IMLebanon

حزب الله اتخذ قراره ضد الفساد ولن يتراجع؟

 

 

كتب الكثير عن اقتحام حزب الله ملف الفساد في لبنان، وجرى التحليل الوافر والمتصاعد في هذا الصدد، الا ان الحقيقة لدى قيادة حزب الله رؤيا مهّد لها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، عندما قال ان لحزب الله منهجية عمل ويسير وفقها وبنفس طويل مما يعني وفق رؤية حزب الله لمحاربة الفساد ان الحزب وضع استراتيجية سوف يسير عليها، وهي خطة قامت على تشكيل اللجان الحزبية المختصة مع اختصاصيين، ومن يريد الانضمام لهذه اللجان في المستقبل، عليه ان يرغب في الانخراط في هذه المهمة الوطنية.

 

… نعم حزب الله عبر قياداته وكوادره، ولقاءاته الخاصة والعامة وفي مجالسه مع المقربين، صنف مواجهة الفساد في لبنان بالمعركة الوطنية من اجل جميع اللبنانيين دون استثناء، لأن ما بات واضحا وصريحا، انهم يريدون اسقاط لبنان بكل المعايير وبدايتها الازمة الاقتصادية والاجتماعية.

 

بعد اللجان المختصة التي تشمل كافة الوزارات يجري درس الملفات واعداد الوثائق المطلوبة لها كي تفتح الواحد تلو الاخر، وتقدم الى القضاء والى الرأي العام، كي يطلع عليها ويأخذ موقفا واضحا، وبالتالي ليتعرف اين ذهبت اموال الخزينة العامة، التي هي اموال الشعب اللبناني.

 

كخطوة اولى في مكافحة الفساد تكمن في وقفه وسدّ ابواب الهدر والسرقة، او الاعتداء على المال العام، عبر تطبيق القوانين اللبنانية، وبدايتها وقف الصفقات بالتراضي واحالة كل المناقصات الى دائرة المناقصات، ثم الدخول الى ابواب ومزاريب الهدر، وتفعيل المؤسسات الرقابية في الصغيرة قبل الكبيرة.

 

حزب الله وفق رؤيته، يعلم ان البعض سيواجهه بحرب طائفية ومذهبية وتحت مسميات وشعارات لحماية نفسه. فيما الحقيقة، ان كل معتدٍ على المال العام، كان يصرف لحسابه وعائلته وبطانته، ولم يكن ابناء طائفته الا فقراء ومحتاجين، وهو حال جميع المذاهب والطوائف اللبنانية. اذ لا يحق «للحرامي» ان يسرق، وعندما يصار للعمل لكشف حقيقته المالية ان يلقى غطاءات دينية وسياسية ومذهبية وحزبية، أكان هذا المتهم شيعياً او سنياً او مارونياً او ارثوذكسيا او درزيا او لأي مذهب انتمى فالفاسد ليس له دين ولا طائفة ولا مذهب، ويجب ملاحقته.

 

لذلك كان يعلم حزب الله وقيادته مسبقاً ان حرباً شرسة بكل المعايير والشعارات سوف تواجهه عندما يفتح ملف «حيتان» الفساد والمال في لبنان، لكن القرار اتخذ مع الحلفاء والاصدقاء، لحماية لبنان وشعبه وانقاذه مما يحاك ضد هذا البلد لجعله ينهار.

 

بالطبع الاسباب الوطنية الموجبة لدى حزب الله وعند كل شريف، لكن اهمها ان اللبنانيين محاصرون اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً وان بعض الطبقة السياسية غارقة بالفساد، وهي غير آبهة ولا مهتمة لانقاذ اللبنانيين الذين وفق التقارير الدولية الموثقة باتت نسبة 43 في المئة منهم تحت خط الفقر، يضاف اليها ان لبنان الدولة الاولى في المنطقة بالاصابة بالسرطان. ثم البطالة الخطيرة وهجرة الشباب الاخطر والى ما هنالك من ازمات اقتصادية ومعيشية ووطنية، حيث باتت النفايات ورديات النفايات مصدراً لثروة ضخمة للبعض على حساب صحة وبيئة اللبنانيين وهذا ملف خطير سيفتح على مصراعيه.

 

ومن الاسباب الموجبة ايضا، ان الحصار السياسي والمالي والمعيشي غير المعلن على لبنان، هدفه اسقاط البلد، واول ما يريدون اسقاطه هو بيئة المقاومة الحاضنة التي تحملت الحروب والظروف الصعبة وما تزال، واليوم يصار لمعاقبتها عربياً واميركياً كونها وقفت الى جانب المقاومة في حروب الكيان الصهيوني على لبنان وكونها هزمت التكفيريين على حدود لبنان الشرقية، وشاركت اي المقاومة في هزيمة التكفيريين ومن وراءهم بمشروعهم في كل من العراق وسوريا، ممن هنا جاء الضغط المالي والاقتصادي على لبنان… بالتحديد على المقاومة وبيئتها والطائفة الشيعية بشكل خاص والهدف ضرب هذه البيئة، تمهيداً لحصار المقاومة واسقاطها واسقاط جمهورها ووضعها في مواجهته، مما يعني الحرب الاكثر شراسة على لبنان وعلى المقاومة وعلى بيئة المقاومة، الا ان الاخطر، هي التقارير المريبة التي مع الاسف تتحدث بشكل موثّق عن انخراط بعض اللبنانيين في هذا المشروع المشبوه الذي تنفذه بعض العواصم برعاية اميركية واشراف سفراء وسفارات عاملين في بيروت.

 

كل العوامل اللبنانية تؤدي الى نتيجة واحدة، ان مكافحة الفساد في لبنان، تعني بشكل مباشر ضرب رأس الافعى، وضرب رأس الافعى التي تتربى وتتغذى من مال اللبنانيين وصحتهم، لن يكون امراً يسيراً لذلك، سوف يستخدم هؤلاء الادوات في الداخل اللبناني، وسائلهم المتاحة، الحمايات الدينية، والطائفية والمذهبية، للهروب من المساءلة والمحاسبة، لكن فات الاوان.

 

ان كل مرجعية مهما كان اسمها المعنوي والطائفي والمذهبي، أكانت سياسية او حزبية او اقتصادية او دينية تغطي فاسداً، سوف تعتبر من الشعب اللبناني، والرأي العام شريكة للفاسد والمفسدين، ولن تثني مواقفها وتصريحاتها، عن المتابعة الحقيقية لهذا الملف حتى النهاية، وعلى الطوائف والمذاهب، وعلى الفقراء وهم الاكثرية الساحقة من اللبنانيين ان يأخذوا موقفاً واضحاً من مرجعياتهم بكل تسمياتها واشكالها.

 

بناء على ما تقدم، فان القرار الوطني من حزب الله وحلفائه جرى اتخاذه، وان المعركة لمحاربة الفساد والمفسدين في لبنان، من كل الطوائف والمذاهب بدأت، وعلى الوطنيين في لبنان والذين يريدون دولة العدالة الاجتماعية، الانخراط في هذه المعركة التي لا تراجع عنها.