IMLebanon

مستقبل جبران ليس مسؤولية نجيب!  

 

 

على بعد ثلاثة أشهر من نهاية كابوس عهد الثنائي ميشال عون – جبران باسيل، يبدو واضحا أنّه سيكون من الصعب ايجاد صيغة تفاهم بين هذا الثنائي ورئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي. يعود ذلك إلى أنّ الثنائي لا يزال يظنّ انّ مستقبله امامه في بلد استطاع القضاء على كلّ مقومات وجوده. ليس الثنائي ميشال عون – جبران باسيل سوى جزء لا يتجزّأ من الكارثة التي حلّت بلبنان بعدما تولّى توفير غطاء لـ»حزب الله» الذي يتبيّن يوميا انّ لا اجندة لبنانيّة لديه باستثناء جعل لبنان ورقة ايرانيّة.

 

يقول الواقع المثبت بالأحداث أنّ الثنائي الرئاسي جزء من الكارثة وأنّه صار من الماضي. لا يستطيع أن يكون شريكا، من أي نوع، في أي حل في بلد بات مصيره مطروحا. لا حاجة إلى الذهاب بعيدا من اجل تأكيد ذلك بما هو ملموس بعيدا عن النظريات والشعارات التافهة. يكفي موضوع الكهرباء كي يظهر للمواطن اللبناني العادي أنّ جبران باسيل، الذي يعتبره ميشال عون الإبن الذي لم تلده زوجته ووريثه الشرعي، ليس اهلا لتولي أي مسؤولية.

 

قال جبران  كلاما كبيرا عن الكهرباء التي يتولى مسؤوليتها مباشرة أو عن طريق تابعين له ولتيّاره منذ العام 2008… ولكن لا كهرباء. استفاد إلى ابعد ما يستطيع من صيغة السلاح يحمي الفساد قاطعا الطريق على أي مشروع جدّي يمكن ان يعيد لبنان إلى عصر الكهرباء. رفض عرض الصندوق الكويتي، نظرا إلى الكويتيين يتعاملون بشفافية في كلّ ما له علاقة بالمشاريع التي يتولى الصندوق تمويلها بقروض جدّ ميسّرة. رفضت وزارة الطاقة، في عهدة جبران باسيل، استعادة لبنان الكهرباء. من بين ما رفضته عرض شركة «سيمنز» الألمانية، وهو عرض قدمته في اثناء زيارة قامت بها المستشارة (السابقة الآن) انجيلا ميركل لبيروت في منتصف العام 2018. استطاعت «سيمنز» توفير ما تحتاجه مصر من كهرباء خلال فترة قصيرة فيما فضّل جبران باسيل العتمة على كلّ ما عداها. هناك شركات عالميّة أخرى غير «سيمنز» تستطيع مساعدة لبنان في استعادة الكهرباء، لكن هموم ميشال عون وجبران باسيل في مكان آخر. همهما تعميم ثقافة الموت التي تعني، بين ما تعنيه، بقاء لبنان من دون كهرباء وعزله عن محيطه العربي والمتاجرة بقضيّة اللاجئين السوريين بين وقت آخر، لعلّ ذلك يثير الغرائز لدى المسيحيين الجهلة. هل يدرك الثنائي الرئاسي انّ قضية هؤلاء اللاجئين هي قضيّة نظام سوري يشنّ حربا على شعبه بمساعدة من ايران وميليشياتها ودعم مباشر منها؟

 

اكتشف نجيب ميقاتي، الذي لديه عدد لا بأس به من العلل التي لا مجال للخوض فيها الآن، أنّ الثنائي الرئاسي ينتمي إلى نوع من الناس الذين لا يمكن التعاطي معهم، خصوصا ان ميشال عون يريد ممارسة صلاحيّات لا وجود لها، بموجب الدستور. يجهل الثنائي أنّ ليس في الإمكان استعادة حقوق المسيحيين في لبنان، هذا إذا كانت هناك حقوق مطلوب استعادتها، بواسطة سلاح «حزب الله» الذي ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني. في النهاية، يسعى نجيب ميقاتي إلى تحقيق انجاز ما بما في ذلك في قطاع الكهرباء الذي يعرف تفاصيله وملفّه عن ظهر قلب. يدرك الذي يعرفون شيئا عن سلوك ميشال عون وجبران باسيل أن لا علاقة لهما من قريب أو بعيد بكلمة انجاز.

 

لا حاجة بالطبع إلى استعادة تاريخ ميشال عون من اجل اثبات ذلك. قد يكون الإنجاز الوحيد الذي حققه توفير كلّ الفرص لجيش حافظ الأسد كي يدخل قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانيّة في 13  تشرين الأوّل – أكتوبر 1990  أو في دخول مواجهة مع «القوات اللبنانيّة» بعد حصولهما على دبابات من أرسلها صدّام حسين إليهما في العام 1989 عبر تركيا…

 

يمكن تبسيط المشكلة القائمة بين رئيس الوزراء المكلّف والثنائي الرئاسي، بانّ ميشال عون وجبران باسيل لا يستطيعان الإقتناع بانّهما  صارا من الماضي، في حين يسعى نجيب ميقاتي إلى ان يكون لديه مستقبل ما بصفة كونه حقّق إنجازا ما في مجال استعادة الكهرباء أو غير الكهرباء. ليس ما يدلّ على مدى قصر نظر جبران باسيل وجهله بما يدور في المنطقة والعالم أكثر من وقوعه تحت العقوبات الأميركية بموجب قانون ماغنتسكي المتعلّق بالفساد. لماذا لا يتجرّأ رئيس الجمهورية الآخر في لبنان، وهو رئيس لا تزال لديه ثلاثة اشهر أخرى في قصر بعبدا، على تحدي العقوبات الأميركيّة في الولايات المتحدة امام القضاء الأميركي؟ هل يعتقد انّ نجيب ميقاتي لا يعرف، ولو القليل، عن كيفية إدارة اللعبة السياسيّة في واشنطن وأصولها ومعنى سقوط أي شخص تحت سيف العقوبات الأميركيّة؟

 

الأهمّ من ذلك كلّه  أنّ «حزب الله» في موقع المتفرّج. لديه قنواته مع نجيب ميقاتي الذي يمتلك علاقات خاصة مع الفرنسيين، إضافة إلى ان لديه خطوطه الإيرانيّة. في المقابل، صار جبران باسيل رجلا مستهلكا لدى الحزب الذي لا يمتلك سوى اجندة بحت ايرانيّة. بين رجل لا مستقبل له وبين رجل استطاع إيجاد موقع له على خريطة السياسة الإقليمية، التي تتجاوز لبنان، ليس ما يشير إلى أي تغيير في لبنان، أقلّه في المستقبل المنظور.

 

كلّ ما في الأمر انّ لا فارق لدى نجيب ميقاتي تشكلت حكومة أم لم تتشكل. ليس الرجل مسؤولا عن ضمان مستقبل جبران باسيل الذي لم يدرك يوما معنى ان يكون وزيرا للخارجيّة الإيرانيّة، وليس وزير خارجية لبنان في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربيّة. كان ذلك عندما شغل باسيل موقع وزير الخارجية قبل بضع سنوات. قدّم أوراق اعتماده إلى «حزب الله» وايران. لكنّ لكلّ خدمة من هذا النوع صلاحيّة تنتهي مع الوقت. هل يقتنع الثنائي الرئاسي ان صلاحيته انتهت في حين لا يزال نجيب ميقاتي حاجة لغير طرف إقليمي ودولي؟