IMLebanon

جنتا: حكاية «معمل الإسمنت» بين مؤيدين ومعارضين

إلى الأرض نزل كل من أصحاب «مشروع معمل الإسمنت» العائد إلى «شركة الموسوي» ومعهم مؤيدوهم من بلدية جنتا، و «اتحاد بلديات شرق بعلبك»، في مقابل عدد من أهالي جنتا ويحفوفا وماسا الذين يرفضون إقامة المعمل في جنتا.

كل فريق قدم مطالعته وأدلته التي تؤيد وجهة نظره، فالشركة وعلى لسان صاحبها علي الموسوي أكدت عدم وجدود أي أضرار صحية أو بيئية، واعتبر أن «المعمل يؤمن الكثير من المنافع الاقتصادية لمنطقة تعاني من التهجير والبطالة مع تطبيقه جميع المعايير والشروط البيئية المنصوص عليها في القوانين اللبنانية والأوروبية»، وذلك خلال لقاء عقد في اوتيل رنا السياحي في أبلح، بحضور الوزير السابق الدكتور علي حسين عبدالله، وممثلين عن وزارات الصحة والصناعة والبيئة. وتسلح الموسوي بمشاركة كثيفة لبلديات شرق بعلبك، تقدمهم رئيس «اتحاد بلديات شرق بعلبك» عبد اللطيف الموسوي، ورؤساء بلديات جنتا، النبي شيت، الخضر، الخريبة، حورتعلا، سرعين الفوقا، سرعين التحتا ومعربون، وعدد من مخاتير المناطق المذكورة، وممثلون عن قيادتي «حزب الله» و»حركة أمل» في البقاع «وعائلات من جنتا، من الذين يقطنون في البلدة»، حسب تعبير رئيس البلدية أحمد أيوب.

في المقابل، نظم عدد من أهالي جنتا ويحفوفا وماسا اعتصاما على أوتوستراد بعلبك عند مفرق بلدة علي النهري، رفعوا فيه اللافتات الرافضة لوجود معمل الإسمنت. وتحدث كل من مختار جنتا عباس أيوب، ومختار يحفوفا أحمد مرهج أيوب، ورئيس بلدية ماسا حسين ناصر، مؤكدين أن المعمل يعمل على تهجيرهم وعلى إلحاق الضرر الفادح في الشجر والبشر والحجر، مطالبين الوزارات بعدم إعطاء التراخيص المطلوبة للمعمل. وتوجهوا إلى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، ورئيس مجلس النواب، بالتدخل لمنع إقامة المعمل.

وعمد الاهالي إلى إقــفال الطريق الدوليــة بشكل جزئي لفترة من الوقت، مهددين بالتصعيد، مؤكدين أن منطقتهم منطقة سياحية وزراعية وليست صناعية.

المعمل والرفض

حكاية المعمل تعود إلى القرار رقم 43، الذي يتضمن فيه موافقة بلدية جنتا بغالبية سبعة أعضاء من أصل تسعة، على إنشاء معمل للباطون على أنواعه لمصلحة شركة الموسوي، فقوبلت الموافقة برفض عدد من الأهالي، مستحضرين مثال بلدة شكا وما لحق بها من تأثيرات سلبية نتجت عن وجود معمل الإسمنت في منطقتها. وعليه رفع الأهالي كتب اعتراض إلى وزارات الداخلية والبيئة والصناعة والطاقة والمياه، كما وصلت كتب الاعتراض على إنشاء المعمل إلى بري ونصرالله.

وأكد مختار جنتا عباس أيوب أن المعمل يضرب أهم منطقة زراعية وبيئية، وأن الأهالي سيصعدون من احتجاجاتهم وسيواجهون قرار إنشاء المعمل بالرفض التام.

ويشير المختار أيوب إلى أن المشروع سبق ورفضته بلدة ماسا، ولكن قبلت به بلدية جنتا، وهذا ما نحن نرفضه بشكل قاطع، لافتاً إلى أن بعض الدراسات تشير إلى أن سلبيات المعمل وانبعاثته تصل إلى ما يزيد عن 15 كيلومتر. وتعد قاتلة ومدمرة لأي حياة.

