IMLebanon

الحريري يستوعب التصعيد بتأكيد دور الدولة بالتحرير وعودتها إلى عرسال

    إنتشار للجيش والمقاومة مكان «النُصرة» ومقاربة جديدة لملف النازحين

استوعب رئيس الحكومة سعدالحريري بحركة وموقف لافتين للانتباه التشنج غير المبرر الذي رافق عملية تحرير جرود عرسال من ارهابيي «جبهة النصرة»، عبر تأكيده على دور الدولة والجيش سواء في عملية التحرير والتفاوض او في استنهاض الوضع الاجتماعي والمعيشي لبلدة عرسال، بما يعيد الامور الى نصابها الوطني ويجعل بيان كتلة نواب «المستقبل»، الذي صدر في غيابه وخلق ردود فعل سياسية وشعبية غير مريحة، وراء ظهره ووراء ظهر الاحداث التي تتالت، لا سيما حدث إتمام انسحاب مسلحي «النصرة» من المناطق اللبنانية في الجرود وتحرير الاسرى اللبنانيين واعادة بسط سيطرة الدولة على المنطقة.

وبذلك فتح الرئيس الحريري صفحة جديدة سياسياً وامنياً، لإعادة لملمة الوضع الداخلي، وتحضير الارضية الرسمية والسياسية والشعبية لمرحلة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من ارهابيي «تنظيم داعش».وهو الامر الذي سيتولاه الجيش اللبناني من جهة لبنان والمقاومة والجيش السوري من جهة الاراضي السورية، فيما بدأت ملامح عودة الدولة الى جرود عرسال المحررة بالظهور امس من خلال انتشار اللواء التاسع في الجيش اللبناني لمرتفعات شميس وتلة بدر محكماً السيطرة عليها، وهو ما اوضحت مصادر امنية اسبابه لـ«اللواء» بالقول: انه من اجل سد الثغرات المحاذية لحدود مناطق سيطرة «داعش» في جرود عرسال المتصلة بجرود رأس بعلبك والقاع، ولمنع تسلل المسلحين الى مناطق قريبة من انتشار الجيش او عرسال او القرى الاخرى.

واشارت المصادر الى ان هناك مواقع اخرى سيتسلمها الجيش تباعا اعتبارا من امس، فيما تبقى العين الامنية على داخل عرسال لمتابعة الخلايا الارهابية اذا كانت لا تزال موجودة في البلدة.

بالتزامن مع خطوات الجيش، أعلن الاعلام الحربي المركزي للمقاومة ان عناصر «حزب الله» سيطروا على مواقع «جبهة النصرة» في التلال البعيدة والعالية المشرفة على الجرود في: حصن الخربة المشرف على مدينة الملاهي، وسهل عجرم، وعقبة نوح المشرف على وادي حميد، وضهر وادي معروف المشرف على وادي حميد، ووادي المراح اخر مواقع «النصرة».وكانت مجموعات اخرى تدخل الى كل مقرات «النصرة» بعد تفكيك بعض العبوات الناسفة.

وبرأيي اوساط سياسية متابعة فإن هذا التناغم الرسمي السياسي والعسكري سيعطي نتائج ايجابية اضافية تريح الوضع اكثر في المنطقة وفي الساحة السياسية، لا سيما وأن الحريري اعطى الجيش واجهزة الدولة الاخرى والادارات الرسمية ومنها الامن العام بشخص مديره العام اللواء عباس ابراهيم الضوء الاخضر لمواصلة تثبيت حضور الدولة، وبخاصة بعد المعلومات عن التوجه لتخصيص مبلغ 15 مليون دولار لتنمية عرسال، على ألا يجري استثماره في معارك سياسية ضيقة كما هي العادة.

ويبدو ان عودة الدولة الى بلدة عرسال وجرودها والى محيطها من قرى اخرى، ستفتح الباب امام خطوات اخرى تتعلق بإعادة مقاربة موضوع النازحين السوريين، إنطلاقاً من التوافق والاجماع بين القوى السياسية من مكونات الحكومة وخارجها على بدء التحرك من اجل ايجاد خريطة طريق رسمية وعبر الامم المتحدة لإعادة النسبة الاكبر من النازحين لا سيماالراغبين منهم والذين تتيسر لهم سبل العودة الى مناطق آمنة في سوريا.

وفي هذا السياق يؤكد وزير من الوزراء المعنيين بملف النازحين لـ «اللواء»، ان لبنان بدأ تطبيق سياسة جديدة لمعالجة ازمة النازحين، انطلاقا من التطورات التي حصلت قبل تحرير جرودعرسال، وستترسخ اكثر بعد تحريرها وبعد عودة آلاف النازحين الى مناطق سورية متعددة سواء تحت سيطرة الدولة السورية او سيطرة المعارضة المسلحة، فلبنان لم يعد يستطيع تحمل عبء النزوح لا على مستوى البنى التحتية وعلى على المستوى الاقتصادي، فالبطالة زادت من عشرة في المائة الى ثلاثين في المائة، والبنى التحتية للمجتمعات المضيفة لم تعد تستوعب حجم الضغط عليها، ولا المجتمعات المضيفة عادت قادرة على التكيف مع وجود الاف النازحين بمن فيهم من يد عاملة منافسة وانتاج مهرب ينافس الانتاج اللبناني..

واوضح الوزير المعني ان برنامج الدولة لدعم المجتمعات المضيفة، اجريت عليه بعض التعديلات إذ بات لبنان هو الذي يجب ان يقرر حاجات المجتمعات المضيفة لا الدول المانحة، والمساعدات يجب ان تأتي الى الدولة اللبنانية وعبرها لدعم النازحين والمناطق الريفية التي تستقبلهم، وعلى الدول المانحة ان تؤمن التمويل لمشاريع تعزيز البنى التحتية وخلق فرص عمل للبنانيين كما للسوريين.

واوضح ان الضغط الرسمي على المجتمع الدولي سيتركز على ناحيتي اعادة النازحين وزيادة الدعم للدولة اللبنانية، وقد جرت الموافقة من قبل الدول المانحة على مشاريع المياه والري والصرف الصحي في كل المناطق اللبنانية التي تعاني من ضغط استقبال النازحين.