IMLebanon

«الدونكيشوتية الباسيلية» تتواصل …؟!  

 

على وقع «الاجتياح الكوروني» للعالم بأسره، وتسجيل لبنان نسبة عالية من الاصابات، فرضت اقفالا عاما، واشاعت مخاوف تتزايد، يوما بعد يوم، من خطورة انتشاره واتساع حجم الاصابات، بالتقاطع مع صرخات اصحاب المستشفيات، مصحوبة بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون «المجلس الاعلى للدفاع» لاجتماع طارئ، واعلان ما يمكن اعتباره «تعبئة عامة»، اطل (صهر الرئيس عون)، رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على اللبنانيين، في مؤتمر صحافي، خلاصته التذرع بما الت اليه الاوضاع للانقلاب على اتفاق الطائف، و تأسيس نظام سياسي جديد يقوم على الدويلات المناطقية والطائفية، ان لم يكن له مايريدً على «طاولة حوار وطني»، ورمي مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الرئيس المكلف سعد الحريري…

 

بادر عديدون، وهم يستمعون الى باسيل، الى استعارة قول السيد المسيح (عليه السلام) وهو يخاطب «مرتا الدونية» قائلا: «مرتا مرتا، تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين، والمطلوب واحد…» في استعارة بالغة الدلالة، وباسيل يمضي في «دونكيشوتيته»، وانانيته، وحساباته الفئوية، غير عابئ بما يمكن ان يترتب على مواقفه وممارساته من اعباء بالغة الخطورة، والبلد «يعاني الامرين» جراء ازماته المتعددة العناوين والمضامين…

 

في العشرين من تشرين الاول الماضي، كتبت «في وضح النهار» مقالة بعنوان «الباسيلية الدونكيشوتية» على عنادها، وهو الذي احترف مهمة عرقلة تشكيل «حكومة الانقاذ»، رغم المساعي الداخلية للبطريرك الراعي، والخارجية التي تنتظر، يوم تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن، مسؤولياته في  العشرين من الشهر الجاري، خصوصا وان المعلومات تفيد ان القيادة الفرنسية «مستاءة جدا، بل غاضبة ومصدومة من عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية، برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، ويأتي الرئيس عون و»التيار الوطني الحر» برئاسة باسيل في طليعة المعرقلين، وهما يمضيان في اللعب على الالفاظ والكلمات، لتسويق خياراتهما وتبرير العرقلة…»

 

يعتصم الحريري بالصمت، وهو ليس في وارد الاستسلام لـ»الامر الواقع» وللاملاءات التي تفرض عليه، كما وليس في وارد الاعتذار… والعماد عون، بلسان صهره الميمون، لا يسأل لماذا حصل كل الذي حصل…؟ واللبنانيون، على وجه العموم، يسألون «سيد العهد وفريقه» ماذا تحقق من انجازات طوال عهده الميمون، وهو في الرئاسة الاولى يتصرف وكأنه صاحب الامر والتدبير، على خط الاصلاحات المطلوبة بالحاح، لبنانيا واقليميا ودوليا، والى جانبه حشد نيابي ووزاري من تنظيمه السياسي ومن حلفاء، من ابرزهم «حزب الله»…

 

قبل ايام شاعت اخبار عن ان باسيل يتعرض لضغوطات بهدف تقديم تنازلات تسهل ولادة الحكومة… وحتى اليوم، لم يظهر في المعطيات المتوافرة، ما يؤكد ذلك والبناء عليه، وقد سأل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة اول من امس الاحد، «هل الحقائب والحصص وتسمية الوزراء اهم واغلى عند المسؤولين عن تشكيل الحكومة، من صرخة ام لا تعثر على ما تطعم به اولادها، ومن وجع اب لا يجد عملا ليعيل عائلته..»؟! ليخلص مؤكدا الدعوة الى وجوب الاسراع في تشكيل «حكومة انقاذية»، بالمواصفات الحريرية، تكون غير سياسية، تباشر مهماتها الاصلاحية، وتكون المدخل لحل الازمات، ومتسائلا عن اسباب الاصرار على ربط انقاذ مصير لبنان بلعبة الامم وصراع المحاور…؟!

 

لا احد ينكر ان اللبنانيين، على وجه العموم، اصيبوا بـ»خيبة امل كبيرة» جراء سياسات العهد العوني، وقد تبخرت الوعود والاحلام، حتى صار «الاصلاح والتغيير» نسيا منسيا، وكلاما في الهواء… وقد ذهبت «ادراج الرياح» كل الوعود العونية في ذلك… وفق قائمة توزعت مضامينها بين استشراء الفساد والفاسدين والازمات السياسية والاقتصادية  والمالية والمعيشية  والاجتماعية والصحية، ناهيك بالازمة النقدية الحادة، التي ادت الى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي، وقد ارتفع عدد العاطلين من العمل الى ما يفوق الـ٥٢ في المئة من شباب وشابات لبنان… واذا كان لا بد من «طاولة حوار وطني» فالاولى ان ينتج عنها تصور يقصي دعاة «التغيير و الاصلاح» هؤلاء ويحيلهم الى القضاء المختص، ليقول كلمته ويضع حدا للعب على حاضر البلد ومستقبله، كي لا تتكرر المسرحيات  الممجوجة و»الدونكيشوتيات» الباسيلية..؟!