في المقابل يدافع رئيس بلدية جنتا أحمد أيوب بشدة عن قراره بإعطاء الموافقة، وطالب الشركة بالإسراع في إنجاز التراخيص المطلوبة لما يشكله المشروع من فورة اقتصادية، مشدداً على أنه الأحرص على حياة الأهالي في جنتا والجوار، متحديا «أن يكون من بين المعترضين أي من قاطني جنتا» وفق تعبيره. وشدد على أن المعمل يبعد أكثر من 5 كيلومترات بشكل دائري عن أي منزل سكني.

يشار إلى أن بلدية جنتا سبق لها وأن رفضت مشروع المعمل الذي قدمته الشركة على العقارين 58 و60، فعدلت الأخيرة مشروعها ونقلته إلى العقار 89، الذي يبعد حسب أيوب عدة كيلومترات عن العقارين المذكورين. كما أن المشروع طرح على «اتحاد بلديات شرق بعلبك»، الذي يضم بلديات النبي شيت والخريبة وجنتا وسرعين التحتا والفوقا والخضر ومعربون، وقد وافقوا بالإجماع على المشروع، في حين يبرز المعترضون على إنشاء المعمل كتاباً من «اتحاد بلديات شرقي زحلة»، الذي يضم بلديات ماسا وحارة الفيكاني وعلي النهري وتربل وكفرزبد وعين كفرزبد وقوسايا ورعيت ودير الغزال، معلنين في الكتاب رفضهم مشروع إنشاء المعمل.

في المقابل، أشارعلي الموسوي إلى أن اختيار المنطقة المزمع إنشاء المعمل فيها على العقار98، والتي تمتد على مساحة تقارب المليون متر، أتى لعدة أسباب، أولها ابتعاد المكان عن أي حياة بشرية أو سكنية أو زراعية أو نباتية على طول 5 كيلومترات بشكل دائري، عدا عن كون هذه المنطقة منطقة جردية تحاذي الحدود السورية وتقع في أسفل قعر المنطقة الجبلية، لافتاً إلى أن المعمل مجهز بآلات تصنيع أوروبية المنشأ، وتعد الأحدث عالميا وتتضمن الشروط الصحية والبيئية والضامنة للسلامة مطلوبة وفق شروط ومعايير وزارتي الصناعة والبيئة.

وقدمت الشركة تفاصيل عن المواصفات والشروط البيئية والصحية التي تحدث عنها المهندس ناجي معاصيري من شركة الأثر البيئي، سارداً تفاصيل عن شهادة الأثر البيئي التي يجري إنجازها، وهي شهادة تعتمد على تطبيق القوانين اللبنانية والاوروبية، وتتضمن كل المواصفات العالمية والشروط التي تراعي مختلف الجوانب الحياتية من صحية وبيئية واقتصادية ومائية. وأكد أن مكان المشروع الحالي يعد الأنسب على مستوى لبنان بأكمله، نظراً لبعده السكني ولبعده عن الحياة المائية وعدم حاجته اليها، ولبعده أيضا عن الحياة الزراعية، كما أن بنود شهادة الأثر البيئي تلحظ خططاً عملية للمراقبة مع دراسات للانبعاثات الهوائية التي تكون مسموحة لدخول الانبعاثات في عملية الإنتاج وحاجة المعمل إليها كونها أحد عناصر الإنتاج.

وتحدث معاصيري عن معامل حديثة يمكنها أن تجاور حدائق عامة من جراء التطور في الآلات التي تستعمل في عمليات الإنتاج على مثال المجمع الصناعي الحالي.

ونظم أصحاب المعمل جولة للاعلاميين أكد فيها ممثل وزراة الصناعة رئيس لجنة التصنيف الصناعي مأمون ناصر أن المعاينة الميدانية تبين أن المنطقة بكاملها عبارة عن صخور وهضاب وجرود ولا وجود لأي سكن قريب منها أو حتى مرئي.