IMLebanon

عن إيران «أكبر دولة» راعية للإرهاب

بعيداً عن «الهَوَس» السياسي اللبناني بحثاً عن قانون لانتخابات في «اللحظة الأخيرة»، استوقف كلّ المترقّبين المتهيّبين لمرحلة «دونالد ترامب» وصف وزير دفاعه «الكلب المجنون» الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس لإيران بأنها «أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم»، وكلام ماتيس وإن كان حقيقيّاً وهو الوصف الأدقّ لإيران بل هي تفوق وصف «الكلب المجنون» في باعها الطول والقديم في نشر الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة طوال اثنتين وأربعين سنة ومنذ «رعاية» أميركا لعودة الخميني ومصادرته السلطة في إيران!!

وصف جيمس ماتيس صحيح أنّ إيران اليوم هي «دولة الإرهاب» في المنطقة، وهي تمارس منفردة «إرهاب دولة» في طول المنطقة وعرضها، ولكن الصحيح أيضاً أنّ إيران مدرجة منذ 19 كانون الثاني 1984 على لائحة الولايات المتحدة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وهي تسمية تطلقها وزارة الخارجية الأميركية على الدول التى قدمت مراراً وتكراراً الدعم لأعمال الإرهاب الدولي، فعقدا الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي شهدا موجة من عمليات الخطف والتفجيرات والاغتيالات التي استهدفت أهدافا عربية وغربية، ووقع الكثير من تلك الأحداث في لبنان ودولٍ عربية أخرى منها لبنان والسعودية والكويت والبحرين نسب غالبها إلى حزب الله ذراع إيران العسكريّة في زعزعة المنطقة، وطاول كثير من هذه التفجيرات مصالح أميركيّة حساسة ومهمّة جدّاً…

كلام الوزير ماتيس صحيح والصحيح أيضاً أن رئاسات أميركية متعاقبة ديموقراطيّة وجمهوريّة منذ رونالد ريغان وتاريخ 4 تشرين الثاني عام 1979، التاريخ الذي اقتحم فيه خمسمئة من الحرس الثوري الإيراني (قيل يومها أنهم تلامذة جامعة) مبنى السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا تسعين من الموظفين والزوار كرهائن بقي منهم اثنان وخمسين أميركياً لمدة 444 يوماً في الأسر الإيراني، وطالبت إيران برفع الحظر عن الأصول الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة وقيمتها 24 مليار دولار كشرط لاطلاق سراح الرهائن، وطالبت بتسليم الشاه إلى ايران، وأخيراً وافقت إيران بقبول مبلغ 8 مليارات دولار من الأصول المجمدة في مقابل إطلاق سراح الرهائن… وتلا هذه الأزمة الكشف عن فضيحة استيراد سلاح لإيران من إسرائيل في وقت كانت تخوض فيه حرباً مدمرة على العراق…

كلام ماتيس «الكلب المجنون» صحيح ولكن الصحيح أيضاً أن الجمهوري جورج بوش الإبن دمّر المنطقة منذ شنّ حربه على أفغانستان ثم العراق تحت عنوان الحرب على الإرهاب وتنظيم القاعدة بتعاون شديد من إيران التي فتحت له الممرات إلى هذه الدول ومناطقها، وفيما بعد كانت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس تصرح قائلة: «إيران هي الدولة التي تعد من عدة أوجه بأنها البنك المركزي للإرهاب في مناطق مهمة في منطقة الشرق الأوسط مثل لبنان من خلال حزب الله، ولدينا مخاوف عميقة حول ما تفعله إيران في جنوب العراق» [2007/08/04]…

وفي وقت لم تكترث الولايات المتحدة في حقبة باراك أوباما من مفاوضة إيران وتوقيع اتفاقية معها فيما كان القضاء الأميركي يخلص إلى علاقة مؤكدة لإيران باعتداءات 11 أيلول العام 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة  فتصدر محكمة فيدرالية في نيويورك حكمها تغريم إيران 10 مليارات ونصف المليار دولار بسبب تورطها في دعم منفذي هذه الاعتداءات من عناصر «القاعدة»!!

إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، ولكنّنا حتى الساعة لم نجد لها حليفاً خدمها وتركها تحقّق مآربها في المنطقة العربيّة مثل أميركا، أميركا تحديداً التي فجّرت إيران سفارتها في بيروت عام 1983، وفجّرت مقّر جنودها وفجر جيشها قوات المارينز في صباح خريفي عام 1983، ومع هذا لم «ترشق» أميركا إيران بوردة…

«الكلب المجنون» عوى، جلّ ما نتمنّاه أن تصدق الدول العربيّة خصوصاً دول الخليج العربي هذا العواء، وأن تصدّق أنّ إدارة ترامب قد تفعل شيئاً لتخليص المنطقة من إيران وشياطينها وعصاباتها وميليشياتها الثلاثين التي تذبح الشعب السوري يومياً برعاية أميركيّة ـ روسية، هذا «البيزنس مان» يريد استنزاف ما تبقّى من اقتصاد العالم العربي، منذ أعادت أميركا في شباط العام 1979 الخميني إلى إيران ليشنّ حربه المستمرة على العرب منذ العراق وحرب الخليج الأولى والثانية، عسى أن لا يصدّق الحكّام العرب أكذوبة أنها «الحليف» الأول لأميركا في المنطقة!!