IMLebanon

كيف ستنتهي قمة هلسنكي؟

 

عندما يلتقي الرئيس دونالد ترمب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اليوم الاثنين الـ16 من يوليو (تموز)، سيراقب بعض الأميركيين المشهد بترقب وقلق: ماذا لو أنهما اتفقا على خطة تضر بمصالح الولايات المتحدة؟ ماذا لو أن ترمب خلال هذا الاجتماع يلتقي في حقيقة الأمر شخصاً مسيطراً عليه وليس نظيراً له؟

إلا أنه لا يتعين عليهم الشعور بالقلق، فرغم أنه يكاد يكون في حكم المؤكد أن بوتين بمقدوره التعامل مع ترمب، فإنه لن يتعامل معه كأصل استخباراتي، مثلما يوحي بعض أنصار نظرية المؤامرة. وحتى إذا كان هناك، مثلما يعتقد الكثيرون، «شيء ما ضد ترمب» يحتفظ به بوتين، فإنه ليس هناك ما يمكن للأخير أن يجنيه من وراء كشف النقاب عن هذا الأمر، ما عدا قدوم إدارة أميركية أكثر عداءً لروسيا، مع أو من دون ترمب على رأسها.

ومع هذا، يشارك بوتين في القمة وفي ذهنه صورة واضحة عن المصالح التي ربما يتشارك فيها مع الرئيس الأميركي، حتى وإن كان كلا الرئيسين ليس في موقف يمكّنه من تحقيق أي إنجاز ملموس.

وتتمثل الأرضية المشتركة الأكثر وضوحاً بين الطرفين في سوريا. من ناحيته، يرغب ترمب في سحب القوات الأميركية في أقرب وقت ممكن من البلاد، لكن دون فقدان السيطرة على أراضٍ لصالح وحدات إيرانية أو قوات جماعة «حزب الله» اللبنانية الموالية لإيران. أما بوتين، فيرغب في خروج الأميركيين بحيث يتمكن عميله، الرئيس بشار الأسد، من السيطرة على مزيد من الأراضي، خصوصاً المناطق الغنية بالنفط التي يحتاج إليها لجني عائدات تمكّنه من إعادة بناء البلاد.

ومع هذا، فإن بوتين غير مستعد (وربما غير قادر) لدفع الإيرانيين خارج سوريا، لأن يفعل ذلك. وربما يدعم بوتين فكرة تقليص النفوذ الإيراني داخل سوريا مقابل الحصول على تنازلات أميركية في أوكرانيا، مثل الاعتراف بالقرم باعتبارها جزءاً من روسيا، الأمر الذي لمّح ترمب إلى أنه ربما يدرسه. ومع هذا، ربما يكون بوتين مدركاً لأن ترمب لن يكون باستطاعته الاعتراف بالأراضي التي استولت عليها روسيا بالقوة دون موافقة الكونغرس. كما أن بوتين لا يتوقع الحصول على تنازلات أميركية في شرق أوكرانيا، التي تمثل سبباً آخر للعقوبات الأوروبية والأميركية ضد شركات وأفراد روس. وربما في حوزة بوتين شيء يثير اهتمامه بخصوص سوريا، ربما يكون نسخة جديدة من مناطق خفض التصعيد خالية من قوات إيرانية.

من بين القضايا الأخرى المثيرة للاهتمام العمل على تقويض الاتحاد الأوروبي، خصوصاً حكومة المستشارة أنجيلا ميركل في ألمانيا. بالنسبة إلى ترمب، يتعلق هذا الهدف بمساعيه للفوز في حرب تجارية وإخضاع مجموعة من المنتفعين دون وجه حق. أما بالنسبة إلى بوتين، فإن الأمر يتعلق بإنهاء العقوبات، وذلك بالنظر إلى ميركل على أنها واحدة من الزعماء القلائل المتبقين على مستوى أوروبا المؤيدين بقوة للعقوبات ضد موسكو. في المقابل، ترغب الحكومات الأكثر ميلاً نحو اليمين في إيطاليا والنمسا والمجر في رفع هذه العقوبات واستئناف العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا.

ومع ذلك، فإنه من غير المحتمل أن يصل بوتين وترمب إلى إجماع بخصوص إلحاق الضعف بميركل. من ناحيته، يبدو الرئيس الروسي حريصاً على بناء خط أنابيب «نورد ستريم 2» الممتد إلى ألمانيا لتقليل إمدادات الغاز الطبيعي عبر أوكرانيا. أما ترمب، فإنه لا يعبأ كثيراً بالأوكرانيين، لكنه يعارض مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2» لأنه سينافس إمدادات الغاز الطبيعي المسيل القادمة من الولايات المتحدة. بالنسبة إلى بوتين، فإن خط الأنابيب هذا ليس ورقة تفاوض، لكنه جزء حيوي من استراتيجية الطاقة الخاصة به.

ومع أن بوتين وترمب يتشاركان في ازدراء أوروبا، فإنهما ليسا بحاجة إلى الاتفاق على خطة عمل مشتركة في هذا الصدد. ويبدو بوتين مهتماً بالعمل على تفكيك حلف «الناتو»، الذي أبدى ترمب مراراً ازدراءه له. ومع ذلك، فإن زيارة ترمب لمقر «الناتو» في بروكسل هذا الأسبوع كشفت أنه لا نية لديه لنسف الحلف.

بوجه عام، ربما تتمثل الأولوية الأولى لبوتين في رفع العقوبات عن بلاده والتي حالت دون تمكن رؤوس الأموال الروسية من العمل بحرية.

إلا أن بوتين يدرك أنه لا يمكن لترمب الإقدام على رفع العقوبات عن روسيا، ومن المحتمل أن يمنعه الكونغرس من فعل ذلك. لذا، فإن كل ما يمكن أن يأمله الرئيس الروسي فرض تجميد غير رسمي على أي إجراءات جديدة.

موجز القول، إن ترمب وبوتين يتشاركان ببعض المصالح والأهداف، لكن سيكون من الصعب عليهما إضفاء صبغة رسمية عليها أو حتى تغليفها في صور اتفاقات غير رسمية يلتزم بها الطرفان.