IMLebanon

إيران ولبنان.. والمقاومة «فوق الأولويات»

المحور الرباعي» يستعجل الإنجازات الميدانية

إيران ولبنان.. والمقاومة «فوق الأولويات»

بمعنويات «نووية»، رجع مسؤول لبناني من إيران، «دخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ، وصارت إيران محجّة للعالم والمستثمرين.. والآتي أعظم اقتصادياً».

قيل له هناك: «المنطقة تتغير، الجغرافية التكفيرية تتقلّص في سوريا، الروس يتقدمون، الأميركيون إما مربكون وإما مترددون، وفي أحسن الحالات موقفهم ملتبس، وأما الخليجيون فهم في ضياع غير مسبوق، خسروا رهانهم على سقوط سوريا، خذلتهم موسكو، وبشار الأسد باق».

يقول المسؤول المذكور «تبدو طهران وكأنها هي غرفة عمليات الميدان السوري، الروس موجودون، وهنك قرار كبير بالحسم السريع في سوريا، حجم المشاركة العسكرية الإيرانية ضخم، وقاسم سليماني مرابط هناك. سمعت من الروس أن حضورهم العسكري كبير جداً، هم متحكمون جوًّا، متأهبون برًّا، وكذلك بحراً، كان أسطولهم في قزوين، والآن صاروا في البحر المتوسط وعلى مقربة من الساحل السوري، ولم يعودوا في حاجة الى أذونات لعبور الصواريخ».

«الموقف العسكري سيتدحرج أكثر في الأيام المقبلة»، يضيف المسؤول اللبناني، الروس يريدون انتصاراً سريعاً، وحدة الأراضي السورية هي الأساس، أَحدَثوا تغييراً كبيراً على الارض، أسقطوا معادلات، ضربوا الدور التركي وأسقطوا المنطقة العازلة، ضربوا الدور الخليجي وأفقدوه فعاليته في سوريا، والسعودي «حُبس» في اليمن».

استعجال الروس يقابله استعجال إيراني أيضاً، يتابع المسؤول اللبناني، قال لي الإيرانيون إن لبنان والمقاومة «فوق كل الأولويات»، وحضورهم العسكري في سوريا ليس لحمايتها بقدر ما هو حماية للبنان والمقاومة، فهم لا يريدون أن يكون لبنان ضعيفاً. والأهم أن في عمق العقل الإيراني اهتماماً كليًّا بـ «المحور الرباعي» الممتد من لبنان الى سوريا الى العراق فإيران. الانتصار في سوريا ملحّ، لكن ليكتمل لا بد من الانتصار في العراق أيضاً، فبدون ذلك تبقى العبوة مزروعة في الخاصرة العراقية لإيران، وقابلة للانفجار في أي وقت».

ولكن هذا الاستعجال المزدوج، يضيف المسؤول اللبناني، قد لا يُكتب له أن يسلك طريق الحسم السريع، كما يرغب الروس والإيرانيون، فثمة ريبة كبرى من الموقف الأميركي وما قد تبيّتُه واشنطن في مواجهة الزحف الروسي ـ الإيراني مع «حزب الله» في سوريا.

ما نقله المسؤول اللبناني من طهران، يلاقي التطورات المتسارعة في الميدان السوري: مسلسل المفاجآت الذي توالى، من «عاصفة السوخوي» وتعديلها الموازين العسكرية لمصلحة النظام السوري، الى الحيوية القتالية التي برزت من جديد لدى الجيش النظامي، الى الزيارة الخاطفة للرئيس بشار الأسد الى موسكو ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. المسلسل مستمر، ولعل أخطر فصوله، هو ما تردّد عن كشف خطة عسكرية لإسقاط دمشق، عبر هجوم واسع عليها، بالتزامن مع عملية «إشغال» القوات البرية (الجيش السوري وحزب الله والحرس الثوري) وإعاقة تقدمها في الشمال السوري.

وفي التفاصيل، حسب مصادر واسعة الاطلاع، أن طرف خيط الخطة، تبدَّى مع رصد مكالمة هاتفية لمسؤول أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة يتحدث فيها عن تسلمهم كميات كبيرة من صواريخ «تاو». ثم يضيف: لقد حشد الأسد والإيرانيون و «حزب الله» قوات كبيرة لمهاجمة الشمال وتحديداً إدلب وجسر الشغور. ومع ذلك، اطمئنوا، معنوياتنا عالية، ونحن نحضّر لهم مجزرة الـ «تاو».. فانتظروا قليلا لتروا بعيونكم.

أثار هذا الاتصال أسئلة عدة: كيف وصل «التاو» الى ايدي المجموعات المسلحة؟ ومتى وأين سيستخدم؟ ولماذا ألغى الأميركيون القيود التي كانوا يضعونها على هذا النوع من الأسلحة؟ ولماذا سمحوا بإيصاله بكميات كبيرة الى ما يسمونها «المعارضة المعتدلة» في سوريا، بعدما كانوا يحظرون ذلك، ويسمحون فقط بكميات قليلة جداً؟ ولماذا فتحت السعودية مخازن «التاو»؟

سرعان ما أتى الجواب: لقد قررت السعودية الدخول في مواجهة مباشرة مع الروس، وذلك غداة اللقاء الفاشل قبل عشرة أيام بين الرئيس الروسي وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي المعلومات أن محمد بن سلمان استنجد بالرئيس الروسي لإيجاد حل سياسي في اليمن يلبي أهداف الحملة العسكرية السعودية، وفي موازاة ذلك إيجاد حل في سوريا يستبعد الرئيس بشار الأسد في نهاية المرحلة الانتقالية.

اما جواب بوتين على ما طرحه ولي ولي العهد السعودي، فقد اتسم ببرودة كبيرة فاجأت ضيفه، حيث رد بوتين بما فحواه: «لقد سبق لنا أن عرضنا عليكم تشكيل ائتلاف ضد الإرهاب وقد وافقت السعودية على ذلك، كما أن روسيا حذرت أكثر من مرة من الإرهاب والخطر الذي يمثله على الجميع، وقلنا لكم إنْ لم نسارع الى ضرب هذا الإرهاب في سوريا، فإنه سيصل اليكم وسيضربكم في عقر داركم. أما الآن، فقد أصبحت قواتنا موجودة مباشرة في سوريا، وبناء عليه يؤسفني أن أقول لكم لقد فات الأوان».

بعد هذا اللقاء، اتخذت المملكة قرارها بالمضي في المواجهة، وقد تم التمهيد لذلك أولاً بالحملة الإعلامية ضد التدخل الروسي، وثانياً بالإصرار على التصعيد السياسي والقول أنْ لا مستقبل لبشار الأسد في سوريا، وثالثاً بمحاولة تطييف التدخل الروسي، وتصويره على أنه حملة صليبية ضد المسلمين تتطلب جلب المقاتلين الجهاديين من كل أنحاء العالم الى سوريا تحت عنوان مواجهة الصليبيين.

وجدت السعودية استجابة من تركيا وقطر، إلا أن اللافت للانتباه هو موقف الإمارات العربية المتحدة التي نأت بنفسها عن هذا التحالف وانحازت الى الموقف المصري «المتفهم» للموقف السوري.