IMLebanon

في ظل التعقيدات المتمادية من أزمة حكومة إلى أزمة حكم

 

سبعون يوماً مرّوا على التكليف، وكأننا في اليوم الأول، وكأنَّ الأطراف المعنيون يعرفون أنَّ العقد ستواجههم وأنهم ربما يراهنون على الوقت علَّه يحل المشاكل، ليكتشفوا لاحقاً أنَّ الوقت فاقم هذه المشاكل وأنَّه لم يعد هناك زوايا لتدويرها، وأنَّ كل فريق متمترس وراء مطالبه من دون أن يتوانى عن القول:

العقدة ليست عندي، التشكيل عند رئيس الحكومة المكلَّف. وهذا تناقض في حد ذاته إذ كيف يقول مَن يقول إن العقدة ليست عنده، فيما هو يتمسك بمطالب لا يحيد عنها؟

رئيس الجمهورية يتمسَّك بموقع نيابة رئيس الحكومة ويعتبره من حصته، وفي آخر مراجعة له من قبل القوات الذين طالبوا بأربعة حقائب بينها نيابة رئاسة الحكومة أو حقيبة سيادية، كان جواب رئيس الجمهورية أنَّ نيابة الرئاسة من حصته وأنَّ الحقيبة السيادية تُبحَث مع الرئيس المكلَّف.

واضحٌ أنَّ العقدة المسيحية ما زالت على حالها، على رغم كل المحاولات التي جرت سابقاً لحلحلتها. وبعد هذه المطالب المتبادلة بات التفتيش ضرورياً عن مخارج جديدة. فمشكلة الأَحجام عبَّر عنها مصدر في التيار الوطني الحر، من خلال اعتباره أنَّ التيار يطالب بأقل من حقه، وغيره يطلب أكثر مما يحق له بناء على نتائج الإنتخابات وهنا جوهر تعطيل التشكيل، لكن وجهة النظر هذه تُقابل بوجهة نظر أخرى تقول:

إذا كان يحقُّ للتيار الوطني الحر بعشرة وزراء مع حصة الرئيس لأنّه نال خمسين في المئة من أصوات المسيحيين، فإنَّ القوات يحقُّ لها خمسة وزراء لأنَّها نالت أكثر من ثلاثين في المئة من أصوات المسيحيين، بأرقام التيار نفسه.

عند هذا الحد، وفي ظلِّ استمرار العد، فإنَّ هذه العقدة ما زالت عند حالها.

الدوامة نفسها بالنسبة إلى العقدة الدرزية، لكن المعضلة اليوم أنَّ هذه العقدة أصبحت تنفيذ كلام لا عودة عنه:

فرئيس الجمهورية ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل متمسكان بتوزير النائب طلال ارسلان أو مَن يسميه، فيما النائب السابق وليد جنبلاط متمسك بنيل الحصة الدرزية كاملة. لا الرئيس ولا رئيس التيار يتراجعان، ولا النائب السابق وليد جنبلاط يتراجع، والواضح من شد الحبال القائم أنَّ الرئيس المكلف هو أقرب إلى النائب السابق جنبلاط منه إلى النائب ارسلان.

العقدة السنية ليست أفضل حالاً وإن كان الإعلام لا يعطيها الأولوية، هناك محاولات لجعل هذه العقدة في موازاة العقدتين المسيحية والدرزية، لكنَّ الجميع متفقون أنَّه في حال حلِّ العقدتين المسيحية والدرزية، فإنَّ العقدة السنية لا تعود مستعصية على الحل.

عند هذا الحد يمكن اعتبار أنَّ تشكيل الحكومة دخل في أزمة شبه مستعصية، فهل ننتقل من أزمة حكومة إلى أزمة حكم؟

إنَّ هذا البلد مفتوح على كل احتمالات الأزمات.