IMLebanon

النعمة واللعنات

 

ربع ساعة، خمس عشرة دقيقة عصر أول من أمس، يتعذر إيجاد أي توصيف لها سوى أنها جاءت نعمة من الله أُنزلت على هذا الوطن الذي غمرته اللعنات طويلاً.

 

كان  اللبنانيون يضعون أيديهم  على قلوبهم وقد لجأوا الى المعابد، بعد البيوت والعراء، يرفعون الصلاة إليه تعالى كي يمن عليهم بالمطر بعدما تعذر على مكافحي النيران بوسائلهم كافة، وبحميّتهم المشهودة، التغلب على الحرائق التي اجتاحت هذا الوطن الصغير من جنوبه الى شماله مروراً بالجبل والبقاع.

 

فجأة أرعدت وأبرقت، برقاً غير خُـلّب، ثم انهمرت الأمطار، تلك الدقائق المعدودة التي كانت كافية لوقف الكارثة والحد من مخاطرها الرهيبة.

 

ولطف بنا الله. ولكن هل نلطف بأنفسنا هل نضع حداً لهذا الإهمال المخيف الذي بات سمة في تعاملنا مع القضايا؟ هل نعتبر من هذه الكارثة التي تسببت بأضرار بالمليارات في البيئة، عبر ضرب الثروة الحرجية التي امتاز بها لبنان منذ فجر التاريخ؟

 

أجل! هل نلطف بأنفسنا، فنلتفت الى شؤوننا بجدية ومسؤولية، وبضمير وأخلاق، وبمصلحة وطنية تعلو على مصالحنا الذاتية؟!

 

لقد لطف بنا الله فمنّ علينا بنعمة المطر في الوقت بل في اللحظة الحاسمة… فهل نلطف بأنفسنا فنغلّب النِـعَم، التي خصتنا بها العناية الإلهية، على اللعنات الكثيرة التي أنزلناها بأنفسنا، بعضنا في البعض الآخر، فإذ بها في النتيجة تصيبنا جميعاً.

 

أليست أزمة النفايات لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليست أزمة الكهرباء لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليست الأزمة الاقتصادية المتفاقمة لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليست أزمة الدولار لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس الفساد المتفاقم (والمتراكم) مسلسل لعنات أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس الارتباط بالخارج لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس الحقد والبغضاء والكراهية لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس الجشع والطمع والأشداق المفتوحة على التمتع بتدمير مقومات هذا الوطن في الثقافة والريادة والتقدم لعنات أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس بعض الصناديق والمجالس والهيئات لعنات أنزلناها بأنفسنا؟

 

أليس الولاء للطائفة والمذهب والعشيرة على حساب الولاء للوطن لعنة أنزلناها بأنفسنا؟

 

هل كان يجب أن ننتظر الحوادث والمعجزات لنواجه الحرائق، فيما ننام على طائرات وُجدت لهذه المهمة ما إنْ احتجناها حتى افتقدناها؟! فهل يصل التحقيق في هذه الطائرات – الإطفائية الى كشف الحقائق بالرد على سلسلة أسئلة:

 

ما قصة هذه الطائرات من الألف الى الياء؟

 

ما حقيقة أنها من دون صيانة، ولماذا؟

 

هل صحيح أنها غير صالحة  للعمل في طبيعة أرضنا حيث الوهاد  والسهود والجبال؟

 

وأصلاً: لماذا لم يجر استبدالها؟

 

نشكر الله على نعمته، ولكن لا يفوتنا «إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم» (قرآن كريم – الرعد – ١١).