IMLebanon

رهان إيران على “الجمهوريّين” خطأ أم صواب؟

لم يتفاجأ متابعون أميركيون عن قرب بقرار المجموعة الدولية 5+1، وخصوصاً العضو الأبرز فيها أميركا، بتمديد المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية حول ملفها النووي الشائك، والعالق منذ سنوات عدة، سبعة أشهرٍ جديدة تنتهي أواخر حزيران المقبل أو مطلع تموز الذي يعقبه. فقد كانت المعلومات المتسرّبة عن المفاوضات تشير إلى تحقيق تقدّم حقيقي في موضوعات عدة، وإلى تعذّر التوصل الى تسويات لكل المشكلات التقنية كما سُمّيت قبل الـ24 من الشهر الماضي. لكنها كانت تشير إلى أمرين. الأول، إن احتمال التمديد تتصاعد نسبته بقبول أفرقاء التفاوض كلهم. والثاني، إن أحداً لم يعتبر ذلك نكسة أو مؤشراً الى عقبات كأداء ستؤدي إلى وصول المتفاوضين إلى طريق مسدودة. إلا أن ما فاجأ هؤلاء كان عدم ممارسة إيران الضغوط اللازمة أو بالأحرى عدم إفادتها من أجواء الانفراج التي بدت ثابتة من أجل انجاز الاتفاق قبل انقضاء المهلة. والدافع إلى هذا التفاجؤ معرفتهم كما كل العالم أن الاقتصاد والمالية الإيرانيين يعانيان كثيراً بسبب العقوبات المتنوعة المفروضة على الجمهورية الإسلامية، واستمرار انخفاض سعر النفط. وكان يفترض في ذلك أن يجعل المسؤولين الكبار فيها أكثر رغبة في التوصل إلى اتفاق يرفع العقوبات وإن جزئياً. وليس المقصود هنا أي اتفاق بالطبع. لأن طهران أثبتت أنها لا تُقدم على ذلك الا مضطرة. وهي حتى الآن لم تصل إلى هذا الحد رغم صعوباتها الكثيرة المعروفة. والدافع الآخر إلى التفاجؤ نفسه هو معرفة الإيرانيين أن الحزب الجمهوري سيسيطر على الكونغرس الأميركي بمجلسيه في الـ20 من كانون الثاني المقبل بعد الانتخابات النصفية الأخيرة. ويدفع ذلك إلى الاعتقاد، ونظراً إلى موقفه المتشدِّد من إيران، أنه سيعقِّد التوصل إلى الاتفاق النووي المتشدِّد أو سيجعل صعوباته كبيرة جداً أو كثيرة جداً، وذلك بممارسة ضغط شديد على الرئيس باراك أوباما لجعل الاتفاق مُحكماً بحيث يجد الإيرانيون أنفسهم عاجزين عن قبوله رغم الحاجة إليه. علماً أن هناك بعضاً من السياسيين والباحثين الأميركيين يميل إلى الاعتقاد أن ايران لا تنزعج من فشل المفاوضات لأنها لا تريد اتفاقاً في الأساس، لكنها تبدي بعض الليونة لدفع الحزب الجمهوري إلى ضرب فرص أي اتفاق محتمل، وتالياً لتحميل واشنطن بل الإدارة الأميركية كلها مسؤولية ذلك.

هل من معلومات جدية أخرى عن هذا الموضوع البالغ الأهمية، ولكن من مصادر غربية وعربية وإقليمية، من شأنها إلقاء بعض الضوء على هذا الموضوع الشائك الذي ربما يحدّد اتجاه التطوّرات السلبية الجارية في الشرق الأوسط منذ سنوات؟ إذ يدفعها أما نحو التسويات على صعوبة ذلك، أو نحو توسّع الانفجارات حيث هي الآن، ونحو انتشارها الى دول ومناطق أخرى.

يشارك بعض المصادر المذكورة أعلاه المتابعين الأميركيين شعور التفاجؤ المفصّل في مطلع “الموقف”. ذلك أن المعلومات التي توافرت لديه كانت تؤكد أن الاتفاق كان قريباً جداً من الإنجاز. لكنه يؤكد، أو بالأحرى يرجّح، أنه سيُنجز في الأشهر المقبلة رغم قلق يسبّبه له تصوّره للوضع داخل النظام الإيراني. فبعض المعلومات التي وصلت إليه تفيد أن الرئيس الشيخ حسن روحاني وإصلاحييه داخل النظام يفضّلون ربما استمرار المفاوضات “الناجحة” حتى عام 2016 موعد الانتخابات الرئاسية في ايران، وذلك كي يقطفوا ثمار الاتفاق في الانتخابات الرئاسية التي لا يشكّ أحد في أن روحاني سيخوضها. وبعض آخر من المصادر نفسها يعتقد أن الديموقراطي أوباما لن يعطي شيئاً، وأن الرهان على رئيس جمهوري قد يكون أفضل انطلاقاً من اعتبارات عدة ليس الآن مجال عرضها. لكنّ بعضاً ثالثاً من هذه المصادر يرى أن انتظار انتخابات رئاسة الـ2016 في غير محله لأن السنتين اللتين تفصلان عنه قد تحفلان بتطوّرات دراماتيكية لا يمكن التحكم فيها، وتالياً قد تدفعان المنطقة وأميركا وربما العالم نحو أوضاع خطيرة. ويرى ايضاً أن رهان إيران على الحزب الجمهوري في غير محله، ذلك أن اهتمامه انطلق دائماً من الأمن (Security) وأشعل حروباً، في حين أن المطلوب الآن إطفاء حروب وإن بالوكالة والتأسيس لسلام اقليمي ثابت. ويرى أخيراً أن إصلاحية روحاني ليست كإصلاحية خاتمي فهو جزء من النظام. ولا يجوز اعتباره والولي الفقيه خامنئي مختلفيْن حتى الصراع وربما الحرب على المفاوضات النووية. فهو لن يتابع المفاوضات إلا اذا استمر دعم خامنئي له، وذلك لا يزال متوافراً حتى الآن رغم أن تجاهل قوّة المتشدّدين جداً في أوساط رجال الدين وربما القوى العسكرية والأمنية الإيرانية امر غير جائز.