IMLebanon

هل يغيّر «حزب الله» نهجه ومساره؟

 

هناك من يعتقد أن «حزب الله» قد أُصيب وتضعضع، أو انهزم وانكسر، واضمحل وانفك جمهوره من حوله، وبالتالي، يأمل في أن ينخرط الحزب في الحياة السياسية اللبنانية على شاكلة الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى، وأن يبدأ باكورة التغيير في نهجه وأسلوب عمله ببادرة تسليم سلاحه بالكامل إلى الجيش.

لكننا نستخلص من التمعّن في مضمون كلمات مسؤولي الحزب، في المناسبات السياسية والدينية، ما يلي:

(1) الحزب يرى نفسه منتصراً، وأنه أحبط مُخطط الشرق الأوسط الجديد، وأنقذ لبنان والعاصمة بيروت، وأرغم العدو على السعي لطلب اتفاق وقف الأعمال العدائية.

(2) الاتفاق لا علاقة له بوجود السلاح، والحزب سيجد طرقاً أخرى للحصول على الإمدادات.

(3) الاتفاق يتناول تسليم السلاح جنوب نهر الليطاني ولا يتناول شماله، ولا تسليم للسلاح إلى حين تصبح الدولة قادرة على حماية الوطن.

(4) المقاومة ستستمر، ولا تراجع عن ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» إلى حين إقرار استراتيجية الدفاع الوطني.

(5) الدولة مسؤولة عن الإعمار (علماً ان الدولة لم تتخذ قرار الحرب).

من هنا نفهم أنه لا نيّة لأي تغيير جدّي أساسي في ثوابت الحزب أو أهدافه.

لذلك، فإن من يعتقد أن «الدويلة» ستسقط، وأن نشاط «حزب الله» سيقتصر على العمل السياسي والديني والخدماتي على الساحة اللبنانية، هو واهم ومُلتبس، فـ«حزب الله» ليس حزب لبناني المنشأ والفكر وساحة العمل، ولم يحصل على علم وخبر من وزارة الداخلية، بل هو تنظيم عسكري مذهبي لديه عقيدة وقضية، موجود في لبنان وفيه لبنانيون لكن قيادته معقودة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية وتأتمر بأوامره، وتمويله ومصادره كافة من إيران، كما صرّح قادة الحزب بذلك علناً وجهاراً مراراً وتكراراً.

وقد مرَّت سنوات عديدة منذ نشأته قبل أن يضع «حزب الله» العلم اللبناني بجانب علمه، ربما تزلّفاً لبعض الفئات اللبنانية، ومضت سنوات قبل أن ينخرط الحزب في العمل النيابي والوزاري، ربما لأن هذا يمنحه وجود في الدولة وصفة رسمية وحصانة. وهو حزب مصنّف على أنه منظمة إرهابية في عدة دول أجنبية وعربية.

فأي أمل ترتجونه، وأي تغيير تطلبونه منه، وهل بيده اتخاذ هكذا قرار؟

لقد تقلّصت ساحة «حزب الله» الخارجية وحركته، وفَقدَ خطوط إمداداته بعد أن فَقدَ وجوده وامتداده وقواعده في سوريا وبعد وقوع القطيعة مع بعض القوى في العراق. وأيضاً بسبب التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، والمراقبة الشديدة على الحدود اللبنانية – السورية.

وقد يتقلّص حجم الحزب، وولاء جمهوره، وإمكاناته وتقديماته في الداخل، بعد الضربات المدمّرة التي تعرّض لها، والتي أصابته في قيادته وعناصره وبُناه التحتية وتجهيزاته ومخزونه وأمواله.

لا شك بأن «حزب الله» يقوم بمراجعة شاملة، وقد يعود إلى عباءة السريّة وغطاء التقيّة كما في بداياته، مع شعور عارم بالحقد والضغينة تجاه كل من تصدّى له وخالفه الرأي والتوجّه، وربما مع رغبة متأجّجة في الثأر والاقتصاص من «الخونة» عبر الاغتيالات أو غيرها، وسيُمثّل الحزب حينها حالة خطرة على الوضع الداخلي، أكثر بكثير من وضعه الاستعلائي الاستكباري المُهيمن الذي عايشناه.

إذا كان من رجاء جدّي يُرتجى، فهو في تغيير جذري في نظام إيران واستراتيجيتها، أو في عجزها أو تخلّيها عن تحريك أصابعها خارج حدودها!

ختاماً وتوضيحاً، فإن هذا المقال ليس موقفاً من الصراع العربي – الصهيوني، وليس تشكيكاً أو تراجعاً عن حقّ النضال لاسترجاع فلسطين السليبة وكلّ أرض عربية مسلوبة، ولكنه رأي في معرض التساؤلات الدائرة والتوقّعات، عن توجّهات «حزب الله» المُقبلة والمستقبلية.