IMLebanon

نجاح التقارب الإيراني ــ الأميركي والإيراني ــ السعودي ينعكس إيجاباً على عمل الحكومة

 

 

تُواجه «حكومة معاً للإنقاذ» تحديّات عدّة وسط تفاقم الأزمات أكثر فأكثر مع ارتفاع سعر النفط عالمياً، وعودة الدولار الأميركي الى الإرتفاع في السوق السوداء. غير أنّ الحركة التي تقوم بها دول الجوار، لا سيما في قطاع الكهرباء بهدف تأمينها من الأردن الى لبنان مع بداية العام المقبل، فضلاً عن دول الخارج عن طريق إرسال موفديها تِباعاً الى بيروت، فتُظهر مدى الإهتمام الإقليمي والدولي بدعم لبنان ومساعدته للخروج من الإنهيار، وتخطّي الصعوبات. وتجلّى ذلك بوضوح من خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى لبنان، ولقاءاته مع الرؤساء الثلاث ونظيره اللبناني، والذي يعقد اليوم الجمعة مؤتمراً صحافياً في اختتام زيارته، أنّ بلاده لن تتخلّى عن لبنان وعن مساعدته في قطاعات عدّة، شرط أن تطلب منها الحكومة اللبنانية ذلك، مبدياً استعدادها لإعادة تأهيل مرفأ بيروت بعد الدمار الذي لحق به جرّاء انفجار 4 آب 2020.

 

ووسط الخضّات التي يعيشها اللبناني من فقدان البنزين الى أزمة الدواء والإستشفاء وعدم القدرة على دفع الأقساط المدرسية وسائر الفواتير التي ارتفعت بشكل جنوني، أكّدت أوساط ديبلوماسية مطّلعة أنّ دول الخارج من خلال حركتها السياسية والديبلوماسية تجاه لبنان تؤكّد على عدم تركه وحيداً فيما يعانيه من أزمة إقتصادية ومالية غير مسبوقة. فالمحادثات لتحقيق الإصلاحات المطلوبة التي يجريها الموفد الفرنسي المفوّض متابعة مقرّرات مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان بيار دوكان في بيروت هذه الأيام، تمهيداً لإطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تدلّ على أنّ فرنسا تقف الى جانب لبنان لانتشاله من أزمته المتفاقمة. كذلك فإنّ انفتاح مصر والأردن على لبنان لاستجرار الغاز والطاقة عبر سوريا، بيّن أيضاً مدى اهتمام دول الجوار الشقيقة والصديقة بمدّ يدّ المساعدة للبنان. وقد أعلنت وزير الطاقة الأردنية هالة زواتي أخيراً بأنّ «مدّ لبنان بالكهرباء من الأردن سيحصل في بداية العام المقبل»، أي بعد ثلاثة أشهر».

 

أمّا زيارة وزير الخارجية الإيراني التي أشار خلالها الى أنّ بلاده «ستقف بحزم الى جانب لبنان لكسر الحصار القائم عليه»، وأنّ «الشركات الإيرانية مستعدة لبناء معملين للطاقة الكهربائية خلال 18 شهراً فقط»، كما أنّ بلاده «مستعدة لإعادة تأهيل مرفأ بيروت إذا ما طلب لبنان ذلك منها»، فصبّت في الإطار نفسه، على ما عقّبت، إذ جدّدت وقوف إيران الى جانب لبنان والتأكيد على أنّ لبنان لن يُترك وحيداً.

 

ولفتت الأوساط نفسها الى أنّ نجاح المفاوضات الإيرانية – الأميركية من جهة، كما التقارب الإيراني – السعودي من جهة ثانية، من شأنهما أن ينعكسان إيجاباً على لبنان في مختلف القطاعات. فمدّ يد إيران للبنان في مجال تأمين المحروقات والطاقة وتقديم اقتراح مشروع لإعادة تأهيل مرفأ بيروت وسوى ذلك، من دون أي اعتراض أميركي أو سعودي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على لبنان، وأن يُسهِّل العمل على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تودّ الانفتاح على كل الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، كما الأجنبية للحصول على أكبر دعم دولي يؤدّي الى انتشال لبنان من القعر.

