IMLebanon

«حزب الله» في السعديات.. عنوان الفتنة

ليست تظاهرة «شكراً سوريا» هي التي قطعت حبال الود بين أهل إقليم الخروب و»حزب الله»، رغم انحياز الأخير مع أتباعه من الممانعين إلى «الاحتلال السوري» بدل الذهاب إلى مشاركة اللبنانيين في مطالب تحقيق العدالة والاستقلال والحرية خلال ثورة الارز، فأهل الإقليم كانوا على خط المقاومة، فمن برجا انطلقت التظاهرة الشعبية الأولى ضد الاحتلال الاسرائيلي في العام 1982، وكانت العمليات العسكرية لجبهة المقاومة لا تتوقف على الخط الساحلي ومنها العملية الشهيرة في وادي الزينة، كذلك انتفاضات أهالي المعتقلين في سجون «العدو» الذين لم يتوقف صراخهم حتى أخرجوا أولادهم سالمين.

فهناك «شراكة» في مقاومة إسرائيل نكرها «حزب الله» عليهم وعلى كل اللبنانيين، ورغم ذلك لم يغلقوا الابواب الا بعد تجارب مرة، فما قطع «حبل الصرة« هو ما تم رصده من ممارسات مريبة ومفاجئة وعجيبة ـ غريبة لم يكن باستطاعة أحد قراءتها كما يجب، بل كان هناك دائماً نوع من التبرير لمثل تلك الممارسات التي تغذي المشاعر المذهبية وتوقد نار الفتنة.

ففي ليلة ليس فيها ضوء قمر، بُعيد حرب العام 2006، أمر «حزب الله» مهجري الجنوب في كل المناطق اللبنانية بالعودة، فعادوا، لتظهر الكارثة، شعارات على جدران المدارس والثانويات والأماكن التي فتحت لاستقبال المهجرين، تحوي الشتائم من هنا وهناك بهدف إثارة النعرات بين السنة والشيعة واضحة، هنا انكسرت الجرة، فهذا الفعل «التكفيري» الذي مارسه «حزب الله» تحت سلطان «المقاومة» و«تقديس» سلاحها، ترك جرحاً واضحاً، وجاءت الحوادث التي تلت ذلك لتكشف وجوهاً أخرى، عندما ثبتت بالملموس محاولات «حزب الله» للسيطرة على الطريق الساحلي، تارة بشراء عقارات في قرى مسيحية مشرفة او بناء مجمّعات سكنية بهدف المراقبة، على طريقة الكيان الصهيوني في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.

بالطبع لم تمر اللعبة هكذا، إذ علا الصوت عبر القوى السياسية وممثليها أكثر من مرة للسؤال عما يفعله «حزب الله» لا سيما بعد 7 أيار 2008، وسبق ذلك الاتهام الذي وجّهه النائب وليد جنبلاط للحزب بشراء الأراضي في الجبل، بهدف إلغاء التنوع وإضافة مجمّعات سكنية فيها سلاح وصواريخ، وبعض المناطق الفارغة تجري تعبئتها من قبل «جهاد البناء» وآل تاج الدين وهو قرار إيراني لإقامة مشروع ولاية الفقيه.

يوماً بعد يوم كان متمولون شيعة يشترون أراضي وبعدها تظهر مجمّعات ومن ثم يظهر «حزب الله» بسلاحه ويفتح مراكز ويقيم شعائر وطقوساً مستفزة في وسط من غير بيئته الطبيعية وان كانوا من الشيعة، وكل ذلك كان يشعل الغضب في نفوس الأهالي، فالمال الإيراني يصرف بكثافة والناس تحل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية بالبيع، مما يساعد الحزب على قضم الأراضي وتوسيع حزام دويلة الحزب باتجاه القرى الدرزية والمسيحية والسنية في الجبل ووصلها بالجنوب.

وقد استخدم «حزب الله» حفنة من الممانعين لتنفيذ مخططاته في التسلل إلى بلدات الإقليم بالسلاح والقيام باستعراضات وتصرفات رعناء من عناصره المسلحة تعبّر عن الرغبة في زرع بذور الفتنة عن طريق التحدي لمشاعر أهالي الإقليم الذين سألوا أكثر من مرة هل يسمح «حزب الله» للآخرين بالدخول إلى معاقله ومناطقه المغلقة؟!، ورغم المال الذي صرفه «حزب الله» وزرع الخلايا النائمة السنية التي لا تتحرّك إلا بقرار من قيادته. فإن أهل الإقليم لم يغيروا عاداتهم في دعم القضايا المحقّة وفي التأكيد على السير في النهج الوطني الذي يحفظ لبنان وأمنه، وشكّلوا حاضنة لتيار «المستقبل» منذ البداية.

أخذت الأمور منحًى مختلفاً بعد انطلاقة الثورة السورية، وفي اللحظة التي ذهب فيها للقتال في سوريا لجأ إلى توزيع مساعدات على اللاجئين السوريين في منطقة الإقليم في عملية رصد واضحة، وأراد تطويع الفلسطينيين في المنطقة عبر دعوتهم وتشجيعهم على الالتحاق به في حمام الدم في سوريا، وطوال السنوات الأخيرة عمل على استمالة بعض الشباب الفلسطيني الذي يعيش معاناة مع البطالة.

الحادثة الأخيرة التي وقعت في السعديات لم تكن الأولى إذ سبقتها حادثة مشابهة في العام 2012، بعد إشكال وقع في المنطقة بين عشائر السعديات وعناصر «حزب الله» المتسترة بـ»سرايا المقاومة» وشاكر البرجاوي احد رموزها، وكالعادة وضع في إطار الحادث الفردي، في محاولة لتدارك الأسوأ بعد جهود للفاعليات السياسية والدينية في المنطقة حيث تم التأكيد على ضرورة حفظ التنوع والسلم الأهلي والعيش المشترك وتأكيد مرجعية الدولة. 

لكن ما حصل منذ يومين وفي ظل تكشّف مخططات «حزب الله» الذي يهدد عبر إعلامه بـ7 أيار جديد ويعطل الاستحقاقات الديموقراطية، وبعد أن سقط القناع عن وجه مقاومته ليتبين أنه مجرد جيش للولي الفقيه، لم يعد باستطاعة أحد إغفاله أو العبور مرور الكرام أمام أي حادث أو واقعة خصوصاً أن الحزب ينشر مراكز عسكرية هنا وهناك تحت ستار مؤسسات دينية، «حسينيات» أو «مصلّيات» أو ما شابه ويبرر نشر سلاحه واستقطابه وشراء عناصر لـ»سراياه» من حزب هنا أو حزب هناك، بقتال «الداعشيين التكفيريين»، وبعد أن أرهب الناس وأخذ «الصالح بضهر الطالح«، رافضاً الخضوع لإرادة القوى الأمنية اللبنانية الرسمية التي لها وحدها حق القيام بواجب حفظ أمن المواطنين ومواجهة الإرهابيين من أي جهة أتوا ولأي جهة انتموا.

لقد تبين بالملموس أن «مصلّيات» حزب الله مجرد مواقع عسكرية لإيقاع الفتن، وسلاحه المتفلت وميليشياته في القرى والسعديات جزء منها، لن يكون عامل خير، خصوصاً أن حركات وضع «ندبيات» والأغاني التي تمجّد بشار الأسد الاستفزازية، لن تنجح في اتهام شباب السعديات بـ»الداعشية» و«النصرة» فالخطة مفضوحة والاهالي واعون لمخططات نقل لبنان من احتلال سوري الى احتلال ايراني.