IMLebanon

سلاح حزب الله خارج النقاش ومبدأ النأي بالنفس نافذ

 

مر قطوع الاستقلال على خير وعاد الشيخ سعد الى بيروت حاملا معه كتاب التريث الذي قرأه من على منبر بعبدا وسط عدم اهتمام الحاضرين في بهو القصر الجمهوري، لتكتمل بذلك صورة المشهد الذي رسمه السيد السبت والرئيس الثلاثاء، لتعود الامور الى نقطة البداية على قاعدة لا خاسر ولا رابح عمليا وان بدا شكلا ان الرياض خسرت الا ان الوقائع وما خفي من اتفاقات جانبية يؤشر الى ان «الستاتيكو» الحاكم لا يزال على حاله في ظل تصعيد سياسي واعلامي لا قيمة عملية لمفاعيله.

وفي وقت ذهب البعض إلى ربط الخطوة بانتظار تطورات ومداولات خارجية حول أوضاع المنطقة، ولجهود روسيا من أجل الحل السياسي في سوريا، قد تنعكس على الدور الإقليمي لحزب الله، نفت مصادر تيار المستقبل كل ما يشاع عن مهلة زمنية «للتريث»، لان الحريري لا يملك النية لنسف الاتفاق القائم مع رئيس الجمهورية وهو اكد للرئيس عون ارتياحه للتعاون القائم بين الرئاستين طوال الفترة السابقة، وان همه حاليا يرتكز على ايجاد الصيغة المناسبة التي توائم بين تصحيح الخلل القائم في العلاقات مع الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية من جهة وحماية الاستقرار الداخلي من جهة ثانية، مع ما يفرضه ذلك من ملاقاة له في منتصف الطريق ووقف سياسة الابتزاز، بعدما فشل في اقناع الخارج بما هو قائم اليوم،كاشفة ان المطلوب واضح وضع آلية عملية لتطبيق مبدأ النأي بالنفس.

من جهتها، اشارت اوساط في الثامن من آذار الى ان اي طاولة حوار لن تتطرق الى موضوع سلاح حزب الله الذي يعتبر خطا احمر حاليا وغير قابل للنقاش، اما بالنسبة للنأي بالنفس فمسألة قابلة للنقاش ولا خلاف عليها في حال التزمت بها كل الاطراف وفي الاتجاهين، مشيرة الى ان اي حوار تحت ضغط التهديد بعامل الوقت لن يكتب له النجاح، مبدية عدم تفاؤلها بالمرحلة المقبلة وما قد تحمله معها، ذلك ان لا شيئ يشير حتى الساعة الى ان المملكة العربية السعودية قررت ان تتراجع عن هجمتها المدعومة اميركيا، داعية الى التنبه من اي فخ قد يكون منصوبا، نافية ان تكون تبلغت وجود اي اطار واضح لصيغة المشاورات المنتظرة، مبدية اعتقادها بان الرئيس عون لن يدعو لاي طاولة حوار قبل الاتفاق على الخطوط العريضة للمسائل العالقة، مستبعدة اي لقاء بين الشيخ والسيد حاليا.

اوساط دبلوماسية اشارت الى ان اتصالات الحريري في القاهرة ،كانت استبقها لقاء «سري» بين الرئيسين ماكرون والسيسي تم الاتفاق خلاله على صياغة مبادرة من عدة نقاط، تمت مناقشتها مع كل من الرياض وواشنطن وتل ابيب وطهران، من ابرز نقاطها التزام كل الاطراف اللبنانية بعدم اللجوء الى الشارع تحت طائلة التعرض لاجراءات جذرية تتخذ في مجلس الامن وجامعة الدول العربية.بند شكل مفتاح الحل اذ رات فيه الرياض اعادة للتوازن اذ يمنع حزب الله من اي تحرك على غرار السابع من ايار او حركة «القمصان السود»، ما يعني عمليا اعطاء الرياض فرصة تعطيل تسمية اي رئيس حكومة لا يحوز على رضاها.

اوساط ديبلوماسية عربية اشارت الى ان الخطوة التي اعلن عنها من بعبدا جاءت بعدما تبلغ عقب وصوله الى بيت الوسط ليل الاثنين اتصالا من مرجع رئاسي افاده بان اتفاقا حصل بين قوى الثامن من آذار بعد مشاورات هاتفية بين رئيس الجمهورية والامين العام لحزب الله، على الموافقة على السير بمبدأ النأي بالنفس، وفقا لما جاء في كلمة رئيس الجمهورية في كلمة الاستقلال التي وجهها للبنانيين وما كان سبق للسيد نصر الله ان اعلنه خلال اطلالته الاخيرة، علما ان الحريري كان سمع «تمنيات» مصرية – فرنسية – قبرصية باعطاء فرصة سماح تتخللها جولة مشاورات، على ان لا تعقد اي جلسة لمجلس الوزراء خلال تلك الفترة، ففي حال تم الوصول الى تسوية وسط تكرس الاتفاق عندها يحصل جلسة للحكومة والا تصبح الاستقالة نافذة.

رؤية عززتها طريقة اخراج «التراجع» التي جاءت مكتوبة ومدروسة، ما خلق اجواء ايجابية مفاجئة وارتياحا كبيرا على الصعيد الداخلي، رغم انه لم ينه الازمة السياسية المرتبطة بالصراع الاقليمي في المنطقة، على ما تبشر به تغريدات وزير الشؤون الخارجية الاماراتي هذه المرة.

بين المبادرات وعلى ايقاعها تتحرك استقالة الحريري وسط التساؤلات عن التصدع الذي اصاب المستقبل وموقف المملكة العربية السعودية من تطورات الساعات الماضية، والصورة التي ظهر فيه رئيس حكومة «تصريف الاعمال» عمليا سواء في بعبدا او بيت الوسط. فهل هي فترة سماح لتمرير الاعياد وجلاء بعض الملفات قبل ان تعاود الازمة حراكها؟