IMLebanon

هل تشعل رسالة الاستقلال شوارع لبنان؟  

 

الكلام الصادر عن النائب السابق وليد جنبلاط هو «الواقعية الوحيدة» التي لمسها اللبنانيّون في لحظة الأوهام التي تعصف بالمتمسكّين بمواقعهم وكراسيهم، ما الذي يريد اللبنانيّون أن يسمعوه الليلة من رئيس الجمهورية في رسالته إليهم لمناسبة عيد الإستقلال، وأيّ إستقلال هذا الذي يحلّ واللبنانيّون في خضم ثورة لم يصغي رئيس البلاد لمطالبها حتى اليوم، بل وحتى لا نقول رفضها أو تملّص من تلبيتها فلنقل تجاهلها! ما الذي قد يخبر به رئيس البلاد اللبنانيّين وهم تتلاطمهم موجات أزمات سياسيّة وإقتصاديّة ومصرفيّة وإجتماعيّة عاصفة، أيّ كلام سيكون بإمكان اللبنانيّين أن يقنعهم أو يُصدّقوه وهم يشاهدون الوطن يكاد يغرق عن بكرة أبيه، وهل ما يزال يملك رئيس البلاد في هذه اللحظة المفصليّة حتى أدنى مقوّمات إقناع شعبه بأن اليوم التالي لعيد الاستقلال سيكون أفضل، من المؤسف أن مواطنين كثر ومنذ ذلك اللقاء التلفزيوني الذي أشعل البلاد فقدوا ثقتهم بأن سيّد العهد قادر على إقناع كثيرين، بل يذهبون أبعد من هذا ويبدون مخاوف كثيرة من أن تعيد إطلالة الرئيس الليلة إعادة إشعال الناس والطرقات وأن تشكل اندفاعة ثالثة للثورة وغضبها!

 

اختصر وليد بك جنبلاط اللحظة اللبنانيّة بجملة واحدة «العهد كلّه انتهى»، عادة ومع مطلق عهد يكون النصف الثاني من الولاية الرئاسية مساحة «عرض حال» للموارنة الطامحين أو الطامعين بكرسي الرئاسة، من المؤسف أن العهد أنهى نصفه مع دخوله عامه الثّالث عندما ترك رئيس البلاد صهره الوزير جبران باسيل يصول ويجول من منطقة إلى أخرى واستفزازها كلّها، ساعياً إلى فرض نفسه الماروني الذي سيرث العهد وهو الرئيس المقبل، ويأخذ كثيرون على العهد أنّه ترك لجبران باسيل زمام الحكم إذ أحال كلّ قاصد له للكلام مع جبران باسيل!!

 

ما الذي بإمكان العهد أن يقوله للشّعب اللبناني بعد؟ لم يعد هناك مجال لا للوعود، ولا للحديث عن إنجازات ـ لا تستحقّ تسميتها ـ ولم يعد هناك مجال لإقناع أي مواطن لبناني بأنّ الغد سيكون أفضل، عن أي إستقلال سيحدّث الرئيس اللبنانيّين؟ عن إستقلال يموت فيه المواطن على باب مستشفى، أو يحرق أب نفسه على باب مدرسة، أو يقتل مواطن فيه أمام أعين زوجته وابنه، أو عن إستقلال أصبح فيه أغلبية تحت خط الفقر، أيّ إستقلال يعني المواطن الجائع يشاهد طبقة فاسدة نهبت البلد ولم تترك للشّعب حتى الفتات؟!

 

بدون شكّ سيبذل العهد جهداً ليكون تسجيل ومونتاج الكلمة متقناً، ولكن، ماذا عن مضمون الكلمة، هل سيقول لنا الرئيس «إقرأوا تاريخي»، في وقت يبحث فيه الشعب اللبناني عن مستقبل أولاده؟! الذكرى السادسة والسبعين هي آخر عيد إستقلال يمرّ على لبنان، العام المقبل سيحتفل لبنان بمئويته الأولى، والسؤال الذي يقلق اللبنانيين جميعاً: هل سيبقى لبنان الدولة والمؤسسات على قيد الحياة حتى عيد استقلال العام 2020؟ هذا السؤال مفزع جدّاً، وبقدر ما تبدو الثورة مصدر تفاؤل، المخاوف اللبنانيّة تحاصر أي بارقة أمل بالمئات من علامات الاستفهام حول الغد وما يخبّئه!

 

يترقب اللبنانيّون الليلة رسالة الاستقلال التي سيوجهها الرئيس للشعب اللبناني وغالبيتهم شبه مقتنع أنّها لن تكون أكثر من تكرار لموقف لا استجابة فيه لمطالب اللبنانيّين، فالعهد وفريقه يعيشون حال انفصال عن الواقع، وهم مصرّون أن يبقى الأمر على ما هو عليه!