ليس سهلاً ما ينتظر اللبنانيين الحالمين بدولة وأمان اجتماعي واقتصادي معقول ومقبول بالحدّ الكافي. فتحقيق الحلم لا يرتبط فقط بالجهود لتطبيق خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون وتنفيذ ما ورد في البيان الوزاري لحكومة نواف سلام.
ذلك أن الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية التي طوت ما كان قائماً، لم تكشف معطيات المرحلة الجديدة المتفاقم غموضها، والتي تنعكس على لبنان مع سعي “المتضررين” إلى رزنامة تخريب تحقق مصالحهم وتنسف الحلم، عبر تخوين العهد أو عرقلته ومنعه من العمل لخنقه وقطع الطريق على مسيرة “الإنقاذ والإصلاح”.
بداية، العدو الإسرائيلي وضع استراتيجية أمان، يطبقها بالنار والمكائد في أرض فلسطين المسلوبة وسوريا ولبنان، بحيث يضمن عدم تكرار عمليات مشابهة لـ “طوفان الأقصى”، حتى لو اقتضى الأمر تقسيم المنطقة حتى لا تقوم لها قيامة.
بالموازاة، يستنفر “المتضررون” من وجود دولة تعتمد مبدأ الثواب والعقاب والكفاءة. هؤلاء يريدون البلد ساحة فالتة كما كان، إِنْ للسلاح غير الشرعي، أو للفساد والمخدرات وتبييض الأموال، أو للمحسوبيات والزبائنية، وتغليب أجندات أصحاب المشاريع المشبوهة على المصلحة الوطنية العليا التي لن تقوم لها قيامة إلا عبر إعادة الاعتبار للدستور والقانون ووثيقة الوفاق الوطني، كما يؤكد دائماً رئيس الحكومة الآخِذ “الكتاب” بقوة.
بالتالي، قد لا يتحقق ما يتمناه الإصلاحيون، ما دام هناك من لا يوفر وسيلة لمنع التوجه إلى إعادة بناء الدولة، لذا نشهد نشاطاً على أكثر من جبهة، وفق رزنامة “المتضررين”، وهم كثر، ولا يترددون لتوحيد جهودهم لتفعيلها وتحديثها لتلائم مقتضيات المرحلة، وتسهِّل الالتفاف على أي خطوة إصلاحية فعلية.
“المتضررون” هؤلاء لا يزالون على إيمانهم “بوحدة المسار والمصير” بين جهابذة المحور الممانع ومن لف لفهم، ففي هذا الإيمان مصدر رزقهم من “الأموال النظيفة” بعد غسيلها. وهم يصفقون، بل ويشجعون، وفق رؤيتهم، “الجهود الإسرائيلية المباركة” لتقويض قيامة الدولة السورية الناشئة بعد اندحار النظام الأسدي، حتى يكاد يظهر واضحاً تقاطع المصالح بين العدو الصهيوني وذلك المحور البائد، للعودة بالشعب السوري إلى المعتقلات الكبيرة والصغيرة، ومن ثم العودة بالشعب اللبناني إلى جهنم.
والخطير في تقاطع المصالح هذا، ما تشهده الساحة الإقليمية من استنفار عبر التوتير الدموي المتواصل عبر تحريك الجماعات الطائفية والقومية وسع الجغرافيا السورية، مع كل ما يصيب لبنان من شظاياها، لجهة الاشتباكات على الحدود المشتركة ومزيد من النزوح “الشيعي والعلوي” في هذه المرحلة إلى البقاع الشمالي وعكار، وخطورة التداعيات الناجمة عن ذلك، وتحديداً لنسف أي مفهوم للمواطنة لحساب التجييش الطائفي.
فرزنامة التخريب هذه لها تداعيات مقلقة، من شأنها توسيع المسافة بين أمنيات العهد وقدرته على إعادة بناء الدولة، وبين الواقع الشديد الخطورة المهدد بالانفجار في أي لحظة فالتة من المخططات الدولية لإعادة تشكيل المنطقة.. حينها الله يستر..