IMLebanon

الحريري بين نهج والده ام نهج ميقاتي؟

 

 

 

دلّت عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن إستقالته، المعزّزة «بتجميل» البيان الوزاري، على أنه سلك خطاً مستقلاً عن دول مجلس التعاون الخليجي، التي أعربت عن مواقف واضحة من دور حزب الله السياسي والعسكري على أرض الإقليم العربي، بعد أن كان قدّم إستقالته المتضمّنة مواقف مضادة لمحور الممانعة، تلاقى فيها مع قرارات وزراء الخارجية العرب، بعد إجتماعهم في القاهرة.

فقد جاء بيان التسوية الجديدة، بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء ليوضح بأن فريق الممانعة لم يربح فقط في هذه الجولة، وكذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بل إن اللافت في الأمر هو تباعد الحريري عن المحور العربي – الخليجي، معطياً لذاته هامشاً يمكنّه أن يكون رئيساً للحكومة دون غطاء سعودي على ما هو الكلام في الحلقة المحيطة به، إستنادا ً الى الواقع الذي كان عليه رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.

إذ في منطق رئيس «تيار المستقبل»، بأن ميقاتي تولّى رئاسة الحكومة لنحو ثلاث سنوات، وفي ذلك الزمن إنتقل حزب الله الى سوريا للقتال الى جانب الرئيس بشار الأسد، وتضمن البيان الوزاري، الثلاثية الذهبية، أي «الشعب والجيش والمقاومة»، وكان التخوف يومها من ان السعودية ستمارس موقفاً حاداً تجاه لبنان، الى أن ذلك «ذهب أدراج الرياح»، وعادت العلاقة بين ميقاتي والقيادة السعودية الى مجاريها، دون محاسبة على أفعاله، ودعوته مراراً الى اللقاءات «السنيّة الطابع» ام «الوطنية البعد» في السفارة السعودية، مؤشّر واضح  على أن الرجل الذي أعطى لذاته هامشاً كان على حق، وان النهج ذاته الذي سيعتمده الحريري في المرحلة المقبلة بعد الأزمة التي رافقت إستقالته.

لذلك فإن الحريري، سيتصرّف وفق قاعدة عدم توتير العلاقة مع الرئيس عون، وعدم المواجهة مع «حزب الله»، وعدم حصول خلاف بين الدول العربية ولبنان.وان ثمة معطيات بأن الحريري عاد من فرنسا متجها نحو إثارة سلاح حزب الله، والطلب من رئيس الجمهورية بترأس حوار وطني، على غرار الجلسات التي شهدها قصر بعبدا وعين التينة. لكن عون رفض ذلك لعدم قناعته بأن سلاح الحزب مفترض ان يوضع على طاولة البحث، او أن يكون محور النقاش في عهده. الأمر الذي تنفيه أوساط اخرى محيطة بالرئيس الحريري…

وتصل مهادنة الحريري لمحور الممانعة الى حدّ إعلانه صراحةً في إجتماع كتلة المستقبل، «بأننا سنردّ على محور الممانعة، إذا ما هوجمنا»، معتبراً بأن وجود حزب الله في سوريا له خصوصية، وظروف دوليّة تختلف عن وجوده في كل من العراق واليمن، الذي شارفت مهمته على الإنتهاء فيهما، على ما أعلن أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله.

ويتمسك الحريري بضرورة تعاطيه مع الدول العربية، «من الندّ للندّ»، على قاعدة أن لبنان بلد مستقل، وذات سيادة كدول الخليج الذين يحرصون على سيادة وإستقلال لبنان، وهو واقع يجب أن يتقبله هؤلاء منذ اليوم، لأنه بات اليوم «سعد الحريري الجديد» قادراً على دوزنة العلاقات بين التناقضات.

وإذا كان الكلام، في محور الممانعة بأنه لم يكن هناك حاجة لصيغة جديدة للبيان الوزاري، فإن قوى سياسية تعبر عن قلقها من أن  يوصل أداء الحريري الى ردّة فعل عربية نتيجة عدم تقديمه ضمانات جديدة لهذه الدول التي اتهمت «حزب الله» بتعريض أمنها القومي للخطر، متوقفةً أمام النهج الجديد للحريري الذي بدأ يعبّر عنه منذ عودته الى لبنان، ملمحاً الى رغبته بعدم قبوله بتدخل أي دولة في لبنان، مساوياً بينها كلّها، دون إنصافه السعودية التي تدخّلت لإنجاز إتفاق الطائف، الذي أخرج البلاد من حالة الحرب، وتدخّلت مراراً في محطات إعمارية عدّة، وتدخلت في دعم لبنان وجيشه مراراً…

ولا تسقط خشية حصول خطاء ما من جانب الممانعة بما يرتب تداعيات اقتصادية من الدول الخليجية تجاه لينان من حالة قلق هولاء في ظل رهان الحريري على كل من فرنسا ومصر التي شجعه عليها وزير  الداخلية نهاد المشنوق على توطيد علاقته معها لتحقيق توازن مع الرياض وتقليص الدور السعودي.

وفي ظل هذا الواقع والالتباس الذي يحيط بموقف الحريري وتمكنّه من دوزنة علاقته بكل من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن إيران بإمتداد محورها على الساحة العربية وصولاً الى لبنان، يقول ديبلوماسي سابق مخضرم، على صلة وثيقة برئيس تيار المستقبل، «انّه علينا أن نعطي الحريري وقتاً كافياً، فالرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يتّهم بالعمالة في سوريا، وتبيّن بعد مقتله، انّه كان على خلاف معها، ويعمل ضدّها… فعلينا أن ننتظر ونترقّب مستقبل حزب الله وسلاحه، نتيجة المعادلات الدولية، التي ستفرض بذاتها يوماً على المنطقة…»