العملية.

 

ويرى ان دعوة بري لاستغلال الوضع ايجابيا، هي دعوة متجددة للحوار والتلاقي بين اللبنانيين بدلا من سياسة المتاريس السياسية، التي لن تؤدي الا الى مزيد من الفرقة والتمزق، وان شعار بناء الدولة يفترض الحوار وليس التناحر او المقاطعة.

 

ووفقا لمصادر مطلعة، فان بري وانطلاقا من ادراكه للواقع والوضع العام، كان عليه ان ينبه اولا الى مخاطر استمرار الخطاب التصعيدي، وان يوجه البوصلة نحو الجانب الايجابي المتمثل بالتعاطي الايجابي والحوار لانتخاب رئيس للجمهورية في هذا الوقت وهذه المرحلة بالذات، خصوصا ان المرحلة منذ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، وما جرى خلال الجلسات المتتالية لانتخاب الرئيس، تؤكد الحاجة الى مثل هذا التوجه الايجابي من كل الاطراف.

 

وتؤكد المصادر ان بري في كلامه المقتضب اراد تنبيه الجميع من المخاطر المحدقة بلبنان، في ظل استمرار ازمة رئاسة الجمهورية والتداعيات الناجمة عنها، وفي ضوء المستجدات الناجمة او التي قد تنجم عن العدوان الاسرائيلي. وحرص في الوقت نفسه على استحضار الاستحقاق الرئاسي الذي حجبته التطورات والمستجدات الراهنة، محفزا الجميع من موقعه الدستوري والسياسي على اعتماد الاسلوب الايجابي لانتخاب الرئيس.