IMLebanon

معركة جنرال ثلج  وحرب سوريا اللبنانية

لبنان ليس خارج حرب سوريا، وإن خدع نفسه بسياسة النأي بالنفس. فهو هناك وهي هنا بقوة الأشياء. لا فقط سياسياً واجتماعياً، بل أيضاً أمنياً وعسكرياً. ومن الوهم الهرب من هذا الواقع. فعلى الصعيد السياسي انقسام حاد في المواقف بين فريق مع النظام وآخر مع المعارضة، فضلاً عن متعاطفين مع داعش والنصرة وقلة عاملة معهما. وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن الحرب دفعت نحو مليوني نازح سوري الى لبنان يشكلون قضية انسانية وديموغرافية وأمنية ويعانون ظروفاً صعبة، بحيث تغيرت حياتهم في لبنان بمقدار ما غيّروا الحياة فيه.

أما أمنياً، فإن الأجهزة مستنفرة للحؤول دون انفجار السيارات المفخخة ولكشف خلايا ارهابية نائمة والقبض على ارهابيين مرتبطين بداعش والنصرة. وأما عسكرياً، فإن الربط لم يعد مقتصراً على مشاركة حزب الله في الحرب الى جانب النظام ومشاركة متطوعين الى جانب المعارضين. اذ وجد الجيش نفسه في مواجهة دامية مع داعش والنصرة في عرسال وجرودها ثم في جرود رأس بعلبك، فضلاً عن المعركة في طرابلس وعاصون مع متشددين مرتبطين بالتنظيمين الارهابيين.

ذلك أن الجيش يقف على الخط الأمامي في جبهة مفتوحة مع الارهاب في جرود عرسال. وهو يستعد لصد أي هجوم ارهابي على نقاطه المتقدمة في الجرود أو على قرى لبنانية.

لا بل يتحسب ويتصرف على أساس أن اشتداد البرد في الشتاء سيدفع الارهابيين الى التحرك لضمان ملجأ على الأرض اللبنانية. وهذه المرة فإن الجنرال ثلج ليس الى جانب لبنان بل الدافع الى اعتداء الارهابيين عليه. وليست قضية العسكريين المختطفين منذ أشهر في معركة عرسال سوى جزء من الحرب الدائرة، بصرف النظر عما رافق التعامل معها من ارتباك وأخطاء في التفاوض وفي الاتكال على قطر وتركيا في الوساطة، وعما اذا كان الارهابيون يريدون بالفعل التخلي عن هذه الورقة التي تسمح لهم بابتزاز الحكومة وأهالي المخطوفين.

والرهان على جهود اقليمية ودولية لاخراجنا من مأزق الانقسام والفراغ الأخطر من الشغور الرئاسي ليس سوى دوران حول ارتباط الوضع اللبناني بالوضع السوري، وإن استمر حديث العواصم عن اعلان بعبدا، فالحرب على داعش طويلة، بحيث يأمل وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري، مجرد أمل، في انهاء الارهاب في العام ٢٠١٦، ويصعب تقدير ما تأخذه الحرب في سوريا. والمساعي الروسية لحوار سوري – سوري، والدولية ل تجميد القتال في حلب ليست بوليصة ضمان حتى للنجاح الجزئي.

واذا صارت الحرب مع الارهاب قدرنا، فهل يجوز أن يبقى خيارنا هو الذهاب اليها وسط انقسام سياسي وفراغ وطني وشغور رئاسي؟