IMLebanon

حسن نصرالله و«رعد الشمال»

قصد الرئيس سعد الحريري معراب ليلاً ولاقاه سيّد القلعة الدكتور سمير جعجع عند بابها لتجمع الاثنين وليمة عشاء بحضور سيّدة البيت المعرابي ستريدا جعجع، عسى أن تُشرق شمس اليوم على سماء وقلوب صافية، فالاختلاف بين هذيْن الرجليْن غير مسموح وغير مقبول على الإطلاق، ولنا عودة لاحقة غداً إلى هذا الأمر.

الحدث اليوم الثلاثاء في السادس عشر من شباط هو خطاب حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وما الذي يقوله على عتبة «رعد الشمال» التي تثير مخاوف كثيرة عند الحزب، كذلك الحديث عن اجتماع جنيڤ لوقف إطلاق النار المتوقع في سوريا والذي يجري الحديث معه عن قرار يفرض انسحاب حزب الله والميليشيات الشيعيّة وإلا ستعتبر مستهدفة، أمران يثيران قلق الحزب ومخاوف حقيقيّة، الأول من «رعد الشمال» الذي ستبدأ تمرينات عشرين دولة انضمت إلى التحالف الإسلامي ـ العربي في 26 شباط الحالي، وسيستمر لمدة أسبوعين، في مدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن، وبمشاركة واسعة من سلاح المدفعية والدبابات والمشاة ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية، الذي يعد الأهم والأكبر في تاريخ المنطقة، وليت هذا التحالف نشأ منذ ثمانينات القرن الماضي لوفّر علينا تغلغل السمّ الإيراني في الجسد العربي!!

الأمر الثاني الذي يجب أن يُثير قلق حزب الله وبشدّة هو الحديث الإسرائيلي العسكري عن خللٍ في موازين القوى والتأكيد على تهريب حزب الله منظومات دفاع جوي متطورة، روسية الصنع، وبحسب «مصادر عسكرية رفيعة في الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» لم يكتف بامتلاك منظومات دفاع جوي متطورة تشكّل خطراً كبيراً على أنشطة سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان، بل شغّلها بالفعل ووجّهها نحو المقاتلات الإسرائيلية، وبحسب المصادر نفسها، فإن الحزب «يلمح لإسرائيل بأنه جاهز للمواجهة المقبلة، والتهديد بإسقاط طائرات حربية إسرائيلية فوق السماء اللبنانية»، هذا كلام لا نجد فيه إلا تهيئة إسرائيلية لحرب ما قد تندلع قريباً، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: على كم جبهة، وكم دولة، يريد حزب الله أن يقاتل بالنيابة عن إيران؟!

أيُّ كلام سيقوله نصرالله اليوم، من وجهة نظرنا نميل إلى الظنّ بأنّه سيرفع السقوف عالياً، بل سيخرقها كلّها في أسوأ هجوم سيشنّه على المملكة العربيّة السعوديّة، خصوصاً وأنها تُعدّ جيشاً تحالف فيه ثلاثماية وخمسين ألف جندي لمحاربة داعش وصُنّاعها وقتلة الشعب السوري والإرهاب الآخر الذي يمثله حزب الله بوصف ذراع الإرهاب الإيراني الطولى في المنطقة، هذه الذراع سبق وتم قطعها في البحرين، وفي اليمن التي شارفت معاركها على بلوغ العاصمة صنعاء، لكن على المملكة أن تعي أن قطع ذراع حزب الله في سوريا وربما في لبنان هو الأمر الوحيد الذي سيحمي المنطقة العربيّة كلّها من شرّ إيران، فالأفعى التي أطلقتها إيران في المنطقة يجب أن تقطع من رأسها، فبشّار الأسد لم يعد اليوم أكثر من مجرّد ذنب الأفعى!!

ما الذي سيقوله حسن نصرالله اليوم في خطابه عن انتخابات الرئاسة اللبنانيّة؟! لا جديد سوى ما قاله في كلمته في 29 كانون الثاني الماضي، وما اختصره الرئيس سعد الحريري حول المرشحين الثلاثة ـ وللمفارقة ما ينطبق على غياب النائب الجنرال ميشال عون عن جلسة انتخاب الرئيس هو مرشح رئاسي فيها، ينطبق أيضاً على الوزير سليمان فرنجية الذي تغيّب عن نفس الجلسة التي تغيّب عنها عون ـ مطالباً بالنزول إلى المجلس النيابي في الثاني من آذار لانتخاب رئيس للبلاد لإنهاء الشغور الرئاسي، سيبقى مجرّد كلام، لأنّ الأمر أعقد من ذلك، منذ دعم ترشيح سليمان فرنجية حليف بشار وحبّة عين حسن نصرالله للرئاسة، خرج الرئيس نبيه بري ليعلن أن نوّابه لن يذهبوا إلى المجلس إلا مع نوّاب حزب الله، وبهذا يفقد أي انتخاب للرئيس «ميثاقيته» لغياب الطائفة الشيعيّة، وهذا تعطيل خبرناه مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006، ومشهد ضرب الميثاقيّة قد يتكرّر!!

في موضوع الانتخابات الرئاسية، يدور لبنان في حلقة مفرغة لن تنتهي إلا بانتهاء المشهد الإقليمي الدموي في سوريا، وتحجيم إيران وإعادتها إلى حجمها الطبيعي في المنطقة، ولا داعي للتلهي بفكرة القدرة على انتخاب رئيس لأن هذا الأمر غير حقيقي، فالبلد منقسم بين محورين، وسيزداد الانقسام بعد كلام حسن نصرالله اليوم، وكان الله في عون الله متى ما دخل جيش التحالف الإسلامي الأرض السورية ليقطع رؤوس الأفاعي التي أطلقتها إيران لحماية مشروعها، الذي لا نعلم حتى اللحظة عند أي بوابة سيندحر…

الوقت الآن لرعد الشمال، والانتخابات الرئاسية مركونة على رف العالم، لم يعد الأمر أولوية.. بل نقول أكثر من هذا؛ لبنان لم يعد صندوق بريد بين الدول، المواجهة باتت وجهاً لوجه وهم الآن يحاربون بأنفسهم دفاعاً عن أنفسهم.