IMLebanon

هل يحقّ للقضاة التعبير عن آرائهم؟

 

في لقاء بين وزير العدل عادل نصار ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، الجمعة الفائت، جرى التأكيد على «استقلالية القضاء وصون هيبته وحرية التعبير، مع الالتزام بالموجبات المرتبطة بقواعد المناقبية القضائية والحياد». وبعد اللقاء، تراجع نصار عن تعميم كان قد أصدره بمنع القضاة من التعبير عن آرائهم عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ليحصر المنع بـ«القضايا العالقة أمام القضاء».

 

التعبير عن الرأي هو حق من حقوق كل إنسان، على أن يُمارَس بمسؤولية. ومن المفروض، بديهياً، أن يؤتمن القضاة على حرية التعبير بمسؤولية، وإلا لا يفترض أن يكونوا قضاة. وكأيّ مواطن آخر، يتمتع القاضي بالحق في التعبير عن آرائه، بطريقة تحافظ على مكانة المنصب القضائي ونزاهة القضاء واستقلاله. فاللياقة أمر أساسي لأي نشاط يقوم به القاضي، إذ يمكن أن تكون للتعبير غير اللائق عواقب على سمعته المهنية والأخلاقية، وعلى الصورة العامة للقضاء وثقة الناس به.

 

يحق للقاضي، مثلاً، أن يدلي بتصريح يهدف إلى حماية المؤسسات القضائية أو حقوق الإنسان وسيادة القانون. وحتى في مثل هذه الحالات، يُفترض أن يكون معتدلاً وأن يختار العبارات بدقّة حتى لا يُفهم من تصريحه بأنه ينتمي إلى توجه سياسي معين أو يؤيد فريقاً ضد آخر أو أنه يصدر حكماً مسبقاً.

 

وكان نصار أصدر تعميماً (رقم 201 تاريخ 3-3-2025) إلى «جميع الرؤساء الأوائل في المحافظات كافة»، طلب فيه من القضاة «التقيد بالأحكام القانونية وفقاً للمادة 15 من نظام الموظفين بالامتناع عن الظهور الإعلامي بجميع أشكاله بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون الحصول على إذن مسبق من المرجع المختص».

 

قرار الوزير يتناسب مع رأي بعض القانونيين بأن على القضاة الامتناع عن المشاركة في المناقشات العامة. وينطلق هؤلاء من فرضية مفادها أن مشاركة القاضي في مناقشات عامة وتعبيره عن آرائه بشأن قضايا مثيرة للجدل، أو دخوله في نقاشات مع شخصيات عامة، أو انتقاده حكومة أو حزباً أو تياراً، ستؤدي إلى عدم اعتباره حَكَماً محايداً في عملية اتخاذ قرار قضائي حتى لو لم يكن الموضوع متعلقاً بالملف القضائي المطروح. وبالتالي يُفترض امتناع القاضي ليس فقط عن المشاركة في الأنشطة السياسية، بل الامتناع كذلك عن المشاركة في النقاشات السياسية.

 

لكن، احتراماً لاستقلالية القضاة ولمكانتهم، وحرصاً على استقلاليتهم، لا يُفترض أن تأمرهم السلطة الإجرائية (وزير العدل) بعدم التعبير عن آرائهم. ولا يُفترض أن يعاملهم الوزير وكأنهم موظفون إداريون في مؤسسات الدولة، علماً أن القضاة لا يتبعون لوزارة العدل بل يشكّلون سلطة قضائية مستقلة يُفترض أن تكون منفصلة عن السلطتين الإجرائية والتشريعية.

 

وبالتالي على القضاة التعبير عن آرائهم بحذر، لتجنب الأحكام المسبقة والتصنيف السياسي أو الطائفي أو المناطقي أو أي تصنيف آخر لا يتناسب مع مكانة القاضي العادل والنزيه. كما لا بد أن يتذكّر القضاة بأن آراءهم قد يُنظر إليها في المجتمع وفي وسائل الإعلام بشكل عام على أنها موقف القضاء وهيئة المحكمة وليس رأياً شخصياً.

 

تصويب

تصويباً للمقال الذي نُشر في عدد «الأخبار» (7 آذار 2025) بعنوان «هل يحترم سلام معايير التعيينات الإدارية؟»، (عمر نشابة) نشير إلى أن المجلس الدستوري أبطل قانون «تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة» (القانون الرقم 7 تاريخ: 03/07/2020) في 22/7/2020. القانون المطعون فيه ليس ملزماً للرئيس نواف سلام وحكومته لكنّه يعرض معايير تركّز على احترام التسلسل في ملاك الموظفين وتجنّب، قدر الإمكان، تعيين موظفي الفئة الأولى من خارج الملاك. ولا شك في أن غياب معايير واضحة وقانونية في آلية التعيينات الإدارية يفتح المجال واسعاً أمام الاعتبارات السياسية والخارجية والفئوية والطائفية والشخصية بينما المطلوب اعتماد معيار الكفاءة والنزاهة واحترام هيكلية وملاك الموظفين في مؤسسات الدولة.