IMLebanon

الحريري ومسيرة النهوض بالبلد

 

ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري أمام وفد نقابة الصحافة اللبنانية أول من أمس، يشكل خريطة طريق عمل الحكومة، ومقدمة بالغة الدلالة والأهمية لترتيب البيت الداخلي الحكومي، وترفعاً عن الدخول في المماحكات والزكزكات السياسية والاعلامية ودليلاً اضافيا على ان هذا الرجل، بات رجل دولة بامتياز، وليس على أجندته سوى العمل لمصلحة لبنان واللبنانيين، عموماً، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية وغير السياسية، متساوين في الحقوق والواجبات..

 

لم يغسل الحريري يديه… وهو يرى ان ما آلت اليه أوضاع البلاد، ليس وليد الساعة.. وان الحلول لا تكون على قاعدة «كن فيكون» بل هي نتاج تراكمات، على مدى سنين، في ظل ظروف دولية واقليمية ضاغطة، وظروف مفتوحة على كل الاحتمالات..

 

لا أحد ينكر ان الرجل، جراء مواقفه هذه، دفع أثماناً باهظة، لكنه لم يستسلم ومضى في طريقه، ينظر الى نصف الكوب الملىء، ولا يتوقف عند نصفه الفارغ إلا بهدف املائه.. خصوصاً وان تراكم الملفات، لم يكن مفاجئاً، ولم ينج من مزايدات عديدين، لكنه شاء ان لا يقف عند ذلك ومضى في مسيرته «تدوير الزوايا مع الجميع.. وتوسيع مساحة استشاراته وحواراته، بهدف توسيع دائرة الثقة بلنبان، دولة ومؤسسات وشعباً ومصالح؟. لكن من اسف، فإن «زكزكات» البعض السياسية لم تقف عند حد، وهو على قناعة بأنها ستنتهي عاجلاً ام آجلاً، ولن يبقى في الميدان سوى الانجازات التي يتطلع اليها ويعمل جاهداً، وعلى المستويات الدولية والاقليمية والداخلية لتكون على مستوى الامال والتطلعات.

من المبالغة وضع حل الملفات العالقة، ومن بيتها مسألة النازحين في عهده الرئيس الحريري.. تماماً كما ومسألة مكافحة الفساد وايقاف هدر المال العام، وتوفير الخدمات الاساسية للبنانيين من ماء وكهرباء وغير ذلك، «فالتحديات صعبة والقرارات صعبة وسنتخذها جميعاً ومتوافقون عليها..» على ما نقل عنه.

 

وعلى ما كان أكد في مرات سابقة عديدة، لم يتراجع الرئيس سعد الحريري من ثوابته المبدئية السياسية والاخلاقية والمبدئية ومضى في مسيرته وهو يحمل فوق كتفيه أعباء «ما أنزل الله بها من سلطان..». متمسكاً بالانفتاح على الجميع، و»تدوير الزوايا»، والنأي بالنفس عن كل المناكفات السياسية، وتعزيز التواصل، بعيداً عن أي قطيعة والتمترس وراء المتاريس، كما والسقوط في مربعات المحاور الدولية والاقليمية، وهي السياسة التي توفر للبنان حاضنة ورعاية دوليتين، هو بأمسّ الحاجة اليها في مثل هذه الظروف والتطورات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً المحاذية للبنان.

 

وعلى ما كان دعا اكثر من مرة، الى وجوب ان يضحي الجميع، لمصلحة البلد، التي تعلو على سائر المصالح، فإنه استمر، في تحذيره انه اذا اراد اي طرف المشاركة في الحكومة على أساس التصادم مع آخرين، فإنه لن يقبل بذلك اطلاقاً، لأن مثل هذا الامر «لا يصب في مصلحة لبنان، ولا في مصلحة اللبنانيين والجميع سيكون خاسراً..».

 

بحكمة وروية وتعقل و»عض على الجراح»، يتناول الرئيس الحريري ما آلت اليه أمور البلد.. وقد قطع الطريق في ذلك على سائر «المصطادين في المياه العكرة» ليكون الانموذج الارقى في ادارة البلد ومصلحته وهود على رغم كل المناكفات السياسية، بقي على تواصل، مباشر او بالواسطة مع سائر الافرقاء السياسيين.. وهو الذي رمى وراء ظهره ما كان يحصل من «قطيعة وتمترس من هنا وهناك»، ليدشن اسلوباً جديداً يقوم على تقديم المصلحة الوطنية ومواصلة الحكومة عملها وتعزيز التواصل مع سائر الافرقاء مع ان يحافظ كل فريق على ارائه بما لا يعطل مسيرة الحكومة والنهوض بالبلد.. انها المدرسة «الحريرية السياسية»، التي تستحق أرفع الأوسمة.