IMLebanon

الرهان على المستقبل يتمحور حول ارتكاز الى قياس للقيمة عالميًا

 

قبل انقضاء الاسبوع الماضي انجزنا بحثين حول مستقبل النقود عاليًا وما اذا كان الدولار سيفقد دوره في تامين مصدر لاقناع الدول الاكثر تطورًا بجدوى الاستمرار في اعتماده، وقد ابدينا تخوفنا من فقدان الدولار لدوره، ووزيرة المال في الولايات المتحدة اعلنت مرارًا عن ضرورة اعتماد برامج تسمح باستمرار الاعتماد على الدولار لتمويل 60% من التجارة العالمية.

 

خلال المؤتمر الذي انعقد في الهند بمؤازرة من الصين اجتمعت اكثر من 20 دولة للبحث في مستقبل الاقتصاد العالمي والتحقت السعودية بالكتلة المجتمعية واعلنت برنامج لتنفيذ مسار عالمي يربط القارة الهندية ببلدان الشرق الاوسط يشابه طريق الحرير التي بدأ العمل على تنفيذها منذ سنوات. وبالمناسبة لا بد من الاشارة الى افتتاح منطقة تجارة وصناعة حرة في الطرف الجنوبي العربي للبحر الاحمر على مقربة من جدة والدمج بين المبادرات السعودية والصينية لاحياء هذه المنطقة وتنويع مناخ التشجيع على الاستثمار في عمليات الانتاج وتبادل المنتجات واعتماد عملة البلدين بين الصين والسعودية لتصفية الحسابات، وقد طالب الرئيس الهندي باعتماد سياسات الكتلة لتامين استمرار النمو.

 

نتوقف لنشير الى امر له دلالته للاقتصاد العاملي، رئيس وزراء بريطانيا الذي هو هندي ابن احد كبار رواد توسيع استعمال واعتماد الذكاء الاصطناعي اي Artificial Intelligence وقد حقق من تأسيس احدى اهم كليات هذا الاختصاص في الهند ثروة طائلة تقدر بالمليارات ووالد رئيس وزراء بريطانيا الهندي مقيم في كاليفورنيا وينعم بثروة طائلة، وهو يدعو الى تعميم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من اجل تامين مستقبل اكثر استقرارًا للازدهار والابتعاد عن المنافسات الضارة، ومن المؤشرات على هذا التوجه الاتفاقات التي عقدت ما بين السعودية روسيا خلال زيارة الرئيس بوتين للسعودية والامارات العربية مؤخرًا.

 

عام 2009 اصدرت كتابًا بتشجيع من رمزي امين الحافظ الذي يعتبر محور الاصدارات الاختصاصية والدراسات الكمية وكان عنوان الكتب بالإنجليزية: The Bear Turns Tiger, Russia’s Resurgence اي الدب الي انقلب نمرًا، انطلاق روسيا، وكان لمطبوعة InfoPro المصدرة من رمزي فضل نشر الكتاب الذي يقع في نسخته الانجليزية في 413 صفحة والكتاب يبين لكل من يراجع محتوياته ان روسيا تحتل موقعًا فريدًا في اهميتها للعالم، والواقع انها البلد الوحيد الذي يزخر بالبترول، والغاز، والمعادن الضرورية للانتاج النووي والمساحة الشاسعة التي قد تأوي بضعة

 

ملايين من البشر، وروسيا هي البلد الوحيد في العالم الذي يحوز كتلة مياه صافية يمكن ان تسهم في تفادي نقص توافر المياه عالميًا اذا شاءت، وبإرادة دولية تامين المياه لبلدان تعوز المياه حتى اكثر من النفط ولا شك ان الاتفاقات مع السعودية التي بدورها اكتشفت حقول غاز في الربع الخالي ستسهم في تعزيز توافر النفط والغاز لعقود مستقبلية اذا لم تواجه العالم حرب على اعتماد عملة مقبولة للتبادل العالمي.

