IMLebanon

معركة الحريري لاثبات موقعه السني الاول وضمان رئاسة الحكومة

 

يواجه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مهمة صعبة وشاقة في الانتخابات النيابية في ايار المقبل، على خلفية الوضع السياسي والشعبي المهتز لتياره، ولو ان الازمة التي حصلت معه مؤخراً ساهمت بعض الشيء في تعويم هذا  الوضع.

ويُلاحظ مصدر وزاري ان التقارب الذي حصل بين الحريري والتيار الوطني الحرّ، اراد منه الاول: اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، منها اولاً التعويض عن صعوبة حصول توافق بين تيار المستقبل و«القوات اللبنانية» في الانتخابات، نتيجة الازمة القائمة بين الحزبين على خلفية مواقف رئيس «القوات» سمير جعجع طلال احتجاز الحريري في السعودية، على الرغم من محاولات الحد من هذه الازمة بعد زيارة الوزير غطاس خوري مؤخراً الى معراب وطي الحريري لما سمي «بق البحصة»، وثانيها ان رئيس تيار المستقبل المدرك لتراجع كتلته الانتخابية لاحقاً، يريد ان يحجز منذ اليوم ارجحية اعادة تكليفه لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات، وثالثها حرص الحريري على التعاطي بواقعية مع الرئيس نبيه بري وحزب الله، وهو ما يمكن ملاحظته في تفاديه لاي تصعيد مع بري، على خلفية انزعاج الاخير، وحتى ما يقال عن عدم تحديد رئيس المجلس موعداً له لزيارة، عين التينة، لقيام الحريري بالتوقيع على مرسوم الاقدمية لضباط دورة 94، وكذلك استمرار الحريري في اطلاق المواقف المطمئنة لحزب الله، ولدوره في الساحة اللبنانية.

حتى ان المصادر تشير الى حصول اكثر من تواصل في الفترة الاخيرة بين الحريري مباشرة او عبر محسوبين عليه مع مسؤولين في حزب الله، وصولاً الى وجود مقاربات مشتركة خلال جلسات مجلس الوزراء تنطلق من ابقاء التهدئة داخل الحكومة دون ان تنعكس الملفات الخلافية بين بعبدا وعين التينة عليها.

الا ان المصادر تشير في الوقت عينه الى صعوبة حصول تحالفات بين المستقبل والثنائي الشيعي، في معظم الدوائر المشتركة، ومرد هذه الصعوبة الى انه غير وارد حصول لوائح مشتركة بين الجزب والمستقبل من جهة وبين الرئيس بري والتيار الوطني الحرّ من جهة ثانية على خفية فقدان «الكيمياء» السياسية بين عون وباسيل من جهة وبري من جهة ثانية، والتي ارتدت تجاذبات حول الكثير من الملفات وآخرها ما يتعلق بمرسوم الاقدمية وتعديل قانون الانتخابات، ما يعني ان حزب الله – بحسب المصادر – سيكون امام خيار التحالف مع بري لاعتبارات عديدة، ما سيؤدي في النهاية الى صعوبة التصويت للوائح المدعومة من التيار الوطني الحر، ربما باستثناء دائرة بعبدا – المتن، خصوصاً ان طبيعة اللوائح المقفلة في قانون الانتخابات الجديد تحول دون تصويت اي فريق لاكثر من لائحة في هذه الدائرة او تلك.

ولذلك، فالسؤال الآخر، ما هي الاحتمالات الممكنة بالنسبة للرئيس الحريري وتياره بما خص نتائج الانتخابات النيابية؟

وفق المصادر الوزارية ان الحريري الذي اكتسح مع حلفائه في فريق 14 اذار في انتخابات العام 2009 كل الدوائر ذات الاغلبية السنية او حتى المختلفة طائفيا، لم يعد ممكنا له تكرار هذه التجربة، لطبيعة قانون الانتخابات ولتراجع الواقع  الشعبي له وللقوى الاخرى التي تحالفت معه يومها، الى انفراط عقد قوى 14 آذار، وبالتالي، فالحريري الذي حصل في انتخابات عام 2009 على حوالى 40 نائبا، سينخفض عدد نواب كتلته في ايار المقبل الى حوالى النصف وربمااكثر من ذلك، حتى لو ضغطت السعودية عليه للدخول في تحالفات مع الاطراف التي كانت منضوية في 14 اذار، منها القوات اللبنانية الى حزب الكتائب وشخصيات اخرى، وحتى ايضا لو ذهبت نحو امداد حلفائها بالدعم المالي السخي  لتمويل العملية الانتخابية، في ظل الكلام الذي يتحدث من  زيارة محتملة للحريري الى الرياض الشهر المقبل تنهي القطيعة القائمة بين الطرفين جراء الازمة الاخيرة مع رئيس المستقبل.

كذا تقول المصادر ان الحريري الذي سيخسر العديد من النواب في دوائر البقاع الغربي، وصيدا – جزين، وزحلة وعكار، يواجه معركة اثبات وجود ومصير في دائرة بيروت الثانية بالدرجة الاولى وفي دائرة طرابلس- المنية الضنية بالدرجة الثانية، خصوصاً ان الحريري الذي يبدو مطمئناً لعودته الى رئاسة الحكومة حتى ولو تراجع بحدود كبيرة عدد نواب كتلته، الا ان معركة العاصمة بالنسبة له هي العنوان الابرز لاستمرار زعامته وتثبيتها بعد الهزة السعودية له، ولهذا يريد تجنب حصول خروقات كبيرة في لائحته في بيروت الثانية في ظل المعلومات عن توجهات لكل خصوم الحريري بتشكيل لوائح في هذه الدائرة، لكن بالنسبة له، يسعى لاستمالة جزء من الناخب الشيعي او الدفع نحو التحالف مع الثنائي الشيعي رغم الصعوبات التي تواجه هذا الامر، على اعتبار ان الناخب الشيعي في بيروت يصل الى 20 بالمئة من عدد الناخبين وهو لذلك يحرص على العلاقة مع بري، وعلى طمأنة حزب الله، كما انه سيحاول ارضاء بعض القوى السنية في بيروت.

اما في طرابلس، المنية- الضنية، فالمعركة هناك بالنسبة للحريري هي معركة اثبات  وجود اكثر مما هي معركة اعادة نفس نواب المستقبل الحاليين، فالمعركة في هذه الدائرة تشهد سخونة كبيرة بين ما لا يقل عن ثلاثة او اربعة لوائح، قوية، وبالتالي فالحريري لن يتمكن من الفوز باكثر من ثلاثة مقاعد في احسن الاحوال.