بات أكيداً أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة في الأسبوع المقبل وسيُصدر بياناً على أهمية كبرى، بما يوازي (وربما يفوق) أهميّة «البيان الوزاري» الأوّل الذي تصدره الحكومة لتنال على أساسه الثقة النيابية التي تخوّلها ممارسة صلاحياتها.
القضايا الحسّاسة ستكون من ضمن بنود البيان المنتظر بما فيها تلك التي ربّـما يكون بيان الثقة قد تجاوزها، أو غضّ الطرف عنها، أو لامسها إيحاء أو مداورة. وتلك القضايا والمسائل باتت معروفة ليس فقط لأنها كانت في صلب «اعلان الإستقالة» من الرياض وحسب، بل أيضاً لأنها كانت مدار بحث أساس في يوم المشاورات الطويل بين الرئيس عون والقيادات الممثلة في مجلسي النواب والوزراء.
ولا نقول جديداً إذا قلنا إنّ البيان المنتظر سيكون محطّ الأنظار ومستقطباً الإهتمام الكبير المحلّي والإقليمي والدولي. وبالذات سيكون مدار إهتمام خاص من قبل ثلاثة أطراف بدرجة متقدّمة عن سواها وهي: المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية وفرنسا… كون الإثنتين الأوليين معنيتين مباشرة بأي نص سيصدر، وكون الأخيرة (فرنسا) أدّت دوراً بارزاً في الأزمة التي أعقبت الإستقالة الشهيرة… هذه الأزمة التي يمكن إعتبارها قد إنتهت مبدئياً بيوم المشاورات، ولكنها لن تنتهي جدياً إلاّ باجتماع مجلس الوزراء الأسبوع المقبل… وعندئذ يمكن القول إنّ الأزمة قد زالت وإن الإستقالة قد طويت رسمياً.
وليس قليلاً ما تبدّى، بعد الإستقالة وحتى اليوم من مواقف من شأن الرئيس سعد الحريري وفريق عمله أنّ يعكفا على دراستها وتحليلها وإستخلاص العبرة منها. ولعلهما قد فعلا ذلك من دون أدنى شك. ويعنينا، في هذه العجالة، التركيز على مواقف بعض الأطراف الداخلية، وأبرزها في تقديرنا الآتية:
أولاً – التبدّل الجوهري في موقف القوات اللبنانية وقد برز جلياً في كلام الدكتور سمير جعجع إثر مشاركته في مشاورات بعبدا. فلقد أعلن الحكيم التمسك بالتسوية (والقوات كانت في صلبها) وأيضاً التمسك بالحكومة… وكان موقف القوات بدأ يميل الى مغادرة التسوية والحكومة في آن معاً. وتعليقه الفوري على «إستقالة الرياض» واضح.
ثانياً – مضي الوزير وليد جنبلاط الى أبعد مدى في دعم موقف رئيس الجمهورية وأيضاً موقف الرئيس نبيه بري، وحرصه على بقاء الحكومة.
ثالثاً – إقتناع الرئيس سعد الحريري بأهمية استمرار الحكومة وإن كان لا يستبعد «تعديلات حكومية»، ملوّحاً بإمكان تقريب موعد الإنتخابات النيابية.
رابعاً – مضي سماحة أمين عام حزب اللّه السيّد حسن نصراللّه في الموقف المعتدل المنسجم مع التفاهم غير المعلن بين رباعي عون – بري – الحريري – جنبلاط.
وهذه الإشارات التي ربّـما وجدت ترجمتها في الإنتخابات النيابية قد تكون مدخلاً الى الحلول الكبيرة للمسائل الخطيرة (النأي بالنفس، التدخل العسكري من الحزب في الخارج…) ولحال من الإستقرار قد تدوم طويلاً، إذا كانت جماعات الإقليم صادقين في إدعائهم الحرص على لبنان.