IMLebanon

خطايا كبيرة  

 

أن تتحوّل أزمة تعذر تأليف الحكومة الى أزمة صلاحيات فهذا في حد ذاته دليل أكيد على أنّ هذا اللبنان لن يكون مستقراً على الإطلاق… هكذا كان على امتداد تاريخه وهكذا هو اليوم وهكذا سيكون غداً وإلى الأبد.

 

إنها من جهة ضريبة التنوع… ذلك أن هذا الوطن «الصغير المعذّب» يمضي «خارج  سياق» القافلة. فالأحادية التي هي سمة الأنظمة في الإقليم تفرض استقرار القمع. فإذا عرفت البلدان المحيطة استقراراً في تاريخها الحديث على الأقل فلأنها كانت (ولا تزال) «في عهدة» الشخص الواحد… نصف الإله على الأرض والبعض إله كامل المواصفات؟!. ولو أنصفنا لقلنا إنّ التنوع اللبناني يكاد يكون نسيج وحده في العالم. ولو شئنا أن نطرح الأمثلة لاستغرقنا وقتاً ومساحة طويلين. مع الفارق الكبير بين الأحادية الإستبدادية في منطقتنا وديموقراطية بلدان عديدة وهي لا تزال تعاني حداً من عدم المساواة بين نسيجها الوطني.

ومن جهة ثانية فإنّ سبب اللاإستقرار في لبنان هو الولاء للخارج لدى معظم الذين يتصدّرون في القيادات الشعبية… فالكثير من معظم الزعامات لا تكتفي بموالاة الخارج بل تبلغ حد تلقي الإمرة منه. وأيضاً لن نسترسل في هذه النقطة. فالمسألة معروفة من ألفها الى يائها. والأمثلة عليها تطالعنا، صادمة، في كل أزمة أو قضية أو مسألة!.

وهذه حقيقة أفجع ما فيها أن أبطالها (الكثر) لا يخجلون بها، بل لعلهم يفاخرون. والمواطن اللبناني يتحمل المسؤولية الكبرى في هذا السياق كونه «يعرف البيضة وتقشيرتها» ومع ذلك عندما يحين الإمتحان (الإنتخابات النيابية على سبيل المثال) ينقاد مثل النعاج، أو مثل الخاضع للتنويم المغناطيسي، وراء الذين مربطهم في الخارج. والبعض لا يتحدث عن المرابط بل عن «المعالف»! وهذا أمر أقل ما يُقال فيه إنه معيب. ولعلّ ما يذهب اليه بعض التقارير الأجنبية، عن حالات عديدة في هذا الإرتباط، يتجاوز الخجل الى… العار. والأظرف أنّ الخارج لا يتوانى عن إبلاغنا (مشكوراً) أنه لا يتدخل في شؤوننا إطلاقاً. كما لا يكل ولا يملّ عن توجيه النصح إلينا لنسارع في التأليف. بينما يؤكد العارفون أنه لا يكتفي في فرض ڤيتو على التوزير من هذه الجهة وڤيتو من خارج آخر من جهة ثانية… بل يذهب الى حد المطالبة بوضع أسس للبيان الوزاري تحت المسموح إدراجه والمرفوض أيضاً.

طبعاً نكون نبالغ إذا زعمنا أنّ الأزمة الوزارية تقف عند هذا الحد. ذلك أن الأطراف الداخلية مصابة بأمراض عديدة تراوح بين الشراهة والحقد (وهما خطيئتان كبريان في التعاليم المسيحية) والنكاية والالعبانيات وتسجيل النقط، والسعي لتفشيل الآخر… ولو على حساب وطن يسارع الخطى في الإنحدار نحو… الإنهيار مع هكذا قيادات…