IMLebanon

إيران.. ولّى زمن الإمبراطوريّات!!

لن يمرّ كلام «علي يونسي» مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني مرور الكرام، بل على العكس سيثير زوابع في المنطقة وفي لبنان، لأن حجم خطورة ما قيل يؤكد كلّ الاتهامات لحزب الله وإيران من ورائه منذ 8 آذار العام 2005… «كل منطقة شرق الأوسط إيرانية»؛ لا يُفاجئنا هكذا كلام، فلطالما وعينا وحذرنا من أوهام إيران ومشروعها الشرق أوسطي لاستعادة «الإمبراطوريّة الفارسيّة»، عسى أن يُصدّق كلّ الذين كانوا يعتبرون أنّ في هذه الاتهامات «مبالغات»، وعسى أن يكفّ حزب الله وسواه عن «الكذب» ويدّعي أن إيران «حليفة» أو «صديقة للعرب»!!

«سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران»، بالطبع إيران لا تُدافع عن شعوب المنطقة بل هي تمعن في ذبح هذه الشعوب وتدمير أوطانها منذ ثمانينات القرن الماضي منذ تفجيرات لبنان والكويت انتهاء بالأعوام الماضية في سوريا إلى البحرين إلى اليمن… يكاد يظنّ قارئ كلام «علي يونسي» الذي أطلقه يوم الأحد الماضي ونقلته وكالة «إيسنا» بالرّغم من أنّ «زمن الإمبراطوريات ولّى وانقضى»: «إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، يكاد يظن قارئ هكذا كلام أن يونسي هو نفسه كلام «زكرويْه» أحد زعماء  ثورة الزنج التي أشعل الفرس نيرانها فدمّرت البصرة زمن الخلافة العباسيّة، عندما أوهم العامة الذين يتبعونه بأنّ علم التنجيم قد كشف له نصر عظيم يلقاه في «الموصل» ومدينة «الرحبة»: «تقاربت النجوم وحان أمرٌ/ قران قد دنا منه النذيرُ/ وبغداد فليس بها اعتياص/ على أمري وليس لها نكيرُ/ أُصبِّحها فأتركها هشيماً/ وأحوي ما حوَتْه بها القصور»!!

هذه العنتريّاتُ الإيرانيّة تأتي في لحظة تكاد فيها إيران: تتوسّل» رفع العقوبات عنها مقابل وقف برنامجها النووي للسنوات العشر المقبلة، وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم في منشآتها، وتقليل عدد أجهزة الطّرد المركزي، وأبرز هذه الإشارات إزالة البنك المركزي الإيراني شعار النووي عن ورقة مالية جديدة أصدرها من فئة 50 ألف ريال، التي وصفها بـ»الشيك» ووضع عليها صورة لمدخل جامعة طهران عوضاً عن شعار النووي…

وبالعودة إلى كلام علي يونسي الذي ذهب في كلامه أبعد ممّا ذهب إليه مرشد الجمهورية علي الخامنئي أو الخميني قبله، وقد احتاج المرشدان إلى الإسلام والقدس غطاءً لمشروعهما الخطير، إذ قال يونسي:»إيران تنوي تأسيس «اتحاد إيراني» في المنطقة، ولا نقصد من الاتحاد أن نزيل الحدود، ولكن كل البلاد المجاورة للهضبة الإيرانية يجب أن تقترب من بعضها بعضا، لأن أمنهم ومصالحهم مرتبطة ببعضها بعضا(…) أمّا أخبث ما قاله يونسي: «لا أقصد أننا نريد أن نفتح العالم مرة أخرى، لكننا يجب أن نستعيد مكانتنا ووعينا التاريخي، أي أن نفكر عالمياً، وأن نعمل إيرانياً وقومياً»!! منذ نهضت فارس قديماً وإيران حديثاً لهدم المنطقة العربيّة، بل أذهب أبعد من هذا وأقول سعت لهدم الإسلام وإحلال «التشيّع الفارسي» محلّه، لم تبلغ يوماً غايتها منذ ذهب بعض المؤرخين ـ ونحن نوافقهم الرأي ـ بأنّ أول أعمال الشعوبية الفارسية هو اغتيال أبو لؤلؤة المجوسي [بابا شجاع الدين فيروز أبو لؤلؤة وقبره يُزار في إيران ويحتفلون عنده كلّ عام بما أسموه افتراءً وزوراً على السيدة فاطمة الزّهراء عليها السلام، «أفراح الزهراء» بمقتل «الطاغوت» عمر] للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه انتقاما للدولة الساسانية التي هُزمت وزالتْ في عهده، وإلى الأبد، كما تدخلوا في الصراع بين الأخويْن الأمين [ابن العربية] والمأمون [ابن الجارية الفارسية مراجل]، حين استعان بهم المأمون ضد أخيه، وجعل منهم قادة الجيش. وكان للشعوبية دور في إنشاء الفرق الباطنية كالقرامطة الذين ذبحوا الحجيج واقتلعوا الحجر الأسد واقتلعوا باب الكعبة، والنصيرية وغيرهم.

ولّى زمن الإمبراطوريات، وإمبراطوريّة كسرى بشّر النبي صلوات الله عليه بتمزّق ملكها وبـ «هلاك» كسرى، وفي الحديث الشريف: «هلك كسرى ولا كسرى بعده»، وهنا نودّ أن نضع بين يديْ القارئ ما وثّقه الدكتور علي شريعتي عن الحركة الصفويّة متطرقاً إلى استنادها إلى مبدأ «الشعوبية»: «وبغية ترسيخ أفكارها وأهدافها في ضمائر الناس وعجنها مع عقائدهم وإيمانهم عمدت الصفويّة إلى إضفاء طابع ديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعاناً في التضليل ليتمخض عن ذلك المسعى حركة شعوبية شيعيّة، مستغلة التشيّع لكي تضفي على الشعوبية طابعاً روحياً ساخناً ومسحة قداسة دينية، ولم يكن ذلك الهدف الذكي متيسراً إلا عبر تحويل الدين الإسلامي وشخصية محمّد وعليّ إلى مذهب عنصري وشخصيّات فاشية، تؤمن بأفضليّة التراب والدّم الإيرانيّ والفارسيّ منه على وجه الخصوص». ونقع على خلاصة قول شريعتي، في أبياتٍ قالها في العصر العبّاسي الشاعر بشّار بن برد «الفارسي» الأصل من «وهو من سبي طخارستان»:

«إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم/ فتبيّنوا يا معشْرَ الفُجّارِ/ النارُ عنْصُره وآدمُ طينةٌ/ والطينُ لا يسمو على النارِ»!!