IMLebanon

مواقف «حزب الله» تدفع الدولة إلى التلاشي

يقف «حزب الله» وراء الازمة اللبنانية بمختلف صعدها السياسية والاقتصادية والامنية خصوصا بسبب الانعكاسات السلبية لتورطه في ساحات الصراع الاقليمي المفتوحة. وبالتالي فإن مواقف الحزب، المستندة اساسا على الحفاظ على مصالح ايران في المنطقة، هي في اساس حالة التلاشي التدريجي للدولة انطلاقا من استمرار الفراغ الرئاسي الى شبه شلل الحكومة والبرلمان وصولا الى تجاوز الظروف الموضوعية حتى فعالية جلسات طاولة الحوار، التي قرر مدبرها، رئيس مجلس النواب نبيه بري، تحويلها الى خلوة علّها تنفع في «حل القضايا العالقة».

فقد فشلت طاولة الحوار، التي عقدت الثلاثاء جلستها التاسعة عشرة، في التوصل الى صيغة موّحدة لقانون الانتخابات المستحقة بعد نحو عام، في ظل استحالة تمديد ثالث..

ويتساءل سياسي سيادي مخضرم «إن عجزت (طاولة الحوار) عن الانتاج في موضوع واحد فكيف لها بمجمل المواضيع العالقة؟« من التوافق على رئيس الجمهورية الى قانون الانتخاب ورئاسة الحكومة وتوازناتها معتبرا انها «مجرد دوران في الفراغ». ويلفت الى ان طرح كل هذه الامور على جدول الخلوة المقررة في 2 و3 و4 آب المقبل يعني عمليا العودة، وان مداورة، الى مسألة «السلة المتكاملة« التي سبق للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله ان طرحها كمخرج للفراغ الرئاسي، معربا عن خشيته من «تحولها الى مؤتمر تأسيسي عبر احداث تغييرات جوهرية في النظام القائم«. 

ايجابية واحدة طرحها البعض على طاولة الحوار وتستند الى «اتفاق الطائف»: انتخاب مجلس شيوخ طائفي وبرلمان محرر من القيد الطائفي بغض النظر عن حجم الدوائر لان ذلك يساهم في تجديد النخب السياسية. لكن حتى لهذه الايجابية سلبيتان: طرحها في غياب رئيس للجمهورية ومن خارج المؤسسات. وسبق للرئيس سعد الحريري ان قدم طرحا مماثلا، كما انه طرح سيشكل العمود الفقري، الى جانب الدولة المدنية، لبرنامج عمل لائحة «لبنان/الآخر» التي يعتزم المنسق العام للأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد تشكيلها لتضم 128 مرشحا عن كل لبنان.

وتبقى المعضلة الرئيسة سلاح «حزب الله» الذي سبق له ان تورط في الداخل (ايار 2008) لينتقل لاحقا الى سوريا وبدرجة اقل الى العراق واليمن، وهو سبب شعوره بـ«فائض القوة» الذي مكنه فعليّا من التحكم بالمفاصل المحلية مستفيدا بالدرجة الاولى من تمسك القوى المعارضة له بالاستقرار. لكن ذلك لم يحل دون مواجهته ازمات: قضائية عبر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مذهبية بسبب ارتباطه العضوي بايران، عربية خصوصا مع دول الخليج للسبب نفسه، وأخيرا بسبب الانعكاسات السلبية على بيئته الحاضنة للعقوبات المالية الاميركية.

ولأزمات «حزب الله» انعكاساتها على الواقع المحلي«اذ حولت الازمة اللبنانية التي لا تزال باردة الى جزء من ازمات المنطقة المشتعلة»وفق المصدر نفسه. ويلخص الفارق الوحيد بينهما بارتباط وجود الكم الكبير من النازحين السوريين على ارض لبنان برغبة دولية بالحفاظ على الاستقرار.

لكن هل تبقى أحزمة الامان الخارجية او الداخلية، كمثل الحوار الثنائي بين الحزب وتيار «المستقبل«، قائمة خصوصا وان رئيس الحكومة تمام سلام نفسه يعتبر «ان المشهد يدعو الى القلق: الدولة مستضعفة، هيبتها مستباحة وقرارها مخطوف« وتنبيهه الى ان الاستقرار الذي ما زلنا ننعم به «ليس معطى أكيدا وثابتا ونهائيا».

فالازمة الاخيرة بين «حزب الله» وقطاع المصارف قد تتجدد عند صدور لوائح اسمية جديدة بسبب قانون العقوبات الاميركية بما يضع هذا القطاع، الأهم اقتصاديا للبنان، في مواجهة مع اكبر جيش واكثره تقنية الا وهو النظام المصرفي العالمي. كما ان تصاعد التوتر المحلي قد يتصاعد مع تفاقمه بين ايران والسعودية بعد الخطوة البحرينية بإسقاط الجنسية عن شيخ شيعي مجنس خصوصا بعد دعوة «حزب الله» البحرانيين الى «التعبير الحاسم عن الغضب» وصولا الى تهديد قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني بـ«مقاومة مسلحة».