IMLebanon

في غفلة أمام الموجة الآتية

 

لم تصل بعد آثار التصعيد الأميركي ضد إيران إلى العملية السياسية اللبنانية المستمرة حتى الوقت الحالي بالسير وفق التسوية التي افضت الى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وتولي سعد الحريري منصب رئيس الوزراء. المحاصصة – التسوية ستتكرس وستحصل على الغطاء القانوني اللازم في ظل المجلس النيابي المعروفة توجهاته وولاءاته، وسط اعتقاد- قد لا يكون صحيحاً- بأن لبنان الذي تجاوز العقوبات الغربية السابقة على ايران والحرب في سورية بحد ادنى من الخسائر، قادر على تكرار التجربة والنجاة من الموجة الحالية من الحصار ومحاولة وقف المد الامبراطوري الإيراني في المشرق العربي.

 

 

مهما يكن من أمر المجلس الذي يتقاسمه أصحاب البلايين والموالين للنظام السوري، فعلى المستوى الاقتصادي– الاجتماعي قد نكون على عتبة مرحلة من الهجوم على ما تبقى من مؤسسات الدولة وعلى انقاض شبكة الأمان الاجتماعي التي ما زالت تديرها برغم مساعي الائتلاف الحاكم إلى القضاء عليها، على غرار صندوق الضمان الاجتماعي والتعليم الرسمي والمستشفيات الحكومية.

 

ما يصفه اللبنانيون على أنه «الفساد»، هكذا من دون تحديد أو تعيين، هو في واقع الأمر صلب سياسة القوى الحاكمة التي استقرت على قسمة تعطي الاقتصاد لأصحاب التوجهات النيوليبرالية (الذين لا يقتصرون على تيار واحد أو طائفة واحدة، خلافاً لما يُرَوَّج) الراغبين في جني الارباح من كل شيء مهما كانت الاثار الاجتماعية لهذا النهج، بعدما توقف التمويل الخارجي وانحسرت الاستثمارات، من جهة. وتترك الشؤون الأمنية والسياسية العليا «لمعسكر المقاومة» الذي عاد بعض من أسوأ رموزه الى البرلمان، من جهة ثانية. هذا النوع من الخصخصة (الاقتصاد للنيوليبراليين والامن «للمقاومين» الذين لا يبالون كثيراً بالمسألة الاقتصادية والاجتماعية اذا لم تكن تفيد مناكفاتهم مع فريق الحريري) ظهر بعد اتفاق الدوحة في 2008، ويبدو أنه آخذ في التجذر في ظل الأزمة الشاملة التي تقود لبنان على دروب الدول الفاشلة، نظراً إلى تخلي الدولة اللبنانية عن بعض أهم وظائفها.

 

لا فرق إذا حصل هذا التخلي عن وعي بذريعة الحفاظ على السلم الأهلي ومنع تفجير البلد، أو من دون وعي بسبب غياب أي مشروع بديل قادر على اسباغ المعنى على أي إجماع لبناني.

 

عليه، ستكون الحكومة المقبلة التي سيترأسها الحريري، وفق النتائج الأولية للاستشارات الحكومية، راعية لمرحلة شديدة القسوة على اللبنانيين. وإلى جانب الأسباب المحلية للتدهور الاقتصادي المتوقع والمتلازم مع تفاقم التوتر الإقليمي، ستكون جملة السياسات الأميركية الجديدة المتعلقة بإيران وحلفائها، مصدر خطر جديد على الاستقرار الذي يتغنى به المسؤولون الرسميون، في وقت يقول الخبراء الاقتصاديون أن ليس هناك ما يشبه الخطة الضرورية لتجنيب لبنان وطأة العقوبات المتوقعة باستثناء تشاطر وتذاكي العاملين في القطاع المالي.

 

الطور السري الحالي من الحرب الايرانية– الإسرائيلية في سورية، سيظل قابلاً للتحول الى حرب مفتوحة على الأرض اللبنانية إذا قرر الإيرانيون والإسرائيليون ذلك. وإذا أخذت التهديدات المتبادلة بين هذين الجانبين على محمل الجد، فستكون الحرب من العنف والشدة بحيث لن تترك لبنان في منأى عن ميادينها.

 

طبعاً، هذا من آخر همومنا ما دامت الحساسيات الطائفية قد خمدت وجاء ممثلون للشعب اللبناني بأقل من نصف أصوات الناخبين.