IMLebanon

في الاستعادة الناقصة..

 

مألوف جداً الأداء “الممانع” الراهن، ولا مستجدّات فيه يُعتدّ بها، أو يمكن التفاجؤ بحصولها من خارج السياق والمعتاد. أو من خارج الاستراتيجية الكبرى القاضية بإحكام التمكّن في لبنان على قاعدة إلحاقه بمراكز النفوذ الإيراني تماماً، أو اعتبار ذلك النفوذ متقدّماً على غيره في ضوء الاستحالات المحلية.. حيث التعدّد الطائفي والمذهبي ثم السياسي المشتقّ عنهما يصير عامل لجم إيجابي إقليمياً بقدر ما هو عامل انكشاف سلبي وطنياً..

 

والذي لم تفعل حوادث الأيام القليلة الماضية سوى تأكيده، هو أنّ “حزب الله” باعتباره وريث الوصاية الأسدية القاصر عن التشبّه بشموليّتها و”شطارتها” وطول باعها في التكتيك والبيع والشراء والمتاجرة على حساب اللبنانيين مع المجتمعَين الإقليمي والدولي (بما يشمل التفاهم العريض مع إسرائيل!).. هذا الحزب يتفنّن في الأنوية ويُمعن في ارتكابها بطريقة لا يحتاج معها أخصامه وأعداؤه إلى بذل أي “جهد” إضافي لإلحاق المزيد من الضرر به وبـ”قضيّته”، وبـ”سمعته” وبكونه خارج عن أي شرعية دستورية، وملحق تابع يتماهى مع الولي الإيراني وفق كل شروط ذلك التماهي أيّاً تكن!

 

.. مبدأ الدفرسوار الذي يعتمده في التعامل مع غيره ثابت عنده برغم كل ما استجد “تسوَوياً” على مدى السنوات القليلة الماضية.. وفي ذهنه السياسي، أن ساقية صغيرة وفرعية يتحكّم بسريانها تماماً، هي أجدى وأفعل وأفضل له من نهر كبير “يشرب” منه الجميع ويتشاطأون عليه بما يمنع فيضانه وأضرار تفلّته!

 

وكأنّه لا يثق بأحد مثلما أنّ لا أحد يثق به! والتزاماته مأسورة بذلك الفائض من التوجّس لأنه يعرف تماماً (والله أعلم!) أن أثقال مشروعه وأثمان ارتباطاته لا يحتملهما ميزان اللبنانيين العام.. مثلما لا يحتملهما أي منطق سوي، أو شرعية وطنية، أو مشروع دولة، حتى لو كان على هذا القدر من النسبية (في لبنان).

 

والأكيد أنّه لا يهتم! وفي كل “لحظة مناسبة” يُظهر ذلك جهاراً، حتى ضجّ منه كلّ مَن عليها أو يكاد! يلتزم بـ”التسوية” طالما أنها لمصلحته أكثر من غيره! يراكم النيّات التهدوية ومبادرات تدوير الزوايا وتجليس النتوءات التي تخدمه وتخدم غيره والوضع اللبناني إجمالاً لكنه يرميها جانباً وكأنها لم تكن عند أوّل إشارة تَرِدْ إليه من “المركز” الإيراني! يَنقُض “تفاهمات” و”اتفاقات” كبيرة من أجل عناوين صغيرة من دون أن يتأسّف! أو يتحسّر أو يُبرّر، بل العكس تماماً: ينخرط بالغلط بكل زخمه لإقناع نفسه قبل غيره أنه صحّ طالما أن قضيّة المركز تستوجبه! وتطلبه!

 

في تفاصيل الأيام الأخيرة المضافة إلى ضنى توزير أحد النواب الستّة عودة إلى المناخات الأولى، السابقة على كل مستجدات العلاقة مع الرئيس سعد الحريري والمجموع السنّي العام. ومع وليد جنبلاط والمجموع الدرزي الأعم. ومع مؤسسات الدولة إجمالاً وشعبة المعلومات خصوصاً.. بل حتى مع المجموع المسيحي برمّته بما يعنيه ذلك من كنيسة و”تيار وطني حر” و”قوات لبنانية”.. وفي تلك التفاصيل إستحضار لعدّة الشغل ذاتها التي اعتُمدت في كل “المعارك” التي خاضها منذ العام 2005 بما فيها من تلفيقات وتزويرات وتضخيمات وزعبرات وتطاولات، والتي أراد ويريد من ورائها القول بأن المرتكب هو الضحية! وأنّ السفيه هو مثال في الأخلاق! وأن الأزعر الميليشيوي الفلتان في الشارع هو “فوق” ابن الدولة، رجل الأمن ورجل القضاء ورجل الشرعية، وأن كل مرتكب يدبّ الصوت باتجاهه يصير فوق القضاء والمؤسسات وأهم من الرموز السيادية وأَوْلَى بالرعاية من شؤون الاستقرار العام وشروطه ومتوجّباته!

 

على أن استحضار عدّة الماضي لا تلحظ الفارق الجوهري بين الأمس واليوم، حيث أن القياسات والممارسات و”الممانعات” التي اتّبعت في لبنان وعلى حساب أهله، لم تمنع ما حصل في سوريا، وقد لا تنفع شيئاً في حالة إيران.. أم ماذا؟!