 

لقد اخترنا بنهاية هذا العام المشحون بالحرب في اوكرانيا وانجاز دراستين تبينان امكانات المستقبل ان كان هنالك تراخي من الولايات المتحدة في محاولة السيطرة على مجريات الاقتصاد العالمي. والجدير بالذكر ان الاقتصادين الهندي والصيني تجاوزا استنادًا الى القدرة الشرائية حجم الاقتصاد الاميركي، ونمو الصين، والهند الذي يتراوح ما بين ال5 و6% سنويًا يفوق معدل نمو الاقتصاد الاميركي، وكان علينا استقراء وضع روسيا من اجل الاطمئنان للمستقبل او الوعي على اتخاذ خطوات تؤمن استقرار عملة دولية بدلاً من الدولار، الذي بدأت تذبذباته منذ عام 1971 واقرار نيكسون التخلي عن الاستناد الى الذهب على اساس سعر يبلغ 35 دولارًا للاونصة. واليوم نشهد تركيزًا للدول المؤثرة ومنها الصين والهند على الاستحواذ على الذهب، وهذا الامر العجيب لان العملات الذهبية رافقت ثمن التجارة العالمية منذ 200 سنة قبل الميلاد وكانت حركة التبادل التجاري ما بين الجزيرة العربية تمارس على نطاق واسع في ذلك الزمن من قبل فئات متعددة المذاهب والاصول التي كانت مستقرة في الجزيرة العربية.

 

ننتقل هنا الى مزايا الاقتصاد الروسي ومعطياته مستندين الى كتابنا المنجز عام 2009 والذي ترجم الى الروسية من قبل اكاديمية العلوم الروسية. تقديم الكتاب كان من قبل البروفسور فيتالي نومكين العالم الروسي الذي يعالج في الاكاديمية شؤون الشرق الاوسط ونلخص كلمة انهائه التقديم حيث يقول: «هذا الكتاب المستند الى مصادر موثوقة المنجز من مروان اسكندر يوفر معارف واسعة ويبين تطورات روسيا في السنوات الاخيرة…وهو يعتبر هذا الكتاب موسوعة لكل من يريد الاطلاع على التطورات الروسية وبالتأكيد سيعتمد في السنوات المقبلة كمصدر اساسي للاطلاع على اوضاع روسيا».

 

سكرتير وزارة الخارجية عهد الرئيس ترومان كان Dean Acheson الذي اعتمد منهج التشدد مع روسيا وخلال رئاسة ايزنهاور كان سكرتير الخارجية John Foster Dulles الرجل المتدين والذي كان مقتنعًا بتطوير معاهدات عسكرية القصد منها ضبط التوسع السوفياتي، ولبنان واجه خلال السنوات الاخيرة لعهد كميل شمعون وشارل مالك نوع من الثورة على توجه الرجلين للانضمام الى حلف بغداد، وهذا الامر لم

 

يحدث وانتهت سنة 1958 بانقلابات دموية في العراق الذي كان قرر الانضواء الى الكتلة الاميركية.

 

خلال عام 1956 احتلت القوات الفرنسية والبريطانية منطقة قناة السويس وانضمت الى البلدين اسرائيل، وكانت المبادرة دون استشارة الرئيس ايزنهاور الذي اجبر الفرقاء الثلاثة على الانسحاب من مصر، وهذا الامر شجع جمال عبد الناصر الذي كان مع رفاقه قد انجز انقلابًا على الملك فروق ان يتصدى لاسرائيل عام 1967 فواجه عبد الناصر، والرئيس الاسد، وملك الاردن خسارة واضحة وخسر بعد ذلك التاريخ عبد الناصر اهميته وتولج الرئاسة بعده انور السادات الذي حقق مع حافظ الاسد نجاحًا في عبور القناة واستعادة الجولان، لكن الجولان بقي بيد اسرائيل ويعتبر حاليًا من المناطق السياحية والمأهولة بالسوريين المنتمين الى عقيدة الدروز.

 

عام 1944 كان الحلفاء اصبحوا واثقين من ربح الحرب العالمية الثانية وفي بريتون وودز اجتمع زعماء الغرب مع جيرانهم وقرروا اعتماد نظام لتشجيع التجارة واعادة الاعمار يستند الى الدولار حيث العملة البريطانية والفرنسية لم تكن كافية لتمويل النمو الذي استند الى توافر الدولار الاميركي وتامين كميات كبيرة من النفط ومشتقاته وكانت الولايات المتحدة المنتج الاكبر للنفط ومشتقاته وصاحبة القدرة على طبع الدولارات وتامين قيمة لها في التجارة العالمية.