IMLebanon

الحريري يعالج بتعقل حروب «الفساد» الكلامية

 

تطغى على المشهد اللبناني في هذه الأيام، مواقف سياسية – اعلامية غامضة وقابلة للتأويل والاجتهادات، وتتجاذب أطرافه موضوعات تفوق اكلافها البشرية والمادية طاقة لبنان، الذي يئن تحت وطأة ديون واعباء تحفر في حاضر البلد ومستقبله..

 

من دواعي الاسف الشديد ان يستحضر البعض الماضي السيء ويروح بعيداً، ويحفر عميقاً في حالة الاصطفافات الطائفية والمذهبية السياسية.. وهو مشروع لن يكون في خدمة لبنان ولا أي من أفرقائه.

 

رفع البعض راية «الاصلاح» والحرب على «الفساد»، وعلى ما قال نقيب الصحافة اللبنانية، قبل أيام في «رأي الشرق» فمن «حيث المبدأ، فإن جميع اللبنانيين، زعماءً وشعباً يريدون الاصلاح، ويريدون المحاسبة، لكن الحقيقة، ان لا أحد يريد الاصلاح الحقيقي، ولا أحد يريد للدولة ان تقوم..»؟!

 

ليس من المؤكد ان لبنان دخل فعلاً في الحرب على الفساد، وهو الذي يمتاز «بالدويلات ضمن الدولة».. وفي قناعة متابعين ان «نشر الفساد في الدولة العلية، هو أحد أركان استراتيجية الدفع بلبنان الى المزيد من الضعف، والى المزيد من الفقر، والى المزيد من التفكك ودفعه الى الانهيار..

 

تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غير مرة عن «الحرب على الفساد.» ليخلص مؤكداً «ان لا حصانة لأحد، مهما علا شأنه، كما لن يكون في هذه الحرب تمييز..» ليخلص مشدداً على «أهمية الرأي العام في ربح المعركة، الذي يميز بين والدين»..

 

 

من أسف ان عديدين لم يميزوا، ولم يستندوا الى القاعدة القانونية التي تؤكد «ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته.»؟! وتأسيساً على هذا، فإن التصدي المسؤول، للهدر والفساد وهدر المال العام، لا يكون على المنابر، وفي اللقاءات الشعبوية، خصوصاً رانها مسؤولية وطنية بامتياز، حيث يستحيل بناء دولة والسير في مسار الاصلاحات المطلوبة، إلا من خلال الممر الالزامي، المتمثل بمكافحة الفساد وهدر المال العام، عبر القضاء المختص، المعني بمحاسبة كل هولاء «الفاسدين»..

 

من اسف ان اللبنانيين، في غالبيتهم الساحقة باتوا على قناعة، بأن كل الصيغ الاعلامية التي تتحدث عن مكافحة الفساد وهدر المال العام، وتوزيع الحصص في التعيينات لم تحمل في طياتها أي جدية.. وهي في جزء كبير منها، رسائل ومحاولات سياسية على قاعدة: غطيني لغطيك..»؟! ليمضي البعض في رفع راية مكافحة الفساد استكمالاً لقاعدة الصراع مع الخصوم، لا اكثر ولا اقل، وان أدى ذلك الى المزيد من هدر الوقت، وهدر المال العام، وافقار الناس، والعودة الى «طاولة الحوار» وكأن شيئا لم يكن..

 

واقع مؤلم يعيشه لبنان، وهو تحت مرمى رغبات دولية – اقليمية دفينة لانتاج لبنانات طائفية – مذهبية، تتوزعه مداورة قوى تستفيد من التغييرات الحاصلة على قواعد «اللعبة الدولية – الاقليمية..» ما يحتم وجوب تفهم ذلك الانزلاق غير المسؤول نحو استباحة بعض الثوابت الوطنية، والثروات النفطية – الغازية على الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي..

 

لقد امتاز الرئيس سعد الحريري، طوال هذه الفترة، بجلد كبير ولم يتراجع عن ثوابته المبدئية الوطنية السياسية والاخلاقية.. ومضى في مسيرته وهو يحمل فوق كتفيه اعباء «ما انزل الله بها من سلطان..» متمسكاً بالتعقل وبسياسة «النأي بلبنان» عن السقوط في مربعات المحاور الدولية والاقليمية، وهي السياسة التي توفر للبنان الاستقرار والسلم الوطنيين، كما توفر له حاضنة ورعاية دوليتين، هربا من الحاجة اليها في مثل هذه الظروف والتطورات التي تشهدها المنطقة..

 

وعلى ما كان، ودعا أكثر مرة الى وجوب ان يضحي الجميع لتسهيل عبور لبنان الى بر الامان والاستقرار والخروج من أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمعيشية، فإنه استمر في تحذيراته لجهة انه اذا أراد أي فريق او طرف، او حزب، او تكتل المشاركة في السلطة على أساس التصادم مع الآخرين فإنه لن يقبل بذلك، لأن مثل هذا الامر لا يصب في مصلحة لبنان، ولا في مصلحة اللبنانيين، والجميع سيكون خاسراً..