IMLebanon

عيد الإستقلال هل يُهجّر..؟

 

غدًا الذكرى» ٧٩» لـ»عيد الإستقلال» عن الإنتداب الفرنسي الذي كان يتحكّم فيه ب «متلازمة القوة» خلال وجوده في لبنان من ١٩١٨ وتحديدًا من ١٩٢٠ بعد انعقاد مؤتمر «سان ريمو» بإيطاليا ما بين ١٩٢٠/٤/١٩ و١٩٢٠/٤/٢٦، والذي حدّدت مقرراته مناطق النفوذ «الأنكلو- فرنسية» على «المشرق العربي» بحسب اتفاقية «سايكس – بيكو» والتي هي «أنكلو- فرنسية» ايار/ مايو ١٩١٦،[ مع بعض التعديلات عليها لجهة «الموصل» في «العراق»، التي تنازلت فرنسا عنها لبريطانيا، و»فلسطين»] ، تحت مسمّى «الإنتداب» أي أن ّ بريطانيا وفرنسا منتدبتان من قِبَل «عصبة الأمم» لمساعدة الدول الخاضعة تحت حكم الإنتداب، في تمكينها لحكم نفسها بنفسها..!!

 

واستمر هذا الإنتداب من ١٩٢٠/٤/٢٦ إلى ١٩٤٣/١١/٢٢ يكبت الحريات ويحكم لبنان بحسب ما تقتضيه المصلحة الفرنسية، وهو لم يتورّع عن اعتقال رئيس الجمهورية آنذاك «بشارة خليل الخوري»، ورئيس الحكومة «رياض الصلح» والوزراء «كميل شمعون»، «عادل عسيران»، «سليم تقلا»، ونائب طرابلس «عبد الحميد كرامي» في ١٩٤٣/١١/١١ حتى لا يحضروا جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة لـ»تعديل الدستور اللبناني» -١٩٢٦- لحذف كل المواد المتعلقة بالإنتداب، والتي تحدّ من حكم لبنان نفسه بنفسه، وأودعهم «السجن الإنفرادي» في «قلعة راشيا» -[أو «قلعة الإستقلال»- في بلدة «راشيا» في قضاء راشيا، في محافظة البقاع شرقي لبنان]- مع ذلك عُدّلت هذه المواد في منزل «الزعيم اللبناني» -صائب سلام- نائب بيروت آنذاك ، وتم رسم علم «لبنان الإستقلال» الذي لا يزال «العلم اللبناني» حتى الآن..والله أعلم..؟

 

ما أحوج «لبنان كان يا ما كان» الآن إلى الرجوع إلى «روح الإستقلال» أو «الميثاقية الوطنية» التي صاغها «بشارة خليل الخوري» و»رياض الصلح» منذ «٧٩» عامًا، ووافق عليها كل «الآباء المؤسّسون» الذين خاضوا معركة «استقلال لبنان»، حينما أدرك اللبنانيون من مسلمين ومسيحيين أن: «ما من وحدة لبنانية ولا من إستقلال يُؤمل إن لم يُصفّق جناحا لبنان على إيقاع مشترك، ولم يخفق القلبان خفقًا واحدًا ، فكان الميثاق الوطني ١٩٤٣». [كما أشار إلى ذلك أحد المهندسين الكبار للسياسة الخارجية اللبنانية -الذين نفتقدهم الآن- في مقدمته التي كتبها لـ»الجزء الثاني من حقائق لبنانية» ص٨.. وهي مذكرات «ا الرئيس الشيخ بشارة خليل الخوري» التي صدرت في طبعتها الأولى ١٩٦٤ في بيروت].

 

وهذا ما أكّد عليه «الرئيس بشارة خليل الخوري» في الكلمة التي ألقاها في «أهل الفيحاء»-طرابلس- في زيارته لهم في ١٩٤٥/١٠/٥ الذين خرجوا رجالًا ونساًء وأطفالًا يحيّوُن رئيسهم الذي لم يكن في حراسة مجوقلات الجيش، بل كان مطمئنًا وهو يزورهم، وخطب فيهم في «فندق حكيم» في «طرابلس» قائلًا : «ولما سِرنا على هذه السياسة الاستقلالية الجريئة ودفعنا عن أنفسنا تهمة العزلة والإنعزال، وتلفتنا إلى العرب الذي تجمعنا واياهم رابطة اللغة والعادات والأخلاق الشرقية والمصلحة والأماني، لم يعد في لبنان سلبيون ولا إيجابيون، لا مسلمون ولا نصارى، بل صار الجميع شخصًا واحدًا، لبنانيًا ، استقلاليًا، قوميًا، عربيًا، بكامله».

 

وأضاف : «وأكبر شاهد على ذلك ما رأيناه في هذه البلدة التي لم تكن تهتف وتصفّق لرئيس غير هذا الرئيس الذي ترى فيه رمزًا لجمهورية لبنانية إستقلالية عربية ديموقراطية».

 

وقال : «لقد تطرقتُ إلى معجزة العهد ليست بالوحيدة من نوعها وهي أن أصبح رئيس الجمهورية المسيحي أكثر إسلاميًة من رئيس الوزراء السنّي، وأصبح رئيس الوزراء السنّي أكثر مسيحية من رئيس الجمهورية الماروني». [هذا ما قصّه علينا «الرئيس بشارة خليل الخوري» في «مذكراته»- «حقائق لبنانية»، الجزء الثاني، ص.ص ١٦١- ١٦٢ ، بيروت طبعة ١٩٦٤].

 

وحينما تعود «روح انتصار ١٩٤٣» التي وصفها الرئيس «بشارة» بأنها «جعلت جميع اللبنانيين شخصًا واحدًا، لبنانيًا، إستقلاليًا، قوميًا عربيًا بكامله» ، إلى «البعض» الذي نساها بفعل «متلازمة الغطرسة»، يكون «لبنان كان يا ما كان» قد عاد إلى ماكان «دولة وطنية غير منقوصة السيادة»، بـ»صوت قوي»، في إطار «الديموقراطية الوطنية اللبنانية» ، أو «ديموقراطية لا غالب ولا مغلوب»، في «توازن سياسي حقيقي» لا تتحكّم فيه متلازمة «الإلغاء»، أو متلازمة «تدمير الدول».

 

وإلى أن يتحقّق ذلك يبقى السؤال مطروحًا: «عيد الإستقلال هل سيتكرّر بعد الذكرى الـ»٧٩» في «لبنان الواحد لا اللبنانان»..؟ أم سيُهجّره أصحاب مقولة» أنا أو لا أحد» كما هجّروا معظم اللبنانيين عن وطنهم..؟