IMLebanon

مناعة حكومية  ضد الصدمات

عقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية أمس، بغياب وزيري حزب الكتائب المستقيلين سجعان قزي وآلان حكيم، فضلاً عن غياب وزير العدل أشرف ريفي، ومع التمييز بين دوافع ريفي للاستقالة وحوافز قزي وحكيم، فإن الاستقالات الثلاث، لم تحدث الصدمة الحكومية المطلوبة، وهذا ما برر للرئيس نبيه بري وصف استقالة الوزيرين الكتائبيين، ب القنبلة الصوتية… فيما اعتبرها كتائبيون وأصدقاء للكتائب خروجاً للحزب من المؤسسة التي تدير البلد نيابة عن رئيس الجمهورية الغائب، بينما رأى فيها قوّاتيون، تخلياً عن حق الفيتو داخل مجلس الوزراء محكوم باتخاذ القرارات مجتمعاً، ومن دون ضمان الحصول على مثل هذا الامتياز من خارج نطاق الدائرة الوزارية…

مؤيدو الخروج من الحكومة في الحزب، مقتنعون بالحاجة الى احداث صدمة على المستوى الحكومي، تعيد في ذات الوقت، بهرجة صورة الحزب شعبوياً، والذي حصل أنه بات لدى الحكومة مناعة ضد التيارات والصواعق، ما يخشى معه ارتداد الصدمة على مطلقها…

ومن هنا، تقول مصادر متابعة إن بعض الأطراف السياسية المستقلة أو الوسطية، من قدامى ١٤ آذار، باشرت اتصالات على مستوى الزعامة الكتائبية، لاقناع رئاسة الحزب بسحب الاستقالتين الشفويتين، اقتناعاً بأنها لن تضعف الحكومة وحدها… كما لن تسقطها، ولن تصلح ما أفسدت خلال السنتين اللتين مضتا على وجودها في السلطة…

ويرد الوزير المستقيل آلان حكيم بالقول إن هذه الاستقالة لن تغيّب حزب الكتائب عن متابعة دوره بوجه ملفات الفساد والقرارات المغلوطة، ملوّحاً بالتحرك في الشارع بمواكبة الاستقالة ودعماً لأسبابها، للتأكيد بأنها ليست قنبلة صوتية ولا كضربة السيف في الماء، انما هي صرخة وطنية للدفع باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية ووقف التدهور المتسارع في مؤسسات الدولة…

وفي مطلق الأحوال، يعتقد مؤيدو الاستقالة أن احتفاظ الوزير رمزي جريج، المحسوب على كتلة الكتائب، بموقعه الوزاري، يمكن أن يؤمن استمرارية الدور الكتائبي داخل مجلس الوزراء، وهو يبدو في مثل هذا الجو، بقوله أمس، إن الاستقالة أحدثت خللاً في التوازن الطائفي والسياسي داخل مجلس الوزراء، إلاّ أنه سيكون صوت زميليه المستقيلين، واللذين لم يعد من صوت لهما داخل مجلس الوزراء.

القوات اللبنانية، لم تر توقيت الاستقالة مناسبا، أو ممكن أن يؤدي القصد منه، وهذا أيضا رأي الرئيس ميشال سليمان، الذي يلتقي مع الكتائب في اللقاء التشاوري. بيد أن القوات وجدت في استقالة وزيري الكتائب من حكومة المصلحة الوطنية، اعترافاً صارخاً، بصحة امتناعها عن المشاركة في هذه الحكومة من الأساس.

أما التيار الوطني الحر، فقد قرأ في الاستقالة المزدوجة محاولة لحشر وزرائه في الزاوية، فردّ مذكراً رئيس الكتائب بمشاركته في عملية نسف الانتخابات النيابية في ٣١ أيار ٢٠١٣، وبالتالي تصويته لصالح التمديد للمجلس، بعد اضافته فقرة على نص القانون بعدم دفع راتب أو تعويض للنواب المجدّد لهم طوال فترة التمديد…

ولكن ما من أحد قرأ في مرسوم التمديد غير التمديد… ولا أحد تابع قراءة المرسوم الى آخره، كي يمرّ نظره على الفقرة المضافة…

لا شك بأن أكثر من سبب موجب في خلفية استقالة الوزيرين الكتائبيين، بعضها معلن وبعضها الآخر مضمر، لكن أكثر سببين حرّكتهما الاستقالة في وجدان اللبنانيين: انتخاب رئيس الجمهورية، والفساد المستشري… فاذا الأولى عصيّة على الظروف، واذا الثانية كنشرة الأحوال الجوية في التلفزيونات، قصيرة ومثيرة وتمضي سريعاً باتجاه نشرة اليوم التالي…

وعلى أي حال الغضب الكتائبي مبرّر، وهو ان لم يفض الى الغرض، فقد يجدّد حيوية صاحبه…