IMLebanon

باسيل والحصان الأبيض

 

 

هل فعلاً يحلم الوزير السابق جبران باسيل أن يأتي إلى رئاسة الجمهوريّة على حصان أبيض ويأمل أن يمكّن بشّار الأسد نفسه في ولايته الرئاسيّة الثالثة وأن تنتهي المفاوضات الأميركيّة ـ الإيرانيّة بالأفراح والليالي الملاح وبعد انتصار المحور الإيراني سيعود إلى النيابة ويصل إلى الرئاسة على حصان أبيض؟ هل يحلم هكذا “عن جدّ”، إن كان كذلك بالتأكيد عليه ان يراجع طبيباً مختصّاً بهذا النّوع من الأحلام، لأنّه وفي حال انتصار محور إيران في المفاوضات الأميركيّة ولتغادر هذه الأخيرة سوريا سيكون لبنان كالعادة جائزة ترضية وعلى باسيل أن يستعد لحلول الحاج محمّد رعد في موقع الرئاسة الأولى بفضل تياره وهذا العهد الذي سلّم مقاليد لبنان كلّها للدويلة!!

 

لا ينقص المشهد الباسيلي سوى إعلان الدولة العاجزة المشلولة إعلان فشلها وإفلاسها، ألا ينطبق على الدولة الميتة في لبنان أنّها “فقدت قدرتها على اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها”، وعاجزة عن توفير الحدّ الأدنى المعقول من الخدمات العامّة، دولة يُبشّر فيها رئيس الجمهوريّة الشعب بأنه وافق على سلفة خزينة لتفرغ البواخر المنتظرة حمولتها من الفيول حتى لا تغرق البلاد في العتمة، دولة بالكاد تحصل مناطق فيها على ساعتين فقط من التيار الكهربائي، كأن العتم مرتبط إرتباطاً وثيقاً بوجه هذا العهد، حدث هذا في العام 1989 بعد تفجير خزانات الدورة الذي حرم اللبنانيين من التيّار الكهربائي واقتصر تزويد اللبنانيين بساعتين من التيار الكهربائي في أزمة لم يشهد اللبنانيون مثلها إلا في العام 1976 من حرب السنتين!!

 

هذه اللامبالاة التي يعايشها اللبنانيون هي مشهد مرتبط عضويّاً بالعهد العوني ـ الباسيلي؟ هذه الصبغة العونية الدامغة منذ العام 1989 لم يتغيّر فيها شيء حتى اليوم، ولا ينفع أي كلام مع الحالة الغوغائيّة لأنّ الحال معها “عنزة ولو طارت”.. ومن المؤسف أنّنا إذا أردنا استعادة المشهد اللبناني منذ سبعينات القرن الماضي على الأقل منذ العام 1973 سنجد أنفسنا أمام بلد يعيش في حالة انقسام مهما تغيّرت المعطيات والأسباب فإنّ الإنقسام وتجاذب السلطة يضعنا أمام حقيقة أنّه كلّما اشتدت الأزمات “بلطج” الزعماء على بعضهم البعض وعلى الشعب من دون أدنى حياء، “تمثيليّة” الكهرباء والفيول والتهديد بالعتمة كافية لتكشف حجم السطو والبلطجة التي تمارس على الشعب اللبناني!!

 

فضائح تهريب المواد الأساسيّة التي يقوم التجار بتهريبها إلى سوريا، البنزين المازوت الطحين ألا يشاهد العهد تقارير التلفزيونات اللبنانية التي تتناول فضائح تهريبها، المؤسسات العسكرية والأمنية التي تتجاهل هذه التقارير المرئيّة وكأنّها غير معنيّة بها، ضبط فلتان الحدود الذي يشرّعه حزب الله ويمنع ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لأنّها حدود لبنان مع إيران، كلّ هذا سيقودنا، بالتأكيد إلى أبعد من جهنّم بكثير، يسمع العهد بتخزين الدواء في مستودعات التجار ومنعه عن المرضى ووقف توزيعه على الصيدليّات ولا يتذكّر رئيس الجمهوريّة في اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع أن يطلب من المؤسسات العسكرية والأمنيّة تولّي عمليّة مداهمة مستودعات الإحتكار على اختلاف أنواعها، ولا نأخذ من هذه الاجتماعات إلا الكلام من دون أيّ تحرّك فعلي!!

 

الإمعان في قتل لبنان وشعبه مستمرٌ لأنّ المطلوب من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري تقديم فروض الولاء والطاعة لصهر العهد والخضوع له في مشهد غير مسبوق يفرض فيه على رأس الرئاسة الثالثة ورمز الطائفة السُنيّة في الحكم أن يأخذ رضى زوج بنت الرئيس هذا في الظاهر، ولكن في الحقيقة هو الإقرار بتعليمات الصهر لتتشكّل الحكومة، فيما صهر العهد غارق في حلمه المشؤوم بأنه سيأتي إلى الرئاسة على حصان أبيض بقوّة إيران ونظام بشّار الأسد!!