IMLebanon

في «البازار» السوري!

 

هناك في إيران صحيفة اسمها «قانون» وَصَفَت بالأمس رئيس سوريا السابق بشار الأسد حرفياً بأنّه «بلا مبادئ وناكر للجميل وجبان وأناني مُخنّث بسبب اتّفاقه مع الروس على تسليمهم ملف إعادة الإعمار بدلاً من إيران».

 

الصحيفة محسوبة على الإصلاحيين والرئيس حسن روحاني. لكن غضبها على الأسد، أو بالأحرى «اكتشافها» خصاله الأثيرة، والإضاءة عليها بشفافية آسرة، يدلاّن على شيء إيراني داخلي بقدر ما يدلاّن على شيء سوري بحت.. كأنّ رعاتها اختاروا استئناف «الجدال» الحار والصاخب الذي اندلع في شوارع معظم المدن الإيرانية على خلفية مطلبية مشبوكة بالخيارات السياسية و«الثقافية»، مع جماعة تصدير الثورة. وارتأوا «بحصافة» أنّ موضوع الأسد أساسي وكبير وقابل للاستثمار الناجح في وجه هؤلاء وفي هذا التوقيت الدقيق تحديداً!

 

والصحيفة المرعية أو القريبة من الرئيس الذي انتُخب في ولايته الثانية على وقع الشعار الذي انفجر في الشوارع لاحقاً والحاكي عن إيران «قبل» سوريا وغزة ولبنان.. اختارت استعارة عُدَّة شغل المحافظين و«الحرس الثوري» لكن على كيفها هي هذه المرّة: ذهبت إلى «التأسّي» على ضياع «تضحياتنا وجهودنا» بسبب موقف الأسد في قضيّة إعادة الإعمار. واستخدمت مصطلحات سافرة في توصيف ذلك واعتبرت (حرفياً أيضاً) أنّ الحديث يدور عن «كعكة في بازار الشام» و«حصّة» إيران فيها التي أُعطيت للروس! وإن ذلك يجب أن لا يمر «ولو بالقوّة».

 

«فحوى» هذا الردح هو تعيير جماعة مدّ النفوذ في الخارج بالطول والعرض، بأنّ بشّار الأسد الذي هُدِرَت الأموال والأرواح لحمايته والدفاع عنه هو الذي غَدَرَ بمصالح إيران وليس غيره! وهو الذي نَكَرَ جميلها عليه، ووجّه طعنة نجلاء لكل الاستراتيجية التوسّعية التي سبق لها أن وضعت حرب سوريا في باب المصائر و«الحياة والموت»! وإنّ صرخات المتظاهرين الإيرانيين وشعاراتهم كانت (بالتالي) في محلّها وليست مفتعلة ولا وليدة «تآمر» خارجي، وعبّرت عن خلاصة مزدوجة، ومرارتها طافحة على الجانبَين: فشل داخلي أكيد، مالياً واقتصادياً وثقافياً يُقارع فشلاً خارجياً يكفي للدلالة على عمقه أن يتحكّم شخص مثل الأسد «بلا مبادئ وناكر للجميل» بمصير المصالح الإيرانية الإقليمية «العظمى»!

 

 

قبل التوصيف الإيراني هذا لسوريا ونكبتها ودمارها بأنّها مجرّد «بازار» يعرض فيه «كعك» مصالح الآخرين، حكى فلاديمير بوتين أكثر من مرّة، عن تأكيد «التمارين» والتدريبات «الحيّة التي خاضها السلاح الروسي بكلّ أصنافه فيها، جدارته ونجاحه التامَّين!»، وهو في ذلك بالأمس، مثل الإيرانيين اليوم، لم ينظر إلى بشّار الأسد نظرة مختلفة عن تلك التي عرضتها صحيفة «قانون» في طهران. ولم يجد في دماء السوريين سوى مكوّنات عجنة «الكعك» الذي قرّر أن يأكله كلّه لوحده! على ما يشتكي منه إيرانيّو حسن روحاني!