IMLebanon

الحريري نحو «نعم» مشروطة للحوار مع «حزب الله»

لماذا يتمهّل رئيس «المستقبل» في الرد؟

الحريري نحو «نعم» مشروطة للحوار مع «حزب الله»

لم يردّ الرئيس سعد الحريري حتى الآن على تحية الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، لا بمثلها ولا بأحسن منها.

أغلب الظن أن الحريري «فوجئ» بموقف نصرالله في خطاب الليلة الأخيرة من عاشوراء، حيث أشاد بالدور الذي أداه «تيار المستقبل» في تغطية الجيش لحسم معركة طرابلس، وأبدى استعداده لفتح أبواب الحوار مع التيار.

وهناك من يقول بأن مقرّبين من الحزب فوجئوا ايضا باللغة الايجابية التي استخدمها نصرالله حيال «المستقبل»، فكيف بالحريري الذي بدا أنه يحتاج الى المزيد من الوقت والمشاورات، قبل أن يحدّد طبيعة الرد. بل إن البعض ذهب الى حد القول إن رسالة «السيد» باغتت زعيم «المستقبل»، الذي لم يكن يتوقع، ربما، هذه الجرعة من الانفتاح والمرونة في كلام «الأمين العام».

ويبدو واضحا أن معاودة الحوار بين الطرفين ليست سهلة، في ظل التراكمات التي أثقلت العلاقة بينهما، بدءاً من تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري مروراً بالملفات الداخلية الخلافية، وصولا الى الصراع في سوريا، والذي شارك كل منهما فيه على طريقته ووفق حجمه.

وعليه، ليس معروفا حتى الآن من اين يمكن أن ينطلق الحوار والى اين يراد له أن يصل، وما هو حجم التغطية الاقليمية له، وما هي قدرته على تحقيق اختراقات في الجدران السياسية الاسمنتية التي تفصل بين الجهتين، والى أي مدى يملك طرفاه جهوزية لتقديم تنازلات وتحقيق تسويات بمعزل عن المسارات الخارجية، وعلى أي مستوى يمكن ان يحصل التواصل، ومن سيتولى رعايته، وماذا لو أخفق في تحقيق نتائج إيجابية في مرحلة لا تحتمل ترف التجربة؟

بهذا المعنى، قد لا تكفي «النيات الحسنة» لاستئناف الحوار، او لضمان نجاحه، بالنظر الى كون «حزب الله» و«المستقبل» يحملان إرثاً ثقيلا من الصراعات الحادة التي بلغت أحيانا الخطوط الحمر، وجعلت كلاً منهما أسير طروحات عالية السقف.

من هنا، يعتقد بعض المراقبين ان المطلوب استباق الطاولة المستديرة المفترضة بمناخ تمهيدي لم ينضج كليا بعد، وبخطوات متدرجة لبناء الثقة، لا تزال غامضة، علما ان المطلعين على ما يدور في كواليس «المستقبل» يعكسون أجواء تفيد بأن الحزب مطالب بإنضاج الظروف الملائمة للحوار، والضامنة لجدواه، «لأن التجارب السابقة معه كانت سيئة…»

لا يبدو الحريري مستعجلا في إجابة نصرالله، وهو لا يزال في طور «القراءة المتأنية» لخطابه الذي تضمن «إشارات الانفتاح»، كما يؤكد العارفون.

وتلفت أوساط «المستقبل» الانتباه الى ان نصرالله احتاج الى قرابة ثلاثة اشهر ونصف للرد في اليوم الاخير من عاشوراء على المبادرة التي كان قد أطلقها الحريري خلال شهر رمضان الماضي متضمنة الدعوة الى الحوار، وبالتالي لا يصح القول إن الحريري تأخر، لانه تمهل في تحديد موقفه.

وإذا كان تحديد طريقة التعامل مع دعوة نصرالله الى الحوار، لم يتبلور لدى قيادة «المستقبل» حتى الآن، إلا ان ذلك لا يمنع أوساط التيار من التأكيد على أنه يجب السعي من دون إبطاء، الى تخفيض مستوى الاحتقان السني ـ الشيعي، لافتة الانتباه الى ان هناك مصلحة للجميع في ذلك.

والى حين ان يحسم الحريري أمره، تعتقد مصادر سياسية مواكبة لملف العلاقة بين التيار والحزب انه ليس بمقدور الحريري ان يقول «لا» لحوار، سبق ان دعا اليه هو، لكنه في الوقت ذاته يريد ان تكون الـ«نعم» متناسبة مع متطلباته وحساباته.

وتشير المصادر الى ان مشروع الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» سيواجه اسئلة من نوع: ما هي المواضيع التي سيناقشها؟ لاسيما ان الخوض في بعضها قد يكون من دون طائل، كمسألة التدخل العسكري لـ«حزب الله» في سوريا.

ثم على أي مستوى سينعقد الحوار؟ وهذه نقطة حساسة من حيث دلالاتها، فإذا حصل على مستوى قيادي شيء، وإذا كانت «رتبته» منخفضة شيء آخر؟

وترى المصادر ان الحوار يجب ان يكون مسبوقا بتهدئة النفوس وتهيئتها، لافتة الانتباه في هذا الاطار الى ان هناك تخفيفا ملحوظا في حدة خطاب «المستقبل»، باستثناء بعض الاصوات التي تعلو من خارج السياق.

وتعتبر المصادر ان الانتقال الى الحوار بعد مواجهة مزمنة يتطلب «مرحلة انتقالية»، لان الطائرة التي تحلق على ارتفاع شاهق لا تهبط مرة واحدة، وإنما تتدرج في الهبوط، موضحة انه ما من تصور ملموس بعد للحوار المفترض الذي لا يزال في طور «النيات».