IMLebanon

الاستعصاء الحكومي وزاوية “حزب الله” للنظر

 

يُختزل الموضوع الحكومي المستعصي من أيار الماضي في سؤالين: هل تُيسّر نتائج الانتخابات النيابية أمر تشكيل هذه الحكومة العتيدة أو تضع العراقيل أمامها، طالما أن كل فئة مصرّة على انها تفوّقت على نفسها في الاستحقاق، ولا تريد ان تخسر ما كان لها من حصة في الحكومة السابقة، او حكومة تصريف الاعمال الى يومنا هذا، بل تريد على العكس تماماً ان تعزّز ما لها، من وزراء وحقائب؟

 

هذا السؤال كان “نجم” أشهر التعطيل الاولى، ما كدنا نقترب من حلحلة الحسابات أمامه، حتى قفز الى الواجهة السؤال الثاني: هل يسمح “حزب الله” أصلاً وأساساً بتشكيل حكومة، في هذه المرحلة، وكيف ومتى وبأي شروط؟ أو لنحصره كسؤال بالشكل التالي: متى يسمح الحزب بتشكيل الحكومة؟

 

لا تنحصر المعطيات المسوّغة لهذا السؤال بالغلبة المزمنة للحزب، او انعدام التوازن بينه وبين الاطراف الاخرى، نتيجة لجمعه بين امتلاك السلاح وخوض الحروب وطابعه الجهازي كتنظيم عقائدي وبين مداه التعبوي الجماهيري الواسع، ضمن الطائفة الشيعية، وبتحالفات مع جماعات تنتهج نفس خياراته الاقليمية خارجها. وطبعاً، نتيجة للتصدّعات المتزايدة التي أثقلت محاولة بناء المشروع الديموقراطي – الاستقلالي المرتكز على الرصيد الشعبي لـ 14 آذار 2005، من دون ان يخرج البلد تماماً من ثنائية “8 و14″ في نفس الوقت.

 

ثمة، الى معطيات الغلبة واللاتوازن، متغيّر لا بدّ من تسجيله، او على الاقل المناقشة في مدى مطابقته او عدم مطابقته لحركة الواقع السياسي. هذا المتغيّر يتّصل بحاجة النظام السوري قبل 2005، و”حزب الله” بعد 2005، الى ان يكون الحكم في لبنان وسيطاً، بينه وبين الخارج، سواء عني بهذا الخارج دولاً عربية، او اوروبية، او الاميركيين.

 

ومعنى هذا، الحاجة إلى ان يكون الحكم في لبنان ضمن المحددات التي يرسمها الوصي السوري، ومن بعده المتغلّب الحزبي، من يكون شبهاً لهما، ومن دون ان يكون هذا الاختلاف مرحّباً به في نفس الوقت، باعتباره “تعدداً ضمن الوحدة” مثلاً، بل يكون مادة للاشتباه والمزايدة والتخوين وصعوداً.

 

حتى عندما يتبرّم الوصي ثم المتغلّب من هذا الوضع، ويعتبر حاجته امام الخارج لمن لا يشبهونه في الداخل أكثر من حاجته لمن يشبهونه، وحتى عندما يندفع الوصي ثم المتغلّب لأخذ الامور بيده، مباشرة، وبشكل يزيد كل التباس، يتّضح لاحقاً الاحتياج، في الحالتين، الى العودة الى هذه المعادلة.

 

فالسؤال الآن هل ما عادت لـ “حزب الله” حاجة الى مثل هذه المعادلة، الى ما يمكن ان يراه البعض “حماية داخلية” له، وما يراه البعض الآخر “وساطة داخلية” بينه وبينه الخارج؟ هنا بيت القصيد اليوم. والحزب، في افتراض أول، لا يزال عند نقطة محاولة معرفة الى اين يمكن ان تصل العقوبات الاقتصادية والمالية التي تستهدفه والتي تتوسع في الاستهداف بما يتعدى جهازه بالمعنى الحصري للكلمة، وهل يمكن الحد من هذا المسار، لا بل تخفيف هذه العقوبات، وما هو دور “الداخل اللبناني”، وبخاصة القوى التي ليست الحزب، بل التي على خصومة او تنافر معه، في مساعدته على مثل هذا؟ طالما ان هذا السؤال لم يجد بعد اجابات عملية عليه لم يعد يُعرَف كيف يمكن تشكيل حكومة.

 

والحال هذه، اذا بقينا في هذه الحلقة المفرغة أشهراً اضافية، السؤال البديل يفرض نفسه: لماذا لا يُعاد اعطاء الثقة لنفس الحكومة السابقة، اي حكومة تصريف الاعمال الحالية، طالما انه “ليس بالمسموح” تشكيل حكومة جديدة؟