IMLebanon

تراشق الاتهامات الدولية.. ولبنان لا يملك حلاً ويدفع الثمن

لم تتردد «المرجعيات» الدولية العاملة على خط «الهدنة» في سوريا من ابداء «قلقها» جراء المخاطر التي تعرض ويتعرض لها وقف اطلاق النار.. وان جاء مشفوعاً بفسحة ضيقة جداً من الأمل في ان وقف النار هذا «لم يمت» وهو يحتاج لمنعشات تقوية وتوفر له عوامل البقاء والصمود، مقرونة باعتراف واضح وصريح من الرئيس الاميركي باراك أوباما، وهو على أبواب نهاية ولايته، «بعدم وجود حل عسكري في سوريا.. ولا بد من العمل على حل سياسي» مشفوعاً باعلان الخارجية الاميركية بأن «المجموعة الدولية لدعم سوريا تتفق على ضرورة استمرار وقف النار بموجب الخطة الاميركية – الروسية على رغم استمرار العنف..»؟!

تتبادل روسيا وأميركا الاتهامات.. وعلى ما يظهر فإن المسألة أبعد كثيراً من وقف اطلاق النار، وقد قالها الرئيس الاميركي بصراحة لافتة، وغير مسبوقة، ان «روسيا تحاول استعادة مجدها السابق من خلال القوة..» من غير ان يأتي على سيرة الولايات المتحدة وأدوارها على مساحة الكرة الارضية.. وقد خرج «صقور الادارة الاميركية» عن صمتهم ووزير الخارجية جون كيري سلم لهؤلاء «الصقور» بأن «التعاون مع موسكو ودمشق ليس مرغوباً به..».

الجميع يرمي المسؤولية علي الجميع.. وأعين ايران، كما أعين تركيا على سوريا وما تعنيه وما تشكله.. والدولتان ماضيتان في خياراتهما، الأولى مع بقاء الرئيس الاسد، والثانية «لا ترى امكانية لتحقيق سلام دائم في سوريا من دون الاطاحة بالاسد من السلطة..» ما يعزز استنتاجات خبراء استراتيجيين لجهة ان «وقف النار» او «الهدنة» ليس أكثر من محاولة «لأخذ النفس» والعمل على سد ثغرات وتعزيز القدرات للمضي في حرب، لم يعد لبنان قادراً على تحمل بعض نتائجها، وهو يرى الخطر بأم العين و»مهدد بالانهيار» على ما قال رئيس الحكومة أمام «المجتمع الدولي» عند حديثه عن مشكلة النازحين السوريين الى لبنان، كما واللاجئين، «ما لم يتم تدارك الوضع..»؟!

وسط هذه المشهدية الدموية – المأساوية التي تضرب «المشرق العربي» من أقصاه الى أقصاه، يمضي الافرقاء اللبنانيون، في غالبيتهم الساحقة، كل في خياراته، ولا يبالون بالمخاطر الحقيقية والجادة التي تهدد لبنان، وعلى كل المستويات سوى «النزوح السوري»، الذي بات على السنة كبار المسؤولين في الدولة، «يعرض لبنان للانهيار»، مشفوعاً بالتذكير باللاجئين الفلسطينيين، واستحضار تاريخهم في لبنان ليزيدوا من حجم المخاوف، والشد من العصبيات في مواجهة «النازحين» و»اللاجئين..».

ما حصل في دوحة عرمون من اطلاق نار في اشكال وتوقيف عدد من مطلقي النار وملاحقة آخرين نموذج لم يكن مفاجئاً لكثيرين، وقد تراكمت الأسباب والاشكاليات وهي مرشحة لأكثر من ذلك.. والمسألة لا تحل بتوقيف أفراد مهما كان عددهم.. فأكثر من ثلاثة ارباع العائلات السورية النازحة الى لبنان تعيش تحت خط الفقر، وبالحد الأدنى لضمان البقاء.. ما يعزز المخاوف الحقيقية من ان يكون لبنان مقبل على أيام بالغة الصعوبة والخطورة، وبدأ يعيش الحرب الكونية في سوريا على غير ما يشتهي ويتمنى ويرغب اللبنانيون.. وما يزيد من المخاوف ان غير منطقة مهيأة لمثل ما حصل في دوحة عرمون.

بديهي ان لبنان لا يملك حلاً.. وأي حل هو فوق قدراته وامكاناته، والخوف من «التجنيس» و»التوطين» فزاعة يراد منها صرف النظر عن الحلول الحقيقية التي تبدأ بوقف الحرب في سوريا والعمل على حلول سياسية بعيدة عن الحسابات والمصالح الدولية التي لا تقيم وزناً لمصالح الأمم والشعوب وحقوقها.. والمسألة ليست موقوفة فقط على تمسك الافرقاء اللبنانيين بالاستقرار المحلي السياسي والأمني، في وقت يذهب البعض الى استحضار «لغة الشارع» و»قلب الطاولة» و»تعطيل الحياة السياسية أكثر مما هي معطلة، واقفال الطرقات بالتظاهرات، في خطوات استعراضية، لا نتيجة محتمة لها سوى تعميق التشنجات..».

من أسف، ان البعض يرى في المناخات السائدة «فرصة العمر» التي قد لا تتكرر ليستعيد هذا الفريق وذاك دوره ومكانته.. والصراعات على من تكون له الامرة في هذه البيئة او غيرها، بلغت حداً غير مألوف، والجميع يتحضر وكأن المواجهات باتت أمراً محسوماً، والمسألة مسألة وقت، هذا في وقت تنازع الدولة، او ما تبقى منها، حيث فشلت حتى اللحظة، كل المساعي لانجاز التفاهمات او التوافقات على سلة حلول كاملة لمشكلات لبنان، تبدأ من رئاسة الجمهورية وصولاً الى الانتخابات النيابية مروراً بالحكومة وعلى من تستقر وكيف؟!