IMLebanon

العهد يُعطّل تشكيل الحكومة

 

 

أسوأ ما يواجه الثّورة اللبنانيّة اصطدامها بواقع مواجهتها عهدٍ غير مبالٍ بما يحدث لا في الشّارع اللبناني، ولا بواقع الانهيار المالي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، ولا بكلّ ما يتهدّد الأمن الغذاني والدّوائي من مخاطر، وهو يستمرّ في ممارسة مناورة تخرق الدّستور وتُعرّض البلاد لأخطار محدقة، وحتى السّاعة يمارس العهد مناورة لا استشارات لا تكليف ولا تأليف ولا حكومة ولا حلول قريبة في الأفق، فالبلد مشلول والنّاس بحال هلع مالي كبير!

 

يستخفّ محور الممانعة بعقول اللبنانيين فيخرجون له من مقابر الحرب الأهليّة أسماء مثل كمال شاتيلا باعتبارها مرشّحة لموقع رئاسة الحكومة، «يا أخي جربّوا» كلّفوا هكذا أسماء تصوّر لكم سخافتكم أنّ طرحها يُخيف اللبنانيّين، هذا العبث المستمرّ في إطار مسرحيّة «التوافق» قبل الاستشارات هو «عبث بالدّستور» وخرق فاضح له، وللمناسبة خرق الدّستور وتعطيله والعبث به واحدة من العلامات الفارقة في تاريخ سيّد العهد لم يريد إعادة قراءة تاريخه في العامين 1989 و1990، ولو كان الزّمن اليوم كذاك الزّمن لفعل مثلما فعل في الأيام الغابرة، ولكنّ الله شاء أن بلطف بالبلاد والعباد إذ يقتصر التّدمير والخراب اليوم على المستويات السياسية والاقتصاديّة والماليّة، والآتي أعظم!

 

التغاضي الذي يمارسه العهد عمداً بالامتناع عن تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لن يحلّ مشكلة العهد وعنق الزجاجة الّذي حشر نفسه فيه في النصف الثاني من ولايته، هذا التعطيل سيدفع العهد ثمنه قبل الجميع لأنّ السؤال القاسي الذي يطرح نفسه بحدّة هل العهد عاجز عن «تأمين» تشكيل حكومة لتسيير أمور البلاد، تنقذ أوّلاً العهد من الفراغ الذي يلوح في أفقه للمرة الثالثة في تاريخ تجارب سيّد العهد السياسيّة؟!

 

تتكرّر مخالفة اتفاق الطائف مع هذا العهد منذ أتى العهد، ومنذ أوكلت بشكل غير معلن كثير من الأمور بإحالتها إلى «جبران» (باسيل)، أنتهكت صلاحيات الرئاسة الثالثة مرّات عدّة وما تزال، فهل هناك أفظع من قرار الرئاسة الأولى بالتطنيش على تحديد موعد الاستشارات الملزمة، وجرت الأمور منذ أول حكومات الطائف أن يصدر مرسوم تحديد موعد الاستشارات لتسمية رئيس حكومة مع مرسوم قبول الاستقالة وتكليف رئيس الحكومة المستقيل تصريف الأعمال، ما هذا الاستستهار بالرئاسة الثالثة وما ومن تمثّل؟ وكيف يقبل الساكتون بهذه الفضيحة الدستوريّة؟!

 

إن استمرّ تجاهل العهد فهذا الأفق المسدود ذاهبٌ باتجاه انفجار شعبيّ كبير، السلطة حتى اللحظة لم ولن تفهم رسالة المليونيْ لبناني الذين ملأوا الساحات بتظاهراتهم، أو بمعنى أدقّ هي لا تريد أن تفهم ويؤكّد ما ذهبنا إليه من أنّها لا تريد أن تفهم هذه الاستهانة بالدستور والاستخفاف بعقول اللبنانيين، والتمادي في ممارسة خديعة «التأليف قبل التّكليف»!!

 

هذا العهد يتصرّف وكأنّه منفصل عن الواقع، وعن الشّارع، مليوني لبناني يترقبّون لحظة إعلان موعد الاستشارات النيابيّة وكلّ تأخير يزيد الشارع اشتعالاً، الأيام المقبلة خريفيّة سوداء بامتياز، والشّارع اللبناني «القوي» محتقن وقلق ورافض بإصرار لكلّ محاولات الالتفاف على ثورته، كان الله في عون العهد أيضاً متى انفجرت كرة نار الشارع في وجه الجميع، أو انهار سقف الوضعين الاقتصادي والمالي ساحقاً رأس الجميع!