IMLebanon

جعجع «مبسوط بالفرجة» على باسيل: ليرتكب فولات ويحترق

 

 

يبدو ان تحديد المسؤوليات الامنية لما جرى في حادثة قبرشمون، قد سلك مساره القضائي – السياسي بعدما جرى التفاهم بين جميع الافرقاء على ان «بوابة» تنفيس الاحتقان الميداني الذي لا يرغب به احد، يكون بتسليم المشتبه فيهم بالتورط في الاحداث، ولهذا تم تكليف مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بمهمة ترتيب «المخارج» الضرورية «لطي» هذه الصفحة الدموية بأقل الاضرار الميدانية ونقل الملف الى بعده السياسي، حيث تبقى كلفة الاضرار مقبولة مهما بلغت التشنجات والتوترات… وفيما تعامل بعض «خصوم» وزير الخارجية جبران باسيل «بدهاء» مع الحادث، وفي المقدمة القوات اللبنانية، تبقى المفارقة هذه المرة، ان من دفع الثمن الاكبر سياسيا لم تكن له اي علاقة مباشرة او غير مباشرة في الاحداث، فرئيس الحكومة سعد الحريري الذي اصيب «بشظايا» المواجهة حكوميا، كان وضعه مشابها لآلاف الجنوبيين الذين علقوا في سياراتهم ساعات طويلة نتيجة قطع مجموعات «حليفة» طريق خلدة يوم وقوع الاحداث مع العلم ان «لا ناقة لهم ولا جمل» بما حصل…

 

وفي هذا السياق، لا تبدو الاجواء داخل تيار المستقبل والدائرة المحيطة برئيس الحكومة على «خير ما يرام»، خصوصا بعدما تعمد رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل، احراجه مرة جديدة من خلال اظهار ضعفه في ادارة الحكومة العتيدة، ولم تنجح محاولات رئيس الوزراء في ايهام الرأي العام بأنه كان صاحب قرار تأجيل جلسة الحكومة، لان القرار تم اتخاذه في وزارة الخارجية وحصلت «التخريجة» في حضور عدد من وزارء التيار والمحسوبين على حصة رئيس الجمهورية «لحفظ ماء وجه» الحريري الذي بدت عليه الحيرة والارباك، بشهادة عدد من الوزراء، بعدما فوجىء بعدم حضور وزراء «التيار» الى السراي، وللمفارقة فقد علم من وسائل الاعلام بأن اجتماعا موازيا لحكومته يحصل في نفس التوقيت في قصر بسترس…

 

ووفقا لاوساط في تيار «المستقبل»، لم يكن الحريري في اجواء «التمرد البرتقالي»، بل كان يعمل قبيل ساعات من انعقاد الحكومة على تأمين حضور وزراء الحزب الاشتراكي وعدم مقاطعتهم للجلسة، وقد تفاهم مع النائب السابق وليد جنبلاط على ذلك رغبة منه بتهدئة الاجواء وعدم تكبير «المشكل»، ولم يكن بالحسبان ابدا ان تجري محاولات التعطيل من الفريق الثاني الذي لم يسجل اي عملية اعتراض على مجريات الجلسة التي كانت ستناقش مسألة احالة ما حصل على المجلس العدلي من عدمه، وعند استمزاج باسيل رأي رئيس الحكومة ازاء هذه الاحالة كان الحريري واضحا لجهة عدم حماسته للموضوع، لكنه ترك «الباب» مواربا امام مناقشة الامور داخل الحكومة للتوصل الى القرار المناسب الذي يحمي البلد، ولا يمنع تطبيق القانون..

 

