IMLebanon

جبران باسيل لحزب الله: لا شيء مجّانياً بعد اليوم

 

 

قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ما لم يقله رئيس الجمهورية ميشال عون في إطلالته الأخيرة حول الهدف الحقيقي من طاولة الحوار المفترضة، فالتيار وكما سبق وذكرنا في اكثر من مقال، لم يعد مقتنعاً بإمكانية تصحيح النظام القائم، وهو المعارض لاتفاق الطائف منذ توقيعه، ويعتبر أن التغيير بات ضرورة، ولو أن الأسباب الحقيقية للتغيير الذي يرغب به التيار لا تتعلق كثيراً بمصلحة اللبنانيين، بل بمصلحة فئة منهم.

 

وصف البعض خطاب باسيل أمس بأنه الأقسى منذ توليه رئاسة التيار، فهو لم يوفّر من هجومه أحداً، ولو تفاوتت نسب التصعيد بين فئة وأخرى، ولكن بحال أردنا التدقيق في الرسائل الأساسية التي وردت بخطاب باسيل يمكن ملاحظة التالي:

 

احتلت العاطفة جزءاً رئيسياً من الخطاب، والمقصود بالعاطفة هو الشارع المسيحي التياري، ولكن من المعلوم أن بالسياسة لا مكان للعاطفة، إنما تقصّد باسيل مخاطبة حزب الله من الباب العاطفي، فكانت عبارات التذكير بموقف الوطني الحر بحرب تموز، وتكرار عبارة تفاهم مار مخايل مراراً والتذكير بدور التيار بدعم حزب الله، وإعطاء الحيّز الكافي لتذكير الحزب وجمهوره بموقف باسيل من العقوبات الاميركية، مشدداً على أن العقوبات بأكملها لم تكن لتطاله لولا موقفه من الحزب الله وتحالفه معه.

 

ولكن في الوقت نفسه كان باسيل قاسياً في الحديث عن إمكانية فكّ التحالف ولو أن الامر سيتسبب له بخسارة انتخابية في مكان ما، وهنا لا بد من الإعادة، بأن السياسة أبعد ما تكون عن العاطفة، وما أراد باسيل قوله لحزب الله في خطابه هو أننا أمام منعطفات مهمة في الحياة السياسية اللبنانية، ونحن على أبواب استحقاقين مهمين للغاية، الأول هو الانتخابات النيابية التي لا يمكن للحزب أن يربح الاغلبية فيها دون التيار، وما يعني ذلك من ضرورة «إرضائه» بصورة مغايرة عما كان يجري في السابق، والثاني هو الاستحقاق الرئاسي، حيث أعاد باسيل طرح نفسه من جديد أمام الحزب لتذكيره بأنه الحليف الاول والاهم على الساحة المسيحية.

 

يعتبر باسيل أن حزب الله الذي كان وفيّا للجنرال عون بسبب مواقف الأخير بحرب تموز، يجب أن يكون وفياً لباسيل أيضاً بسبب مواقفه من أميركا ومن الهجوم الدولي والاممي على حزب الله لإضعافه، وإلا فما الداعي لاستمرار التحالف بشكله الحالي، وبعبارات أدق يجب على الحزب أن يدفع ثمن التحالف فلا شيء مجانيّ بعد اليوم، لذلك رمى باسيل الكرة في ملعب حزب الله ليتصرف والاختيار بين حلفائه، وهو ما لا يمكن لحزب الله أن يقوم به على الطريقة التي يتخيلها رئيس التيار الوطني الحر.

 

كذلك حمل خطاب باسيل هجوماً نارياً على المجلس النيابي ورئيسه، وهو أمر مفهوم فالتيار الذي فشل في المراحل الماضية يجب أن يجد خصماً يحمّله المسؤولية، ومن أفضل من بري الذي وقف ضد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وإلى جانب بري هناك سمير جعجع أيضاً، الخصم المسيحي الأول، و»المجرم» بعيون باسيل.

 

أما تطرقه لملف العلاقات مع سوريا وملف النازحين فهو على الرغم من تصويبه على المكان السليم لناحية الوجود السوري في لبنان واهمية مقاربة هذا الملف بلغة جديدة تُعيد السوريين الى ديارهم، إلا أنه في السياسة رسالة مباشرة الى الخارج المهتم بالشأن اللبناني، فباسيل يريد حجز موقع متقدم له باللعبة السياسية، ليس الآن ولكن في المستقبل القريب حيث بات الجميع على ثقة بأن تغييراً ما سيحصل، والى حين انطلاق هذا التغيير سيبحث الجميع عن كرسي في الصف الامامي لمواكبة ما يمكن أن يحصل.