IMLebanon

كحل التأجيل أو عمى الاستشارات

 

الجمود والغموض سيّد الموقف، ويوم غدٍ الخميس موعد فصل للاستشارات النيابيّة، والجميع سجّل مواقفه وارتاح في انتظار المشهد الجديد، وهو شديد الغموض حتى اللحظة إذ «لا مرشح حتى الآن لرئاسة الحكومة غير الحريري»، وهذا يُعقّد مصير التوصّل إلى تشكيل حكومة في وقت قريب!

 

بالأمس أوصل إعلام حزب الله رسالة الحزب فاختصر الوضع بوضع الرئيس سعد الحريري أمام خياريْن:» أمام الحريري خياران إمّا يسمّي شخصية من كتلته أو تياره تحوز على ثقة الكتل النيابية أو يبدل مقاربته السياسية لتشكيل الحكومة»، الخياران من الصعب التسليم بهما، لم يعد من السهل على أي إسم أن يقبل الدّخول في لعبة التسميات على طريقة «ما متت ما شفت مين مات»، ومن يضمن أنّ التسمية ستفضي فعلاً إلى تسمية هذا «المسمّى» رئيساً للحكومة، والسؤال الأصعب هل سيتمكّن هذا «المسمّى» من تشكيل حكومة يرضى عنها الثّوار أم أنّها ستموت في مهدها؟!

 

كان ملفتاً مساء أمس تمرير قناة التيار الوطني الحرّ لخبر عن «إمكانية تأجيل الاستشارات النيابية وذلك بطلب من الحريري»، حتى الفريق العوني ومعه العهد وسيّده التأجيل في مصلحتهم وإن ألقوا رغبته على الرئيس سعد الحريري، خصوصاً وأنّ عودة جبران باسيل إلى الحكومة المنتظرة مستحيلة، وربما علينا التذكير بأنّ الرئاسة الأولى هي التي بدأت مزاد «تأجيل» الاستشارات النيابية بحجّة المشاورات مع الفرقاء السياسيين، فيما كثيرون ونحن منهم نعتقد أن الغاية الحقيقيّة هي إبعاد كأس عدم توزير جبران باسيل عن شفتيها إقراراً منها بهزيمتها شعبيّاً،ولن تعترف بذلك!

 

هنا، لا بدّ لنا وبمنتهى الشفافيّة أن نقول أنّنا نجد في دوامة تسمية رئيس حكومة التي تدور فيها البلاد مكسباً كبيراً لحزب الله، عمليّة الإلهاء هذه للشعب اللبناني وإغراقه في جدليّة تكنوسياسيّة أو تكنوقراط متعمّدة لأنّها تشغله عن حقيقة أزمة لبنان ومأزقه الاقتصادي وكلّ ما يعيشه على المستوى المالي اليوم سببه حزب الله وسلاحه والعقوبات المفروضة عليه بسبب أجندته الإيرانيّة وتورّطه في زعزعة أمن المنطقة العربيّة، وللمناسبة أخطر ما يخشاه حزب الله اليوم خروج صوت واحد بين اللبنانيّين يعلو رافضاً استمرار الحال مع حزب الله على ما هو عليه، للمفارقة أنّ قناعة اللبنانيّين التامّة برفضهم الانزلاق باتجاه الحرب الأهليّة هي التي شكّلت وتشكّل منذ العام 2005 الغطاء الحقيقي لحزب الله وسلاحه، فهل هناك أعجب من ذلك؟

 

نحن نعيش ملهاة مأساويّة ، فما الذي علينا أن ننتظره بعد أكثر من إعلان الأكثر حماساً للثّورة من المواطنين العاديين أنّهم يشعرون بإحباط شديد من إفلاس الشركات وطرد الموظفين والعجز عن دفع الرواتب، دورة الحياة تكاد تتوقّف، ما المطلوب أكثر من ذلك؟ لبنان بحاجة إلى حكومة طوارىء تملك خطّة طوارىء تتحمّل مسؤولية تأمين الأمن الغذاني والطبي للبنانيين، لأنّه من المؤسف أن ما نشاهده يوميّا هو إمعان في هدر الوقت في حفلة قتل ممنهج وغير رحيم للبنان، ودائماً تحت إمرة حزب إيران وسلاحه وأجندته الفارسية، الذي ما يزال مصرّاً على فرض حكومة على نسق التي أسقطها الشّارع!!

 

حزب الله وسلاحه هو علّة العلل الحقيقيّة في لبنان، وهو سبب بلوغ الأمور فيه هذا المنحى المأساوي، وإمعانه في تسلّطه وفرض السياسة التي يريد على البلد لمصلحة الأجندة الإيرانيّة سيتسبّب في الأيام القريبة المقبلة بأن نشهد سقوطاً دراماتيكيّاً مروّعاً لهيكل الدولة الهشّ، في ظلّ صمت سياسي هو في أضعف الإيمان «شيطان أخرس» ساكت عن الحقيقة في هذه اللحظة اللبنانيّة المصيريّة!

 

ميرڤت سيوفي