وبحسب تلك الاوساط، كان الحريري «غاضبا» للغاية وابلغ «استياءه» لرئيس الجمهورية ميشال عون خلال اتصال هاتفي حصل بينهما، فيما كان ينتظر في السراي الحكومي نتائج اجتماع وزارة الخارجية، وكان رئيس الحكومة «ساخطا» وابلغ الرئيس عون ان ما قام به الوزير باسيل لا ينم عن «حسن نية»، وانما تعمد احراجه بطريقة غير مقبولة لا تمت الى التفاهمات الاخيرة بصلة، ولو كانت هناك نوايا «طيبة» لكانت الامور حلت باتصال هاتفي بعيدا عن الاضواء.. وقال الحريري للرئيس «كان بمقدور باسيل ابلاغي بموقفه ورغبته بتأجيل الجلسة، وانا لم اكن لأصر على عقدها، لكن لماذا الاصرار على عقد جلسة موازية في وزارة الخارجية، وبالتوقيت نفسه مع جلسة الحكومة المفترضة، مع العلم انه كان بامكانه عقد اجتماع ليلي «للتكتل» او في الصباح الباكر، لكن ما يجري اصرار واضح على «اهانة» مقام رئاسة الحكومة، واظهار عجزها… وختم الحريري قائلا «لو نسق معي جبران، لكنا تفادينا هذه «المهزلة» التي لن اقبل بان تكون على حسابي»… وبعيد هذا الكلام جرى الاتفاق على مخرج حضور وزراء الرئيس وبعدها رفعت الجلسة…

 

وفي هذا الاطار، تشير اوساط وزارية بارزة الى ان الحريري يدفع الان ثمن سياساته القائمة على تمرير المرحلة باقل الخسائر الممكنة دون الالتفات الى ان رصيده انتهى، ولم يعد بامكانه تحمل المزيد من «الصرف» على حسابه، ومن الواضح ان ضعفه قد زاد بعد ان اختار او اجبر على التخلي عن «الصقور» في محيطه القريب، وبات دفاعه عن صلاحياته دون «انياب»، وللدلالة على حالة الوهن التي يمر بها، لم يستجب الحريري لطلب بعض وزرائه ومنهم وزيرة الداخلية ريا الحسن، بعدم تمرير محاولة باسيل «اثبات» نظرية «الامر لي»، وطالبوه بالتلويح «بالاعتكاف» عن عقد اي جلسة حكومية اذا لم يحضر وزراء «تكتل لبنان القوي»، وبعدما كان «قاب قوسين او ادنى» من تبني هذا الاقتراح، عاد وتراجع وقبل المخرج الذي عرضه رئيس الجمهورية.. ودون تقديم اي مبررات مقنعة لكل من راجعه..!!

 

وامام حالة الضعف «المقيمة» في القصر الحكومي، اختار رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ممارسة «الدهاء» السياسي مع الوزير باسيل، ولم يدخل على نحو مباشر في «معمعة» الجبل، لكنه اختار توجيه «رسالة» بالغة الدلالة الى «خصمه» على الساحة المسيحية من خلال اظهاره بأنه «مخرب» للمصالحة المسيحية – الدرزية بينما هو حامي «وصية» البطريرك صفير بالحفاظ على «العيش المشترك»، ولذلك اختار الحضور شخصيا برفقة النائبة ستريدا جعجع، على رأس وفد «قواتي» كبير الى دار طائفة الموحدين الدروز في فردان، لتقديم واجب العزاء برئيس مؤسسة «العرفان التوحيدية» الشيخ علي زين الدين، متجاوزا كل الإعتبارات الأمنية، ومن هناك سجل موقفا سياسيا، للتأكيد على عمق العلاقة التي تجمع «القوات» مع الحزب التقدمي الاشتراكي، موجها «رسالة» واضحة لباسيل حول ضرورة دخول «البيوت» من «ابوابها» وليس عبر «النوافذ» في سبيل الحفاظ على العلاقة المسيحية – الدرزية.

 

ووفقا لاوساط نيابية بارزة، يعتمد جعجع في هذه المرحلة «استراتيجية الفرجة» على وزير الخارجية، وهو»مبسوط» بالمشهد القائم، ولذلك دعا نواب ووزراء القوات» الى عدم الدخول في اي سجالات معه او مع تياره السياسي، لانه سيدفع«عاجلا او آجلا» ثمن الاخطاء التي يرتكبها، وهو قال لزواره «ان باسيل لا يحتاج الى خصوم يبذلون جهدا لمقارعته، فهو كفيل «بحرق» نفسه، ولذلك دعوه يصول ويجول حتى يرتكب «الفول» «الاستراتيجي» المنتظر، وعندها سيدفع مع العهد الذي يبدو راضيا عن «سلوكه»، ثمنا باهظا سيحرمه من اي فرصة مستقبلية للدخول الى بعبدا»..