 

وتقول الاوساط بأنّ الدول الخليجية، ولا سيما السعودية، غير مستعدّة لتقديم أي قرش لحكومة ميقاتي، وقد سمعنا ما قاله الأمير محمد بن سلمان في هذا الإطار، ولا حاجة لتكراره. ولهذا يعوّل لبنان على نجاح التقارب الايراني – السعودي كونه يدفع هذه الأخيرة الى مدّ يدّ المساعدة للحكومة الحالية. وقد أكّد عبد اللهيان من بيروت أنّ بلاده ستُقدّم أي مساعدة للبنان لكسر ما وصفه بالحصار المفروض عليه، في حال طلب منها ذلك. في الوقت الذي يدعم فيه لبنان كلّ الجهود التي تُبذل لتعزيز التقارب بين دول المنطقة لما فيه مصلحتها جميعها.

 

غير أنّ أكثر ما تخشاه الأوساط عينها هو ما تواجهه حكومة ميقاتي لجهة عمرها القصير وعدم توافر الإمكانات حتى الآن، رغم الدعم الإقليمي والدولي الذي تحصل عليه. فهذان الأمران من شأنهما إعاقة مهامها وتحقيقها للإنجازات المطلوبة أو المتوقّعة منها. ولهذا عليها تسريع خطواتها كونها لا تملك ترف الوقت، خصوصاً وأنّ أي مشروع يتطلّب أشهراً ليصبح حقيقة واقعة. كما أنّه عليها تأمين السيولة الكافية لإنجاز المشاريع المتعلّقة بالبنى التحتية وحلّ المشاكل القائمة على جميع الأصعدة. علماً بأنّ صندوق النقد الدولي هو أحد أبرز عوامل تأمين الأموال، غير أنّ هذا الصندوق يضع شروطاً قد لا تكون الحكومة قادرة على تنفيذها، إذ قد تواجهها بعض الاعتراضات من بعض القوى السياسية.

 

وذكرت الاوساط أنّ صندوق النقد الدولي يُطالب الحكومة بأمور ثلاثة أساسية هي: أولاً، قانون الشراء العام الذي بدأ العمل به. وثانياً، إستقلالية القضاء والتي يُظهر أداء المسؤولين اللبنانيين حتى الآن أنّهم لا زالوا يتدّخلون فيه لتصفية الحسابات السياسية والإنتخابية، ولا سيما فيما يتعلّق بالتحقيق في انفجار مرفا بيروت الذي لم يصل الى أي خيط، ولم يضع أي قرار ظنّي رغم مرور أكثر من عام على وقوعه. وثالثاً، الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ونجد بأنّ ثمّة بعض الشروط الموضوعة والتي تحول دون تشكيل هذه الهيئة حتى الآن. علماً بأنّ ملف الكهرباء هو الوحيد الذي يُعمل على حلحلته بعض الشيء بالإتفاق مع الأردن، لكن الإجراءات التي ستعتمد لن تكون حلولاً جذرية إلا في حال استكمالها عن طريق تنفيذ خطّة شاملة للكهرباء.

 

ونصحت الأوساط نفسها جميع المسؤولين بالتخلّي عن مبدأ المحاصصة، لكي تتمكّن حكومة ميقاتي من أن تفعل شيئاً خلال عمرها القصير الذي ينتهي بعد نحو ثلاثة أو أربعة أشهر سيما وانّ البلاد ستدخل في مرحلة الإنتخابات النيابية، ما يجعل الإنجازات المطلوبة منها تتراجع بفعل تقدّم الإنتخابات. علماً بأنّه سيكون مطلوباً منها في الوقت نفسه، تأمين الخدمات الملحّة للمواطنين لكي تحدّ بعض الشيء من شراء الأحزاب السياسية لأصوات الناخبين مقابل تقديم احتياجاتهم ومستلزماتهم اليومية.